ارتفاع أسعار الجوالات والكمبيوترات يضع العصي بطريق طلابنا وشبابنا غير القادرين على امتلاك أجهزة التقانة الحديثة
دمشق- بشرى سمير:
نتيجة التطور التقني والمعلوماتي الذي يشهده العالم حالياً دخلت التكنولوجيات والتقانة مختلف مناحي الحياة، وباتت لها مستلزماتها سواء في الأدوات المنزلية، أو في مجال التعليم والعمل، فالتعليم الرقمي بات طريقة تعليمية معتمدة في كثير من الاختصاصات، حيث يحقق التعليم الإلكتروني التواصل الفوري بين الطلاب والمعلمين إلكترونياً عبر الإنترنت، بحيث تصبح المدرسة أو الكلية مؤسسة متصلة بالشبكة، كما يوفر فرصة لاستكشاف التقنيات الرقمية للمعلمين، وما ينطبق على التعليم ينطبق على عدد من مجالات العمل الفني والهندسي والإعلامي، فامتلاك أجهزة اتصالات متطورة بات أمراً ضرورياً لمواكبة هذا التطور، والسؤال المطروح هل لدى الطلاب والشباب عموماً قدرة على امتلاك أجهزة التقانة الحديثة لمواكبة هذا التطور المتسارع والهائل؟
أرقام خيالية
يقول الشاب (طارق)، وهو طالب في كلية الهندسة المعمارية: إن دراسته تتطلب امتلاك جهاز حاسب متطور، لكن أسعار الحواسيب المرتفعة حالت دون ذلك حيث وصلت أسعارها إلى أرقام خيالية، وطبعاً كل جهاز حسب مواصفاته والتي تتراوح بين 6 ملايين و 10 ملايين ليرة وما فوق.
أرقام خيالية.. وكل جهاز حسب مواصفاته والتي تتراوح بين 6 ملايين و 10 ملايين ليرة وما فوق
وتبين (عبير) طالبة في كلية الإعلام أن من يعمل في مجال الإعلام وخاصة الإلكتروني يدرك تماماً أهمية امتلاك أجهزة جوالات ذكية ومتطورة وبمواصفات عالية من أجل العمل عليه ونقل الحقيقة بأسرع وقت وزمن، لكن أسعار هذه الأجهزة تفوق القدرة الشرائية للعاملين في هذا المجال، وينطبق الأمر نفسه على كاميرات التصوير التي تعد السلاح الحقيقي للإعلام المصور سواء الفوتوغرافي أو الفيديو والتي باتت متطورة جداً، وتحتوي على مواصفات تقنية عالية لكن أسعارها تتراوح بين 15-20 مليون ليرة، ما يجعل هناك فجوة بين ما يحصل في العالم وبين القدرة على مجاراته وخاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة وتدني الأجور والرواتب
عبء إضافي
وتشير (نوال) ربة منزل إلى أنه مع دخول الحكومة الإلكترونية إلى حياتنا ومع وجود البطاقة الذكية أصبح من الضروري امتلاك أجهزة ذكية ومتطورة من الدفع الإلكتروني ومن أجل الحصول على جواز السفر ومراقبة دراسة الأولاد وتسديد الفواتير، لكن هذا التطور شكل عبئاً إضافياً على الأسرة لعدم القدرة على امتلاك أجهزة نقالة متطورة قادرة على احتواء كل التطبيقات الحديثة.
آثار إيجابية
فيما أشار المهندس التقني والمعلوماتي سليم حجيج إلى أنه لا يمكن أن تكون على خريطة التطور العالمي من دون وجود امتلاك المستلزمات والأجهزة المتطورة لذلك، وخاصة في المجال الصحي والتعليمي، حيث إن استخدام التكنولوجيا في التعليم أصبح مسألة مهمة لإيصال المعلومة للطالب بشكل أسرع، خصوصاً أنه يمكن تكرارها مرات عديدة حتى ترسخ في الذهن، علماً بأن التعليم الإلكتروني بات يشكل في هذا الوقت قفزة نوعية في إيصال المعلومة الصحيحة لتصل إلى الطالب بشكل واضح، وهو ما يؤدي إلى تعزيز الثقافة الفكرية له وتهيئته للتعامل مع عالم التكنولوجيا والثورة المعلوماتية وفي المجال الصحي فتوجهت معظم المستشفيات إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في غرف العمليات الجراحية، والمعدات الطبية، والأشعة السينية، ما سهّل عملية العلاج وقلّل من إمكانية ارتكاب الأخطاء من الأطباء، كما أنّ التكنولوجيا أتاحت الفرصة لجميع الأشخاص لمراقبة صحتهم ووزنهم في أيّ وقت من اليوم من خلال التطبيقات التي يُمكن استخدامها على الهواتف المحمولة.
العاملون بالإعلام وخاصة الإلكتروني يحتاجون أجهزة جوالات ذكية ومتطورة وبمواصفات عالية والأسعار تفوق قدرتهم الشرائية
ولفت حجيج إلى عدم وجود من لا يستعمل أحد التطبيقات الجاهزة بشكل أو آخر اليوم بهدف مساعدته سواء كان بهدف معرفة نفقات المنشأة أم حتى معرفة المسافة التي يمشيها يومياً، وصولاً إلى من يطور تطبيقات خاصة به حسب الطريقة التي تعمل بها مؤسسته، مثل آلية الإنذار ومراقبة دوام الموظفين.
ويشير المهندس حجيج إلى الآثار الإيجابية لامتلاك التقانة وأجهزتها، ولعل من أبرزها تسهيل عملية التعليم حيث يُساهم استخدام التكنولوجيا في التعليم في تسهيل عملية التعليم بفضل استخدام العروض التقديمية السمعية والبصرية، واستخدام برامج خاصة لمتابعة تقدّم الطالب، وحماية البيئة، حيث إنّ التوجه إلى التعليم الإلكتروني يُقلّل بشكل كبير من كمية الأوراق المستخدمة وبالتالي الحفاظ على الأشجار وعدم قطعها.
إضافة إلى تشجيع الطلاب على الدراسة من خلال استخدام التطبيقات والبرامج التي تجعل من التعليم عمليةً ممتعةً بالنسبة لهم، وإمكانية الوصول إلى المعلومات في أيّ وقت لكلّ من الطالب والمعلم.
ولفت حجيج الى دور التقانة في تسهيل استرجاع البيانات وتبادل المعلومات حيث سهّلت التكنولوجيا عملية الاتصال بين الناس عبر البريد الإلكتروني، والمكالمات الهاتفية، وتطبيقات التواصل الاجتماعي، كما تتميز الأجهزة الإلكترونية بالقدرة على تخزين الوسائط المتعددة والبيانات مثل الحاسوب والهاتف الذكي، وتتيح فرصة تبادل المعلومات، ومشاركة المحتوى مع الآخرين.
آثار سلبية
ورأت الاختصاصية الاجتماعية مروة بركات أن للتقانة آثارها السلبية، ومن وجهت نظرها تتمثل في أن الإنسان أصبح أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا أكثر من أي وقت مضى، ويعود ذلك للتطور السريع لها، وبالفعل عادت بالكثير من الآثار الإيجابية على حياة الإنسان إلا أنها أيضاً عادت بالأثر السلبي نتيجة الإفراط في استخدامها،
صعوبة بالدفع الالكتروني.. لعدم القدرة على امتلاك أجهزة نقالة متطورة قادرة على احتواء كل التطبيقات الحديثة
ويمكن أن يتضح التأثير السلبي على الصحة النفسية، إذ يزيد استخدام التكنولوجيا بكثرة من خطر إصابة الإنسان بالأمراض النفسية، حيث تسبب الاكتئاب والقلق، وقد أدت التفاعلات الاجتماعية السلبية عبر الشبكة العنكبوتية إلى حدوث الاكتئاب والقلق لدى الأفراد بمستوى عالٍ، كما تؤدي التفاعلات الإيجابية إلى مستوى أقل من الاكتئاب والتوتر، وبالتالي هنالك تأثير لنوعية التفاعلات عبر وسائل التكنولوجيا المختلفة في الصحة النفسية.. وزعزت الشعور بالوحدة إذ يقضي العديد من الناس الكثير من الوقت في استخدام التكنولوجيا الحديثة، وشبكات التواصل الاجتماعية، وغيرها من التطبيقات، ما يدفعهم إلى إهمال حياتهم الحقيقية وزيادة معدلات العزلة الاجتماعية، بحيث يميل الكثير ممّن يوجدون في المطاعم أو النوادي أو التجمعات العائلية إلى الانشغال بهواتفهم أكثر من الاهتمام بالتحدث مع بعضهم البعض.
وهناك التأثير السلبي على صحة الإنسان على الرغم من أنّ التقنيات التكنولوجية المختلفة جعلت حياة الإنسان مريحة، إلّا أنّها أثّرت بشكل سلبي في أمور أخرى، فالهواء والماء الملوثان بسبب النفايات الناتجة عن التكنولوجيا يُشكّلان خطراً على صحة الإنسان.
كما أنّ الضجيج العالي للمصانع والمركبات يُؤثّر سلباً في حاسة السمع، إضافة إلى سلبيات الاستخدام المفرط للهواتف الذكية الذي يُسبّب الإجهاد والكثير من الأضرار الصحية.