ما أحوجنا اليوم لاستذكار طقوسنا الرمضانية
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
أطل علينا شهر رمضان المبارك ونحن نعيش حالة من التوجس من عدم استقرار الكهرباء وارتفاع الأسعار، وعسى ألّا تنسينا هذه المنغصات والهواجس تلك الطقوس والتقاليد والعادات المحببة إلى النفوس والقلوب الصافية التي كنا نستقبل بها هذا الشهر الفضيل، ونتواصل معها طوال لياليه، حتى نودعه ونحن في لهفة إلى لقائه من جديد.
كنا في البيت السوري الجميل الحنون نتسارع قبل يوم من حلوله إلى سطوح المنازل العالية والمساجد لمراقبة الهلال، وننتظر البشير عبر المنابر والمذياع وهو يعلن ثبوت الرؤية، فيتوجه الجميع بالدعوات إلى الله سبحانه وتعالى ليجعل مقدمه محفوفاً باليُمن والخير والبركة، وكانت تُضاء الأنوار، وتبقى المحال والمقاهي الشعبية والجوامع والمراقد المقدسة مشرّعة الأبواب حتى يحين وقت السحور، ومن ثم الإمساك وصلاة الفجر.
وكانت العوائل السورية تتوجه إلى الأسواق لشراء ما تحتاجه موائد الإفطار والسحور من مواد أساسية، ويجهز باعة الحلويات موائدهم و«بسطاتهم» على أرصفة شوارع دمشق وحاراتها، وكذلك في كل المدن السورية على أرصفة الشوارع ومنعطفات الأزقة والحارات وأمام دُور العبادة والمقاهي، حيث تصطف فوقها الحلويات الدمشقية والحلبية وكل محافظة حسبما تشتهر به من الحلويات، وكذلك الجلاب والعرقسوس والتمر هندي تحيط بها قوارير ماء الورد، ويتوجه الصائمون بعد الإفطار إلى الجوامع لأداء فريضة الصلاة وتلاوة آيات من القرآن الكريم.
والبعض كان ينصرف إلى المقاهي الشعبية للمشاركة في المسابقات والشعر الرمضاني، والاستماع إلى ما يحمله الحكواتي في جعبته من قصص تاريخية ممتعة.
إنها طقوس رمضانية وتقاليد شعبية عريقة، ومناسك كانت تستمر حتى يبدأ قارعو الطبول «المسحراتية» بأداء مهامهم لإيقاظ ربات البيوت لتهيئة طعام السحور.
ما أحوجنا اليوم لاستذكار تلك الأيام، وإحياء الطقوس الرمضانية الجميلة من جديد.