في أقاصيصها المتمردة.. ميرفت أحمد علي: لايزال لديَّ طبع ساخر تهكُّمي أطمسهُ في شخصيتي فلا أُبرز له مخالبَ أو أنياباً كي لا أجرحَ مشاعر أحد

طرطوس- ثناء عليان:
اعتاد زملاؤها الكتّاب وبعض النقاد مؤخراً على تسميتها الأديبة المتنوعة، إذ إنها تكتب في جميع الأجناس الأدبية شعراً ونثراً.. للكبار وللأطفال.
عن كتابها الجديد /أقاصيص متمردة/ تقول علي: كان ولا يزال لديَّ طبع ساخر تهكُّمي، غالباً ما أطمسهُ في شخصيتي منذ الطفولة، فلا أُبرز له مخالبَ أو أنياباً كي لا أجرحَ مشاعر أحد، ولكنَّ السخرية ــ كما عبَّر عنها الأديب حسن م. يوسف ــ هي وسيلة لضمان التوازن في هذه الحياة، لذا أجدُني كثيراً ما أتسلَّح بها، وأُبطِّن بها عباءاتِ كلامي ودواخلَه.
وترى علي أن الواقع السياسي والاجتماعي والمعيشي العام يفترضُ النقد والتعرية والشَّجب والانحياز التام إلى صفوف الإنسان المحطَّم والتَّخندُق بخنادقه، وعندما يُعرِّي الكاتب الحقائق ليسَ من ورقة التوت فقط، وإنَّما من جِلدتها.. فإنَّه يتنفس هواءَ الحرية، ويتخفَّف من الثقل الجاثم على صدره ودماغه.. والكتابة برأيها فعلٌ مقاوم، هادمٌ بانٍ، واللغة أُلعوبة من ألاعيب التَّعبير، وأداة جِراحة مِشرطيَّة، تثقبُ وتجرحُ اليوم، لِتداوي وتُبلسم الجراح غداً وبعدَ غدٍ.
بنيتُ (أقاصيص متمردة) –حسب علي- على فكرة المُجاهرة بالقبح والشَّين، وافتضاح البشاعات والدَّمامات التي تملأ وجه الحياة البشرية بفعل فاعلين، فاسدين، يجب أن يتمَّ إقصاؤُهم ومحاسبتهم على ما أَلحقوا بالبشرية من ظلاماتٍ وتجهيلٍ وتحييد.
والكتاب مجموعة قصصية ضخمة، من القطع المتوسط، تمتدُّ إلى حوالي 250 صفحة، وفيها سبعَ عشرةَ قصة تتراوح ما بين العادية، والمتوسطة في الطول، والطويلة.. والسخرية تبدأ من العنوان وانزياحاته: فالأقاصيص جمع أُقصوصة، والأُقصوصة نص صغير.. أكبر بقليل من الوَمضة القصصية، وأقلّ حجماً من القصة… فكيف تكونُ القصصُ أقاصيص؟
الُّلغة لُعبة، وفي العنوان لُعبة تلغيم رمزي ودلالي يفتِّق الذهن على احتمالات متنوعة، لا يجلو غموضَها القارئُ إلّا حين يشرع في القراءة، ويبدأ بتلقُّف الخيوط والمستمسكات الحدثيَّة واحداً تلو الآخر.. إلى أن يتبيَّن له الخيط الأبيض من الأسود في الحبكات الرئيسة والمتفرِّعة عنها، الخافية المُتوارية، والظاهرة البيِّنة!
وتضيف: لا أُخفي سراً حين أقولُ إنَّني في البداية لم أتوقَّع أن تلقى المجموعة صدىً إيجابياً لدى القارئ الخليجي والناشر الخليجي، لكن تبيَّن لي العكس! وقد شجَّعني الناشر وتبنَّى النشر على نفقته كاملة، والتسويق، والتسليم!
وعن الموضوعات التي تناولتها في مجموعتها أكدت علي أنها مُستوحاة بشكلٍ عام من خصوصية المجتمع العربي والبيئة السورية بتعقُّداتها الناجمة عن الحرب والأزمة المعيشية المُحتدمة، بعضُها يستهجن البَوْن الشاسع بين الأمل والواقع، وبعضُها يندبُ جيلاً فقدَ أواصر العلاقات العائلية الحميمة جَرياً وراء سراب وسائل الاتصال الاجتماعي وعلائقها المشبوهة الرَّخوة غالباً، وبعضُ القصص يتمرَّد على الواقع بطرح وقائع جديدة مغايرة للمألوف المشوَّه والمقزَّم، وبعضُها يُهوِّم في فُسح مترامية من الهلوسات والتخيُّلات والأوهام المعيشة، وبعضُها يستعرضُ عضلاتِ اللغة وأناقةَ الحروف وبناتِ أفكار الفلسفة في تفخيخِ النص الأدبي وعرقلةِ التلقِّي عن سبقِ العمد والإصرار لهدفٍ جماليٍّ ودلاليٍّ معاً… وتبقى اللغةُ في معظمِ النصوص لغةً متمردةً على السائد والمتوقَّع، تُحاكي الذهنيَّة التأمليَّة، والتيَّار العبَثي التجديدي في الأدب. مِن هنا اكتسبت المجموعة مشروعيةَ العنوان شكلاً ومضموناً، فغدَت بحقّ: (أقاصيص متمردة).

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار