أدنى معالجة تستهلك كامل راتب الموظف.. وجع «الضرس» بات أهون من وجع الجيب

تشرين- إلهام عثمان:
يواجه العديد من الأشخاص, تحدياً كبيراً في الوصول إلى الخدمات الطبية السنية, لارتفاع تكاليفها, ما يدفع الكثيرين إلى تجاهل الألم والعيش في حالة من الضعف والضيق، خاصة ذوي الدخل المحدود.

80% ممن يعالجون أسنانهم يعتمدون على الحوالات

أسباب
إلّا أن لفقدان الأسنان أسباباً مختلفة وخاصة في أيامنا الحالية نتيجة الأوضاع, والتي انعكست بشكل سلبي على المواطن في جميع الاتجاهات، وأهم هذه الأسباب: سوء التغذية و عدم القدرة على تزويد الجسم بالكالسيوم الضروري والمهم لدعم بنية الأسنان وكامل الهيكل العظمي, حيث يعد الحليب ومشتقاته أهم تلك الدعائم, أو قد يكون نتيجة إهمال في النظافة اليومية, أو ربما استخدام “خاطئ للأسنان” ككسر الأشياء القاسية جداً كالجوز مثلاً, أو بسبب ضيق الوقت نتيجة الأعمال اليومية والإضافية، أو عدم القدرة على مراجعة الطبيب المختص إلّا للضرورة القصوى.
فجوة
“تكمن المشكلة الكبيرة في الفجوة ما بين دخل البعض من محدودي الدخل كالموظفين والإنفاق”, ولا سيما أن الشريحة الأكبر والأساسية من الموظفين في العام والخاص في المجتمع السوري تعتمد بشكل أساسي في دخلها على ” الراتب “, هذا ما صرّح به اختصاصي طبب الأسنان الدكتور رفيق الحلبي، من خلال حديثه لـ”تشرين”, والذي أكد أن راتب الموظف يبلغ وسطياً مابين 350-400 ليرة سورية، وهو إجمالاً لا يغطي أساسيات المعالجات السنية, مبيناً أن المعالجة اللبية أو قطع الأعصاب هي معالجات ضرورية للأسنان عند الألم, لكن تبدأ تكلفتها من 350- 400ألف ليرة وما فوق، وهنا يقف البعض من محدودي الدخل عاجزين ما بين تأمين مستلزمات الحياة اليومية، أو وضع كامل الراتب بغية العلاج, أما في حال استدعى الوضع لتتويج وتلبيس السن فإن ذلك له حسبته, لكن إن رغب شخص ما في عملية تجميل للأسنان، فإن ذلك له حكاية أخرى.

الحلبي: الحل بتشميل المعالجات السنية بمنظومة التأمين الصحي مقابل هامش معين شهري أو سنوي

ويقول: نشعر أن الأسعار مرتفعة لمجرد مقارنتها بالراتب المنخفض، لكنها منطقية مقارنة بقيمة الليرة، والأمر غير المنطقي تماماً هو الدخل، مطالباً بتشميل المعالجات السنية في منظومة التأمين الصحي، مقابل هامش معين بشكل شهري أو سنوي على راتب الموظف أو بتخصيص مبلغ من التأمينات الاجتماعية للمعالجات السنية منها، و ليست التجميلية، وذلك تحت عباءة التخفيف من العبء الكبير الذي يتحمله المواطن.

محمد: لا يمكن تشميلها في التأمين الصحي

لا يمكن تشميلها

مدير عام هيئة الإشراف على التأمين الصحي الدكتور رافد محمد، بين أنه من غير الدارج تغطية المعالجات السنية ، ويعود السبب لارتفاع كلفتها التأمينية، لا سيما أنها تحتاج قسط تامين سنوي يقارب 40% من قيمة التغطية المطلوبة حسب رأيه، مما يجعل المعالجات السنية غير مغطاة، والسبب الأساسي فيها هو تكرار و كلفة هذه المعالجات أساساً.
وعن سؤالنا، ما هي المنتجات الجديدة في التأمين الصحي خلال الفترة القادمة ؟ المنتحات الجديدة:
أوضح محمد أن الهيئة والاتحاد السوري لشركات التأمين يقومان وفي إطار عمل اللجنة الفنية للتأمين الصحي بالاتحاد، والتي تضم ممثلين عن عدد من الشركات، بدراسة طرح منتج تأمين صحي بتغطيات محدودة، بحيث يراعي ارتفاع الكلف الطبية، كما تقوم الشركات بتنويع عروضها بما يوائم متطلبات المجتمع وتطوير منتجاتها و عروضها بشكل مستمر.

الطبيب في حيرة
بيّن الحلبي أن 90% من الأشخاص يحاولون مزاولة أعمالاً إضافية لسد مقتضيات الحياة، ويلجؤون للعمل في القطاعات الخاصة إضافة لعملهم الأساسي ” الوظيفة”، إلّا أنه رغم ذلك نجد أن الوارد المادي لا يغطي أساسيات الحياة, ووفق رأيه فإن المعالجة السنية خارج نطاق تحمل الكثيرين من ذوي الدخل المحدود, حتى لو كانوا يعملون بـ”دوامين”, وهذا فعلاً مشكلة لا حل لها, لكون الدخل ضعيفاً، لذا فالمعالجات هنا “مختصرة” على الأشياء المؤقتة وقصيرة الأجل, ليؤكد الحلبي من جديد أن الطبيب يقع في حيرة, ولاسيما أن مواده الطبية أسعارها مرتفعة, وأنه عند وضع هامش ربحي لنفسه، يصبح المبلغ كبيراً بالنسبة للفرد مهما كان دخله، فهو خارج دائرة تحمله واستطاعته.

