الوشم في التراث الشعبي الجولاني
القنيطرة – محمد الحُسَين:
كان الوشم من زينة المرأة الجولانية، فأغلب نساء الجولان كُنّ يعتمدن الوشم مظهراً للزينة والجمال، وكانت نساء الغجر (النَّور) بارعات في وشم الفتيات غير عابئات بمخاطره الصحية، لأن عملهن يفتقر للتعقيم والنظافة.
فقد كانت الغجرية الواشمة تقوم برسم الوشم المرغوب فيه من الفتاة على وجهها بلون أزرق مظهرة براعة مدهشة، وتبدأ بحفر الوشم بسبع أبر خياطة صغيرة حتى تسيل الدماء، ليبقى الوشم ظاهراً بلون أزرق جميل لا يزول أبداً، ويستخدم في الوشم الحبر الصيني والفحم المذاب بالماء و”النيل الأزرق” الذي يخلط مع قماش محروق وحليب وماء.
ولابدّ من الاعتراف بخبرة الواشمات اللواتي يمتلكن خبرة طبية وفنية، فضلاً عن الدُّربة والجرأة التي تمكنهن من القيام بهذا العمل، الذي يبدو بعد أن تلتئم الجراح لوحة فنية خلابة ساحرة، ولا يقتصر الوشم على المرأة، فثمة رجال موشمون، لكن بشكل أقل وضوحاً وانتشاراً مقارنة مع المرأة، كما يتجاوز الوشم الوجه لليدين والرجلين، حيث يمكن الحديث عن أشكال الوشم الآتية:
– النقطة الزرقاء: وتُسمّى الدّق للمرأة. وهي نقطة زرقاء فوق أنفها وفي منتصف الجبين وعلى الخدين وأسفل الذقن .
ويكتفي الرجل بنقطة زرقاء على الأنف، ويزيد بعضهم على الخدين، ويوصف الرجل الموشوم بأنه (مردوع، مُردّع).
– الحجاب: مثلث متساوي الساقين مسنن الأضلاع بين حاجبي المرأة.
– الدّقة: دائرة صغيرة في وسطها نقطة على الوجنتين.
– السيِّالة: خط يمتد من منتصف الشفة السفلى إلى الذقن.
– الأساور: دق حول رسغي المرأة ، كأساور الذهب.
– الحُجول: دقٌ حول كعبي المرأة تقليداً للخلخال.
أما الهدف الرئيس من الوشم فهو الزينة والجمال، إضافة لتقليد البنات الفتيات الأكبر سناً، وهناك من يشير للون الأزرق الذي يعني في المخزون المعرفي والذاكرة الشعبية الجولانية الوقاية من الحسد وإبطال ضرر العين الحاسدة، والوقاية من الأمراض الجلدية.
كما إن الحناّء من أدوات الزينة والتجميل التي استخدمتها المرأة الجولانية، فخضّبت يديها وقدميها وشعرها، ويكثر استخدام الحناء في المناسبات، وخاصة الأعراس، حيث هناك ليلة تسمى (ليلة الحنة) يرافقها الرقص والغناء.
والحناء مادة لونية تستخرج من الشجرة (لاوسونيا افرفيس)، بعد أن تجفف أوراقها وتنقع مع الليمون، في ماء مغليّ ثم يضاف إليه الشاي فيقترب بلونه من البرتقالي الغامق.
وتتزين المرأة والرجل بالكحل على حد سواء، والكحل هو الأثمد يسخن وينخل بقطعة قماشية بيضاء ناعمة جداً، ويُمزج ببعض الأصبغة ثم يوضع بمكحلة فيها ميل رفيع تخطط به العينان والحاجبان.
أما المشاقة فهي بقايا شعر البنت، حيث يتم غزله على شكل خيط ويخلط مع شعر الماعز الأبيض الناعم والمرأة تصنع له (شراشيب) تعلقه بالخيط المغزول وتضفره مع شعرها أربع ضفائر صغيرة خلف الأذن ويسمى (قراميل).