لعلها الخيار الأسلم…

ما يحدث في أسواقنا المحلية هذه الأيام أقل ما نسميها “مصائب” متنوعة ومختلفة، من حيث طبيعتها ونوعيتها، والقائمين على فعلها، والأهم أهداف هؤلاء في استغلال حاجات الناس، وتكوين الثروات على حسابهم، مستغلين أزمة انشغلت فيها كل أجهزة الدولة، سببتها حرب كونية، وحصار اقتصادي ظالم، استهدف معيشة المواطن، وحدوث أزمات متلاحقة في ارتفاع الأسعار وفقدان المواد وصعوبة تأمينها، وغير ذلك كثير، يُعيد إلى الأذهان ذكريات الماضي الجميل، والتي تحمل مؤسسات كبرى، كانت أذرع الدولة، تبسط فيها السيطرة على الأسواق، من خلال ميزات أساسية واختصاصية في التدخل، منها التجزئة والخزن واللحوم والخضراوات والفواكه والألبسة، وحتى الكماليات كان لها النصيب الأكبر..!
وبالتالي لا أحد يستطيع نكران تدخلها الإيجابي على مر العقود الماضية ولا حتى خلال الأزمة الحالية، ولا في أزمات كثيرة مرت فيها الدولة، كان لها الدور الأبرز في حماية المواطن وتأمين متطلباته الأساسية, ولعل أزمة ثمانينات القرن الماضي خير شاهد و دليل, وإن اختلفت الأدوات بعض الشيء في الأزمة الحالية في ظل ذراع وحيدة ما زالت تقاوم تحديات أكبر من إمكاناتها، ومحدودية في الانتشار مقابل انتشار كبير للخاص، يبسط أجنحته على مصراعيها في الأسواق، مستغلاً حاجة الدولة والمواطن لاستقرار الأوضاع المعيشية اليومية, وتأمينها بصورة تسمح باستقرار يخفف الأعباء المادية على خزينة الدولة بصورة مستمرة, من دون أي تباطؤ يفسح المجال لأصحاب النفوس الضعيفة من التجار استغلالها بصور مختلفة, معظمها تصب في خانة الاستغلال والاحتكار وتكوين الثروة على حساب الوطن والمواطن, وهذا ما حصل في السابق, وما يحصل الآن صورة مشابهة لكنها أبشع وذلك باختلاف الأسباب والمسببات, وحتى الأدوات ..؟!
وهنا بطبيعة الحال لا ننكر الدور الإيجابي الذي تقوم به الدولة عبر “السورية للتجارة” لكن ذراع واحدة لا تصفق، والمطلوب اليوم يفوق كل إمكاناتها المادية والبشرية وحتى جغرافية الانتشار، والأهم مفرزات الأزمة السلبية التي أرخت بثقلها على أداء هذه الذراع وشلت بعض مكوناتها، ما تثاقل عليها الأمر، وتراجع حجم الأداء رغم تسجيل الكثير من النقاط الإيجابية، لكنها لا تكفي، وإن قدرناها بنسبة مئوية، فهي لا تتجاوز سقف الثلاثة في المئة..!
وبيت القصيد هنا “التراجع عن الخطأ فضيلة”، فقرارات الدمج السابقة لا تحمل كل الصواب، فهي لا تخدم التدخل الإيجابي، والدليل ما يحدث اليوم من أزمات متلاحقة في الأسواق، ووجود الدولة بأذرعها المتعددة “السابقة” يكفل حرية تدخل سريع أوسع وأشمل بكثير، وتفرض سيطرة في التدخل عبر اختصاصات مختلفة، وما نحتاجه اليوم إعادة تلك المؤسسات لعلها الخيار الأسلم في هذه الظروف الصعبة .!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار