زراعتنا تربح الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل وتخسر الفائض… وانحسار العديد من الزراعات الأخرى
حماة – محمد فرحة:
لعل مَن يدقق في حيثيات إنتاجنا الزراعي يلاحظ حالة التذبذب ، والمد والجزر التي يعيشها، ألا وهو القطاع الزراعي، مايؤكد بأنه يعاني حالة من التخبط وعدم الاستقرار ، وتأكيداً لما ذهبنا بالقول إليه، لابد لنا من إجراء استعراض بسيط ، إذ حققت المحاصيل الزراعية منتصف التسعينيات وحتى عام ٢٠٠٨ فورة إنتاجية ملفتة بدءاً من القمح والقطن والشوندر والفواكه والخضروات ، وكانت أهم المشكلات التي تواجه الحكومات المتعاقبة في تلك الحقبة هي كيف يمكن تصريف فائض الإنتاج الذي يشكل دخلاً مهماً لخزينة الدولة؟
وإذا ما أردنا مقارنة الأمس باليوم، سنرى العجب العجاب ، فقد كنا من مصدّري القمح والقطن، وفائض الشوندر يربك معامل تصنيعه، حيث تتجاوز الكميات طاقة معامل سكر تل سلحب ودير الزور والغاب / جسر الشغور / ومعمل حمص، ومن الحمضيات كان وما زال الفائض في ظل غياب التصنيع ، ولابد هنا من الإشارة إلى أن إنتاجنا من التفاح كان يقدر في منتصف التسعينيات بـ / ٢٤٥ / ألف طن، في حين كانت حاحة البلد لا تتعدى عن الـ ١٦٠ ألف طن.
وما يُقال عن التفاح والحمضيات ينسحب على الزيتون والزيت والخضروات، كالبطاطا والبندورة، ففي الأولى بلغ إنتاجنا الموسم المنصرم ٧٠٠ ألف طن وفقاً لحديث رئيس اتحاد الغرف الزراعية محمد كشتو.
ورغم ذلك يشكو المزارعون اليوم من عدم تحقيق إيرادات مجزية، وأن جلّ الأرباح يتقاضاه البائعون والمصدرون.
يبيّن خبير اقتصادي أن خطة التنمية الزراعية التي كانت سائدة في تلك الفترة، جاءت لاعتبارات طبقتها الحكومات المتعاقبة، حيث ركزت بالدرجة الأولى على زيادة الإنتاج بهدف توفير الحد الأقصى من الاكتفاء الذاتي وهذا ما كان لها .
لكن من دون أن يقترن هذا بخطة مكملة، مؤداها تدبير منافذ لبيع الفائض.
وأضاف الخبير الأقتصادي الدكتور إبراهيم قوشجي: إن المشكلة الزراعية اليوم تتركز بصورة رئيسية في أمور محددة، من أهمها أن يدرك المعنيون متى يكون التصدير ضرورياً ومتى يكون الاستيراد؟
فما زال فائض الحمضيات والبندورة والزيتون والتفاح يلحق الخسائر بالمنتجين .
في حين يعاني إنتاجنا من القمح والشعير والقطن من حالة تدني في الإنتاج بشكل لافت، مايؤدي إلى استيراد هذه المحاصيل، حيث أدت هذه الإشكالية إلى تحول مزارعين عن بعض الزراعات مثل الفواكه والحمضيات والقمح والقطن والشوندر ، باتجاه زراعات أخرى أقل تكلفة وأكثر ريعية ، في ظل غياب الدعم الحكومي للمزارعين .
باختصار : مازالت الصادرات الزراعية لدينا تعاني من مجموعة عوائق تحدّ من فرص توسعها في الأسواق الخارجية رغم تميزها عن مثيلاتها في كثير من الأحيان، من هذه العوائق القيود المفروضة على التصدير والرسوم والتعقيدات الإدارية والبيروقراطية.
ونختم القول بأننا ربحنا الاكتفاء الذاتي من إنتاج العديد من المحاصيل وخسرنا الفائض من بعضها الآخر كالحمضيات والتفاح والزيتون.