في ذكرى عيد الجلاء.. قراءة في كتاب «ثورة الجولان ضد الاحتلال الفرنسي»
القنيطرة – محمد الحُسَين:
في ذكرى عيد الجلاء، عيد أعياد الوطن ودرة أفراح البلاد، اليوم الوطني الذي نمجده، ونعتزّ به، ونفخر به ونفاخر، أجد نفسي مدفوعاً للإضاءة على كتاب «ثورة الجولان ضد الاحتلال الفرنسي» الذي أصدره الباحث الكاتب محمد غالب حسين ووثّق عبر صفحاته تاريخاً مجيداً من النضال والدماء الزكية الطاهرة وبطولات كُتبت بمحبة الوطن وافتداء ترابه الطهور بالمهج والأرواح.
ولعلّ الميزة الأهم لكتاب «ثورة الجولان ضد الاحتلال الفرنسي»، تتمثل بأنه أول كتاب تحدّث عن نضالات أبناء الجولان ضد المحتل الفرنسي الغاشم عبر أربعين وثيقة تاريخية تنشر للمرة الأولى، وحصل عليها المؤلف من الأمير الدكتور فضل الفاعور حفيد الأمير محمود الفاعور قائد ثورة الجولان ضد الاحتلال الفرنسي.
كما اعتمد الكاتب أيضاً على عشرين مرجعاً تاريخياً، يمكن وصفها بالمصداقية والتوثيقية والحيادية المطلقة، لأن مؤلفيها أكاديميون كالدكتور الباحث الموسوعي اللبناني سلام الراسي والدكتور علي سلطان والدكتور أحمد قدري والأستاذ ساطع الحصري ومحي الدين السفرجلاني وأمين سعيد ويوسف الحكيم وعلي رضا وأدهم الجندي وفارس زرزور وغيرهم، إضافة إلى أخبار معارك الجولان التي كانت تنشرها صحيفة «العاصمة» التي صدرت إبان الحكم العربي الفيصلي بين عامي ١٩١٨ – ١٩٢٠م.
كما نوّه الكاتب إلى أن كتابه لا يدّعي عصمة ولا سبقاً، متمنياً على الباحثين والمهتمين وأبناء الجولان تزويده بأي وثائق تاريخية بحوزتهم وإبداء ملاحظاتهم المنهجية إن وجدت للإفادة منها.
ويضم الكتاب شرحاً وافياً ومفصّلاً للمعارك التي خاضها الجولانيون بقيادة الأمير محمود الفاعور ضد الجيش الفرنسي، ودحروه فيها، وكبّدوه خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، كمعارك الخصاص الأولى والثانية والحَماري وراشيا ومرجعيون، حيث تمكّنوا من صدّ جيش فرنسا الجرّار بقيادة الجنرال غورو، ومنعه من احتلال سورية عن طريق مرجعيون عام ١٩١٩م، إضافة إلى معارك قتل قائمقام فيق ومحاولة اغتيال الجنرال غورو في ٢٣/ ٦/ ١٩٢١، ومعركة مجدل شمس الأولى ٣/ ١٢/ ١٩٢٥، ومعركة مجدل شمس الثانية ٧/ ١/ ١٩٢٦، ومعركة مجدل شمس الثالثة ٤/ ٤/ ١٩٢٦، ومعركة جباثا الخشب ٣٠/ ٤/ ١٩٢٦، واستشهاد البطل أحمد مريود مع أربعين من رفاقه فيها.
كما ذكر الكاتب الرجالات الذين شاركوا في المعارك، وخطّطوا لها، وقادوا بعضها كالشهيد البطل أحمد مريود والمجاهد أسعد كنج أبو صالح وأسعد العاص و غيرهم.
وضم الكتاب أيضاً كثيراً من أسماء الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الوطن.
ومن خلال الاطلاع على الكتاب وتملّيه وقراءاته، سيتعرف القارئ على أحداث تاريخية واجتماعية مهمّة من خلال مراسلات الأمير محمود الفاعور مع الملك فيصل بن الحسين والأمير زيد بن الحسين وأحمد مريود وشيوخ القبائل والفعاليات الاجتماعية الجولانية.
وجاء الكتاب الذي حمل خمسين عنواناً بمئتي صفحة من القطع المتوسط.
تجدر الإشارة إلى أن الكاتب محمد غالب حسين أصدر عدة كتب عن الجولان توقاً لتكون موسوعة وطنية جولانية، وأذكر من مؤلفاته: شهداء الجولان- التراث الشعبي الجولاني- الأمثال الشعبية والتعابير الشفوية الجولانية – قبيلة الفضل في الجولان- قطوف صحفية من القنيطرة.