البدء بزراعة التّبغ في ريف طرطوس.. وخسارة 40 – 70 ٪ من المشاتل بسبب الرّطوبة وعدم صلاحية الأدوية

طرطوس – نورما الشّيباني:
تشكل زراعة التّبغ في ريف طرطوس بشكل عامّ وفي منطقتيّ الشّيخ بدر والقدموس بشكل خاصّ مصدر الدّخل الرّئيسي لآلاف الأسر التي تعمل بها، على الرّغم من كثرة الصعوبات التي تواجه هذه الزّراعة والمزارعين.
معاناة
يعاني مزارعو التبغ هذا الموسم من تلف عدد من الشتول في مشاتلهم بسبب غزارة الأمطار، والتي تسببت بارتفاع نسبة الرّطوبة، وبالتالي تلف عدد من المشاتل.
وأكد مزارعون لـ”تشرين”، أن هذا الواقع سيؤثّر سلباً في موسم هذا العام، وأشاروا إلى محاولتهم لمكافحة عفن جذور الشّتل، لكن عدم صلاحية بعض أنواع الأدوية الزّراعية حال دون ذلك، وهذا ما أضاف تكلفة إضافيّة ومعاناة جديدة تضاف إلى معاناتهم من غلاء مستلزمات الزّراعة بدءاً بالسّماد الطّبيعي أو الكيماوي، حيث يصل سعر كيس السّماد من 750 ألفاً إلى مليون ليرة “للحرّ” و 480 ألفاً للمستجرّ من المصرف الزراعي، لكن لا يحصل عليه الجميع، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية والمبيدات، حيث يصل سعر كيلو “الرّودوميل” إلى 450 ألفاً، علماً أنّهم يستدينون أغلبها بانتظار الموسم، مشيرين إلى أنّ زراعة التّبغ تحتاج السّقاية في وقت لا إمكانيّة لديهم لشراء صهاريج مياه أسعارها فلكيّة.
وتابع المزارعون: إنّ ارتفاع أجور الفلاحة واليد العاملة يزيد من معاناتهم أيضاً، حيث وصل سعر ساعة الفلاحة على الجرّار الزّراعي إلى 150 ألفاً و العزّاقة 50 ألفاً وساعة الفلاحة على الحيوانات 60 ألفاً.

٧٠ ٪ نسبة المشاتل التالفة
رئيس الجمعيّة الفلاحية في قرية نحل العنّازة علي محمد حيدر، أكّد أن نسبة المشاتل التّالفة تصل إلى 70٪، ويعود السّبب إلى الرّطوبة الزّائدة وبعض الأدوية المنتهية الصلاحية من الصّيدليات الزّراعية.

التبغ: نؤمّن الأدوية من مبيدات فطريّة وسامّة بشكل كامل لكن للأسف يلجأ الكثير من المزارعين لشراء الأدوية من الصّيدليات الزّراعية

وأكد رئيس جمعية الدّيّ في ريف القدموس أحمد علي عباس أنّ هناك قسماً من المشاتل أصابه التّلف، والبعض زرع الشّتل للمرة الثانية وأتلفه البرد، ولا يوجد حلّ أمام المزارع إلّا بإعادة زرع مشاتل جديدة والّلجوء إلى مشتل مؤسسة التّبغ في قرية المرّانة في بانياس لشراء الشّتل، وهنا يقف المزارع محتاراً أمام ضيق حاله وغلاء صندوق الشّتل، ونوّه بأنّ المزارع حصل على حاجته من السّماد هذا العام، ولكن بسعر مرتفع يفوق طاقة المزارع الفقير.

الرابطة الفلاحية في الشيخ بدر
رئيس الرّابطة الفلّاحيّة في الشّيخ بدر عقيل أسعد بيّن أنّ 40-50٪ من المشاتل في الشّيخ بدر أصابها التّلف بسبب الرّطوبة الزّائدة، وهو لا يؤكّد ولا ينفي وجود أنواع أدوية زراعيّة فاسدة.
وأكّد أنّ بعض المزارعين يقومون بإعادة زراعة مشاتل جديدة، لكن هذا سيؤدّي إلى تأخّر موسم الزّراعة شهراً كحدّ أدنى، والبعض سيلجأ إلى تأمين كميّة من الشّتل من مشاتل المؤسّسة.
كما أوضح أسعد أن المؤسّسة تؤمّن الأدوية من مبيدات فطريّة وسامّة بشكل كامل، لكن للأسف يلجأ الكثير من المزارعين لشراء الأدوية من الصّيدليات الزّراعية، وغالباً ما تكون غير مضمونة، وقد قامت الرّابطة الفلاحيّة في منطقة الشّيخ بدر بافتتاح مركزين لبيع الأدوية الزّراعية المكفولة وبأسعار منافسة للسّوق.
من جانبه، أشار رئيس الجمعيّة الفلاحيّة في كعبيّة عمار بريف القدموس علي إبراهيم إلى وجود تلف في المشاتل بنسبة تبلغ بين 50-60% الأمر الذي سيؤثّر في موسم المزارع، وأفاد بأنّه تمّت مراجعة مشتل المرّانة وكان رد المراقب بأنّه لم يتمّ افتتاح باب التّسجيل للحصول على الشّتل ولا يوجد وقت محدّد، علماً أن التّأخّر في زراعة الشّتل سيكون سلبيّاً على المزارع، حيث تعتمد هذه الزّراعة على الأمطار.

مشاتل مؤازرة
من جهته، أفاد مدير الزراعة والبحث العلمي في المؤسسة العامة للتبغ في اللاذقية المهندس أيمن قرّه فلاح أنّه يوجد بعض التّأذّي في المشاتل لدى الإخوة المزارعين نتيجة غزارة الأمطار وارتفاع نسبة الرّطوبة، والمؤسسة تقوم بتوزيع بذار إضافي للمزارعين، كما إنّه يوجد مشاتل مؤازرة في قرية المرّانة بانياس، ومشتل جب حسن في اللاذقية ودائرة أبحاث الرّميلة بسعر التّكلفة.
وفيما يخصّ موعد توزيع الشّتل، أوضح قرّه فلاح أنّه لا يمكن إعطاء موعد للتّوزيع في مشتل قرية المرّانة، لأنّ الأمر يعود إلى جهوزية المشاتل وهناك أمل أن يكون التّوزيع الأسبوع القادم.

“زراعة 500 هكتار من التّبغ حتى الآن”
رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة طرطوس المهندس ياسر علي أكد أنّ المخطّط من التبغ في المحافظة هو 300 هكتار سقي و 3050 بعل، وقد بدأت الزّراعة منذ عدة أيام في مناطق القدموس والشّيخ بدر وبانياس، وبلغت المساحة المزروعة إلى الآن حوالي 500 هكتار والحالة العامّة للشتول جيّدة.
في الختام تبدو جليّة معاناة مزارعيّ التّبغ حالهم كحال معظم مزارعي الزّراعات المحليّة التي تحتاج مزيداً من الدّعم فيما يخصّ الأسمدة والأدوية الزّراعية وتأمين مياه السّقاية، انطلاقاً من أهميّة الزّراعة كمصدر اقتصادي أساسي للوطن والمواطن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار