منتدى قازان الروسية واقتصادنا العربي!!
تشهد الساحة العالمية بشكل عام والعربية بشكل خاص حالياً عقد الكثير من المؤتمرات والمنتديات الاقتصادية، ويذكرنا هذا بالفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتحديداً فترة الأزمة الاقتصادية الكبرى سنة /1929/ أو (أزمة الكساد الكبير)، لكن في تلك الفترة كانت الكلمة العليا للطغمة المالية الأطلسية، وتحديداً التحالف الأنكلو ساكسوني (بريطانيا وأمريكا) ولاسيما بعد انتقال القوة الاقتصادية من بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة مؤتمر( بريتون وودز ) سنة /1944/، عندما سيطرة الدولار الأمريكي على التعاملات الاقتصادية العالمية.
حالياً تغير الوضع النسبي للقوى الاقتصادية العالمية، وظهرت قوى جديدة نتج عنها مباشرة تغيرات سياسية واجتماعية وعسكرية وحتى أمنية…الخ، إنها لحظات ولادة نظام عالمي جديد وانتهاء للقطبية الأحادية التي ترسخت منذ منتصف اربعينات القرن الماضي، وبدأت الدعوات من قبل الكثير من دول العالم لتنويع لاستبدال الدولار وتنويع سلة العملات أو التعامل بالعملات المحلية أو العودة إلى قاعدة الذهب أو العملات الإلكترونية..إلخ، مثل دول منظمات (بريكس وشنغهاي والاتحاد الأوراسي وتجمع سيلاك في أمريكا اللاتينية والاتحاد الإفريقي و آسيان)، وظهر هذا واضحا في المنتدى الاقتصادي الأخير (منتدى قازان الخامس عشر)، المنعقد في مدينة قازان الروسية عاصمة تتارستان، من تاريخ 14/5/2024 ولغاية 19/5/ 2024 بين (جمهورية روسيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي)، هذه المنظمة تأسست سنة /1970/ كرد على محاولة حرق المسجد الأقصى، من قبل صهيوني متطرف سنة /1969/، وتضم /57/ دولة وتعتبر ثاني منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وغيرت اسمها سنة /2011/ إلى منظمة التعاون الإسلامي، وروسيا دولة عضو مراقب فيها منذ سنة /2005/، بناء على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سنة /2003/، وعقد المؤتمر تحت شعار (الثقة والتعاون) بمناسبة الذكرى /55/ لتأسيس المنظمة والطبعة الخامسة عشرة للمنتدى، وحضره أكثر من /20/ ألف مشارك من /87/ دولة ومنطقة و /40/ بعثة دبلوماسية، من أوروبا وآسيا وإفريقيا، ومؤسسات إعلامية ووكالات أنباء وطنية وباحثون ومحللون وعقدوا أكثر من /150/ جلسة حوارية، وتم توقيع أكثر من /120/ اتفاقية اقتصادية وتركز البحث حول: الاتجاهات الرئيسية في تحول مجال المعلومات في العالم الحديث ودول منظمة التعاون الإسلامي، والفضاء المعلوماتي ما بين التوحيد والتجزئة، وذلك لتحقيق: دعم النمو والانطلاقة الاقتصادية وتفعيل عمل القطاعات من حكومية وخاصة ومشتركة ورجال الأعمال وتطوير البنية التشريعية الاستثمارية لتجيع الاستثمارات والعمل لتقليل معدل البطالة والتضخم والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة من زراعة وصناعة وسياحة وتطوير العمل المصرفي والتبادل بالعملات المحلية عن طريق بنوك مشتركة، وتطوير الأنظمة المالية ومراكز البحث العلمي والبنى التحتية وتبادل الخبرات وإيجاد قاعدة لتحويل الأموال على غرار منظومة Swift الغربية، واعتماد تجربة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وبالعملات المحلية والاقتداء بتجربة دول الاتحاد الاوراسي حيث إن أكثر من /90%/ من تعاملاتها، تتم بالعملات المحلية، والتوجه لتفعيل ممر الشمال – الجنوب من روسيا إلى آسيا الوسطى إلى إيران والهند والخليج والعراق والبحر الأبيض المتوسط، وتفعيل النقل عبر بحر قزوين والسكك الحديدية والبحرية وغيرها.
وشجع ذلك النتائج المحققة سنة /2023/ حيث زاد معدل التعاون ( الروسي – الإسلامي) أكثر من /31%/، وستزداد مستقبلاً لأن مشاريع النقل المقترحة ستختصر المسافة من روسيا إلى المنطقة العربية من /45/ يوماً إلى /15/ يوماً، وتنخفض التكلفة بحدود /30 إلى 40%/، ولذلك خصصت روسيا لممر الشمال والجنوب اعتماداً قدره /280/ مليار روبل حتى سنة /2030/، متوقعة نقل أكثر من /100/ مليون طن سنوياً، من بحر البلطيق إلى المحيط الهندي بطول أكثر من /7200/ كلم، بحيث يمر من عدة دول ومنها: روسيا أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وإيران والهند والعراق وطاجيكستان وأوزبكستان والخليج العربي وآسيا الوسطى وأوروبا الوسطى والبحر الأبيض المتوسط.. وغيرها، ومعروف أن روسيا حققت معدل نمو اقتصادي سنة /2023 / بمعدل أكثر من /3،6%/ وتجاوز الاقتصاد الروسي لأول مرة الاقتصاد الألماني.
فهل ستساهم هذه المشاريع في تخفيف الأزمات الاقتصادية، وخاصة الازمة الغذائية التي تلوح معالمها في الأفق الاقتصادي العالمي، وتجاوزت الفجوة الغذائية العربية مقدار /43/ مليار دولار لسنة /2023/؟
فهل نشارك في مؤتمر قازان وبفعالية أكبر وبما يضمن مصلحتنا جميعاً وتنساب سلعنا العربية بين الدول العربية بما يساهم في زيادة التجارة البينية عن نسبتها وهي أقل من /13%/؟.. نتمنى ذلك وهل تتوجه جامعة الدول العربية بعد القمة /33/ لتفعيل مكونات اقتصادنا العربي لتحسين مؤشراته؟.