الحلبي: المندوبين يستوردون المواد السنية قبل انتهاء صلاحيتها بفترة ٦ أشهر

مهنة إنسانية
كيف يتم التعامل مع المرضى الذين يملكون القليل من المال؟، سؤال وجهته “تشرين”، ليوضح الحلبي أن الأغلبية من مرضاه لديهم من يقوم بمساعدتهم من خارج القطر معتمدين على الحوالات كغيرها من الالتزامات الأخرى، لكن الـبقية من المرضى هم من ذوي الدخل المحدود، ويقول: لكن مهنة الطب هي مهنة إنسانية بحتة, والمريض الذي لا يستطيع دفع مستحقات العلاج، نقدم له العلاج أحياناً من دون ربح أو بالتقسيط, إذ لا يمكن مقابلة ألمه بعدم الاهتمام, ليكون السبب هو الحاجز المادي،

فالطبيب لا يشعر بالرضا آنذاك.. أما في حال أصبح الموضوع تجميلياً وليس حالة إسعافية, هنا يقوم الطبيب بإجراء مقاربة في التكاليف بينه وبين مريضه.

احتكار
المندوبون والموردون هم المتحكمون بسوق المواد الطبية وبأسعارها عبر احتكارها, هذا ما بينه الحلبي ليوضح أن أغلب المواد الموجودة في المستودعات, هي “مواد مخزنة” فعند شراء المخدر أو الحشوات السنية, والتي سجل عليها مدة صلاحية 5 سنوات, إلّا أن مادة الحشوة أو المخدر وغيره من مواد أخرى موجودة في أسواقنا، تكون الفترة المتبقية لانتهاء صلاحيتها بسيطة جداً, أي قبل 6 أشهر فقط، إذ يقوم التجار باستيراد المواد الطبية والعلاجية قبل انتهاء مدتها من البلد المنشأ بمدة قصيرة.. بسعر أقل, لطرحها في الأسواق بأعلى الأسعار، لزيادة ومضاعفة ربحهم، ما يؤدي لخلق أزمة في سوق المواد.

هامش أمان
تؤكد “رحاب.م” وهي ربة منزل من خلال حديثها لـ” تشرين”، أنها عند مراجعة طبيب الأسنان، جزم أنها بحاجة لـ10 ملايين ليرة، للقيام بمعالجات سنية كثيرة، والتي اضطرت لإهمالها، و أنها فكرت بسحب قرض للبدء بالعلاج، لكنها أيضاً لا تستطيع، بسبب عدم قدرتها على سداد الأقساط المترتبة في حال قامت بتلك الخطوة.
بينما لفتت أم خالد وهي موظفة متقاعدة، إلى أنها في كل مرة تزور فيها طبيب الأسنان المختص والمتعاقد مع الجهة التي تعمل لديها، في منطقة الجسر الأبيض، تحتاج إلى جانب التكاليف للمعالجة تكسي للجسر، بسبب مشاكلها القلبية، وفي كل مرة تقوم بدفع أجور من 80- 100 ألف ليرة.

الحلبي: احتكار وتخزين السلع من أجل زيادة و مضاعفة الربح خلق أزمة في سوق المواد الطبية

المناطق الشعبية
أوضح الحلبي وجود تفاوت في أسعار المعالجات، تبعاً للمناطق وقاطنيها ما بين الشعبية والراقية، حيث إنه تبلغ ” المعالجة اللبية وسحب العصب 300-400 ألف ليرة, تاج بورسلان للقطعة الواحدة من 400-500 ألف ليرة, تاج زيركون من 500-600 ألف ليرة, “فينير” 600 ألف ليرة, جهاز متحرك، نوع أدنى، للفك الواحد مليون ليرة, جهاز متحرك نوع وسط 1.2 مليون ليرة, جهاز متحرك فيتاليوم “أي قاعدة معدنية” للفك الواحد 2.5 مليون, تبطين طري للفكين 1.5, دعامة زجاجية 1.5 مليون, فاصلة جهد للجهاز المتحرك 1.5مليون, معالجة لثوية 200-300 ألف ليرة, تبييض أسنان مليون ليرة, خلع الأسنان العادية من 50-100 ألف ليرة, خلع أسنان جراحي 450 ألف ليرة.
المناطق الراقية
وأضاف الحلبي: تبلغ أسعار المعالجات السنية في المناطق الراقية، وفق مايلي: ” معالجة للبية وسحب عصب من 500-800 ألف ليرة, تاج بورسلان للقطعة الواحدة 800 ألف ليرة, تاج زيركون مليون ليرة, فينير 1 مليون, جهاز متحرك نوع أدنى للفك الواحد 2 مليون , جهاز متحرك نوع وسط 3 ملايين, جهاز متحرك فيتاليوم للفك الواحد 3 ملايين, تبطين طري للفكين 2 مليون, دعامة زجاجية 2 مليون, فاصلة جهد للجهاز المتحرك 2 مليون, معالجة لثوية500 ألف, تبيض أسنان2 مليون، خلع الأسنان العادية 100 ألف, خلع أسنان جراحي 600 ألف.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار