مسميات طنانة لـ “صيد الزبائن”.. قرار رسمي يسقط عند مقولة “الإفرنجي برنجي” في الأسواق السورية

تشرين- حلا محمد:
ضاعت مفاعيل التعميم الصادر عن مجمع اللغة العربية في دمشق وسط زحام الزبائن في الأسواق السورية، الباحثين عما يحاكي مسمّيات الخيال الجانح دوماً نحو ما هو غربي وغريب.
لتفوز المحال التجارية التي تستعرض مسمّياتها المستعارة ” الأكشن” أجنبية الدلالة والمعنى, بتدفق وقف أمامه أصحاب “المحافظين على المصطلح العربي” وينظرون بيأسٍ إلى حظوظهم العائرة التي عطلت دوران رأس المال والسلعة في تجارتهم.
تبدو هذه المحال بالفعل متلبّسة بمخالفة التعميم الذي ينص على منع استخدام الأسماء الأجنبية, وغاية التعميم الحفاظ على اللغة الأم ومنع طمس ثقافة اللغة العربية في المنطقة.

جذب الزبون
لا تفتقر الشوارع السورية للمحال التجارية بالأسماء الأجنبية بقدر ما تفتقدها باللغة العربية ولا يخلو شارع دمشقي “عاصمة الثقافة العربية” سابقاً من أسماء المحال المكتوبة باللغات الأخرى، كالإنكليزية والفرنسية وغيرها, ويبرز استخدامها بين تجار الألبسة والأحذية وصالونات الحلاقة والتجميل, ويبحث الأشخاص دوماً عن أسماء أجنبية عند الرغبة ببدء مشروع تجاري, اعتقاداً منهم أن الأسماء العربية لا تجذب المستهلك.
وهذا ما بيّنه لنا “عمار” صاحب محل تجاري لبيع الأحذية في دمشق, ويقول: إن عملية إطلاق اسم عربي على محله لا تجذب الزبائن, وهذا ما حصل معه في بداية مشروعه التجاري, والذي أسماه باسمه وكتبه باللغة العربية, والأمر جعله خارج المنافسة في السوق, وعندما حدّث لافتة المحل باسم أجنبي, زادت حركة البيع رغم أن جودة الأحذية بقيت ذاتها.
أما “مريم” فتؤكد أنها تشتري الثياب من المحال التي تحمل اسماً أجنبياً تحت ما يسمى “برند” اعتقاداً منها أن السلع في المحال التجارية ذات الأسماء الأجنبية هي حقاً العلامة التجارية التي تحمل اسمها, وأنها ذات جودة أكبر من المحال التي تحمل اسماً عربياً.
أما “عبير” فتحدثت عن خيبتها في الكثير من الأحذية والثياب التي اقتنتها من المحال التجارية المشهورة بأسماء أجنبية على أنها “قماشة أجنبية وذات جودة عالية” لتفاجأ بعد مدة قصيرة برداءة القطعة, رغم غلاء ثمنها.

وهم الجودة
يربط المجتمع العربي عموماً الأشياء ذات الجودة بالأجانب، كالعطور الفرنسية والألبسة التركية ويلعب التجار اليوم على هذا الوتر, تزامناً مع انتشار ثقافة (الغالي حقو معو) ساعد التجار على رفع الأسعار, وزيادة نشاط حركات البيع والشراء في الأسواق السورية, وخاصة الألبسة والأحذية, ومستحضرات التجميل, علماً أن الأغلبية تدرك حجم الحصار واستحالة الحصول على العلامة التجارية التي يطلق بعض التجار اسمها على لافتات محالهم, إلا أن وهم الجودة التي جذبها الاسم كان المحرك الأساسي في السوق السوري, ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة والغلاء الفاحش, فالمحال التجارية لا تكاد تخلو من الزبائن في أوقات معينة من السنة, كأوقات التنزيلات, والتي يحتاج فيها المواطن السوري إلى راتبه كله في بعض الأحيان لشراء قطعة ملابس بعد الخصومات.

مطرح “الحظ الأوفر”
نشطت في الآونة الأخيرة ظاهرة التردد الكثيف لصالونات الحلاقة والتجميل, وما تحمله من أساليب تجميل جديدة مثل “جيل الأظفار” “وجلسات تنظيف البشرة” وغيرها من الأساليب باهظة الثمن والتي رغم غلاء ثمنها هناك توجه مبالغ فيه نحوها.
وقالت “دانيا ” صاحبة صالون تجميل يحمل اسمها, مكتوب باللغة العربية، إن زبائن صالونها لا تتعدى زبونة أو اثنتين في اليوم الواحد رغم أنها معروفة منذ سنوات بالمنطقة, في حين أن صديقتها في المنطقة نفسها, تمتلك صالوناً منذ بضعة أشهر يرتاده الكثير من الزبائن, ويحمل صالونها اسماً أجنبياً وديكوراً يجذب الزبائن إليها, علماً أن صديقتها ليست أفضل منها في هذه المهنة.
ويؤكد رامي الشاب صاحب الـ 27 ربيعاً أنه ورغم صغر سنه إلا أن غالبية زبائنه من الفئات الكبيرة في السن, ويعتقد أن السبب هو تسمية محله باسم عربي، فكبار السن تفضل الأسماء العربية عكس الفئات الشابة التي تفضل الأسماء الأجنبية أكثر وهذا ما وجه الشباب في منطقته لصالون حلاقة بعيد عن المنطقة يحمل اسماً أجنبياً وديكوراً شبابياً.

عقدة نقص
ترى الاختصاصية النفسية والاجتماعية منال جنيد, أن سبب استخدام المحال التجارية أسماء أجنبية, هو نوع من التسويق لبضائعها وأن توجه الأفراد نحو البضاعة الأجنبية هو تعويض عن عقدة نقص, والاعتقاد بأن تقليد كل ما هو أجنبي سيجعلني أفضل, وبالأخص السيدات تعتقدن أن الصالون المسمّى باسم تركي ويضع صورة ممثلة تركية مشهورة وجميلة سيجعلهن تشبهن هذه الممثلة, وبالتالي يعزز عقدة النقص لديهن.
وتضيف جنيد: البضاعة المحلية اليوم لم تعد بالبريق السابق لها ويجب إعادة ثقة الفرد بها, وأن عقدة النقص في التوجه للبضاعة الأجنبية نتيجة تصدير المنتجات المحلية ذات الجودة العالية خارج البلاد لكونها لا تتناسب مع القدرة الشرائية للشرائح الغالبة في سورية, ما جعل الأشخاص تتوجه نحو الشراء من المحلات التي تحمل أسماء “برند” مشهور وإن كانت ذات البضاعة تباع في مكان آخر بصورة متواضعة أكثر, كنوع من التعويض النفسي عن عدم القدرة على شراء منتج محلي بجودة عالية.
“وختمت” ليس من المعقول أن أمشي في شوارع دمشق وأشعر أني في نيويورك, أنا لست ضد تسمية المحال بأسماء أجنبية إذا كانت فعلاً هي العلامة التجارية التي تحمل اسمها, ولكن الأمر بات تقليداً لتسويق المنتجات فقط.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية الرئيس الأسد يصدر قانوناً يشدد الغرامات والعقوبات على كل أفعال التخريب أو سوء استخدام شبكة الاتصالات وبنيتها