صراع درامي افتراضي.. والناجي الوحيد الخريجون الجدد
دمشق- لؤي سلمان:
منذ عدة سنوات لم تشهد مواقع التواصل الصراعات التي نشهدها في هذا الموسم بين الأعمال الدرامية “الموسم الرمضاني 2024”.. طبعاً الكل يعرض أعماله والكل يشترك بالنقد والأصح إبداء الرأي إلّا بعض الأعمال التي بقيت خارج هذا الصراع لأنها لم تكن قادرة على المنافسة..
أربعة أعمال
أربعة أعمال أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي هي: “ولاد بديعة، تاج، العربجي2، وأغمض عينيك”.. وبالكاد تجد أحداً لم يدلِ بدلوه حول ما عرض من حلقات.. حتى إن البعض أثبت عدوانية تجاه عملٍ ما، وقلة إدراك حول الشخصية الدرامية والشخصية الواقعية، وما يعنينا في الدرجة الأولى؛ هو عودة الدراما السورية إلى ألقها السابق، ولو على المستوى المحلي، ولا يمكن إنكار إثبات وجودها من جديد على الساحة العربية من جديد.
واللافت في هذا السجال؛ أن المشاهد العادي يركّز على نقد أداء النجوم، والبعض الآخر يريد هدم العمل برمته على مستوى السيناريو والأداء والإخراج والفكرة.. وقلة يهتمون بالعمل بشكلٍ موضوعي من حيث المضمون والرسائل التي يريد صنّاع العمل إيصالها أو الحديث عن الجماليات الموجودة بشكل عام.
الناجي الوحيد
وعلى ما يبدو الناجي الوحيد من هذا التجييش والمعارك الافتراضية كانت الوجوه الجديدة أو الخريجون الجدد التي أتاحت لهم الأعمال الرمضانية فرصة الظهور وإثبات قدرتهم.. حيث مرّ البعض مرور الكرام لم يضف وجوده أو غيابه عن العمل أي شيء، والبعض استطاع لفت النظر إليه بقوة كشخصية “نمورة” في الجزء الثاني من الحلقة الأولى المشهد الأول مسلسل العربجي إذ تظهر الوجه الجديد (لانا الحلبي) وهي خائفة وتبكي لتخبر سيدتها بمقتل (حمزة) إذ تظن للوهلة الأولى أنه مشهد واقعي وخبر الموت حقيقي، تعابير الوجه، اللعثمة، التقنين في التنفس، وعدد الكلمات.. مجموعة من الأدوات البسيطة والمكشوفة تقنعك بأن الحدث حقيقي وبعيد عن التمثيل.. حيث استطاعت استخدام الدور من دون أي استهلاك للوقت أو المفردات أو تعابير الوجه بينما (أم حمزة) التي تلقت خبر وفاة ابنها لم تعطِ التعبير اللازم وكأنها تستفسر عن طبخة.. الزمن العاطفي والصعب في اختبار الشخصيتين لم يكن طويلاً، ولكنه متناقض.. الشخصيتيان لم تسقطا في موجة الصراخ أو الإيقاع التراجيدي المبالغ به.. لقد استطاعت الحلبي بالثواني الأولى جذب المشاهد لكن في (العربجي)؛ يعرف المشاهد، القصة، ويعرف الصراع بين النجوم، كما يعرف أن استخدام الوجوه الجديدة كسنيدة للنجوم أبطال العمل بغض النظر عن عدد المشاهد التي يوكل إليهم بها، وكذلك المكائد التي يطلب منهم تنفيذها لضرورة السيناريو وسير الحكاية..
عن أداء الممثل
ربما يختلف شكل الأداء بين المسرح والتلفزيون لكن يبقى أداء الممثل يتكئ على معارف المسرح في تجسيد الشخصية التلفزيونية، أي قراءتها وتحليلها وتقديم مقترح لتجسيدها بالجسد والصوت والانفعالات التي تظهر على الوجه أمام الكاميرا، وتبقى تعاليم ستانسلافسكي المنهج الملهم في طريقة عمل أي ممثل سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون.
وليست شخصية (نمورة) الشخصية الوحيدة للحلبي في هذا الموسم، فقد شاركت في عدة شخصيات منها (رانيا) طالبة الفنون الجميلة التي تحب (زوربا) الفنان أحمد الأحمد وهي شخصية مختلفة جسدت فيها دور الطالبة الجريئة التي تقع في حب من يكبرها سناً. كما شاركت في أدوار أخرى حيث في مشهدٍ واحد يستطيع الخريج إبراز مواهبه خاصة إذا ما شاهدنا أدائه في شخصية مختلفة في الموسم ذاته.
هناك أيضاً العديد من الوجوه الجديدة حضرت بقوة هذا العام منهم: ورد عجيب، مرام إسماعيل، ميرنا المير، عمر نور الدين.. وهناك أسماء لا تحتاج للإضاءة عليها وخاصة أبناء الفنانين الذين يجدون فرص ظهور على الشاشة الصغيرة من دون عناء كبير، كل منهم يمتلك الموهبة مثل: وسام أيمن رضا الذي شاهدناه هذا الموسم في مسلسل “ولاد بديعة”، وفي مسلسل “الزند” الموسم الماضي، وهناك وجوه لم نرَها للأسف رغم تعدد الأعمال الدرامية وحضورهم في المسرح والسينما أمثال: خالد نجار، مراد انطاكيه، ومازن الحلبي وغيرهم.
عن شيوخ الكار
بالطبع لا مجال للمقارنة والحديث عن أداء النجوم وكيفية تجسيد أدوارهم ولن نضيف أي فائدة إذا تحدثنا عن أداء أسماء النجوم المكرسة وشيوخ الكار أمثال كلٍّ من الفنانين: سلوم حداد، باسم ياخور، نادين، منى واصف وغيرهم من نجوم سورية والوطن العربي.. ومن الضرورة اليوم تسليط الضوء على الوجوه الجديدة التي يقدّمها المعهد العالي كل عام من دون أن يعطي بعضهم فرصة عمل.. فالدراما السورية بحاجة إلى رفدها بكوادر جديدة من الاختصاصات كافة، ولا بدَّ من إعطاء فرص بالتساوي لكل الخريجين حتى لا نصل إلى فخ “الإنسان الزائد” الذي لا يجد له مكاناً في الدراما فيذهب بعد أربع سنوات للبحث عن فرصة عمل في أي مجال متاح، ومن البدهي أن مصير الفرد مرتبط بمصير المجتمع..