اقتصاد غزة ونيرون العصر والانحطاط الأخلاقي والفكري؟

أكد السيد الرئيس بشار الأسد بتاريخ 26/10/2023 وخلال حوار سيادته مع مجموعة واسعة من أعضاء السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين على أن [ جوهر السياسة الأمريكية طوال عقود ماضية حتى الآن التصعيد العسكري وخلق الفوضى، وتتبعها في هذه السياسة أوروبا التي تعيش حالة انحطاط ليس فقط على المستوى الأخلاقي وإنما حتى على المستوى الفكري.  وأن ما يحصل في غزة اليوم أعاد قضية فلسطين إلى مكانتها الحقيقية في الوجدان والوعي العربي، وأضاف سيادته إن اتهام الغرب وأمريكا بالتعامل على أساس المعايير المزدوجة هو اتهام غير دقيق، والصحيح أن الغرب وأمريكا ينتهجون معياراً واحداً في سياستهم، وهو الانحياز الدائم لمصالحهم الخاصة وأن “إسرائيل” تمثل حجر الأساس في المشروع الاستعماري في المنطقة].

نعم سيدي الرئيس قادة أمريكا وأوروبا هم قادة

( الليبرالية المتوحشة ) التي تعمل ضد شعوبهم وشعوب العالم، بدليل الإدانات الشعبية الكبيرة والتي عبر عنها بمسيرات مؤيدة لفلسطين ومنددة بمواقف القادة الأوربيين قادة الليبرالية المتوحشة التي تعتمد على تمركز رأس المال وتهميش الشعوب، ولعل ذلك أحد أبرز الأسباب التي تشعل الصراعات في مناطق كثيرة في العالم، ومن بينها منطقتنا التي تشهد الآن حرباً على غزة تمثل نموذجاً صارخاً لهذا الانحياز.. فهل يتحرك الوجدان العربي الاقتصادي لإنهاء اتفاقيات التطبيع وإلغاء الاتفاقيات التجارية بما فيها الممر الذي يصل من الهند إلى الكيان الصهيوني وتحويل شرق المتوسط إلى منطقة استثمارية عربية مع الدول الصديقة التي وقفت مع غزة وخاصة بعد اكتشاف احتياطيات كبيرة من النفط والغاز فيه، وسحب الاستثمارات العربية من أمريكا و الدول الأوربية، وتقليص  التبادل التجاري ( العربي – الأميركي ) والذي بلغ أكثر من /121/ مليار دولار لسنة /2022/ ،  وفي حال السماح لإسرائيل بعدوانها ستتضرر اقتصاديات المنطقة بأكملها، وقد أكدت هذا السيدة ( كريستينا غورغييفا) مديرة صندوق النقد الدولي بأن ( الحرب المتواصلة بدأت تؤثر بشكل سلبي على اقتصادات الدول المجاورة في المنطقة) ، فغزة هاشم بمقاوميها الأبطال استدعت استنفار قوى الليبرالية الفاشية المتوحشة من دول الاستعمار القديم والحديث، ووجهوا حقدهم عبر قوتهم المدمرة ضد المدنيين في غزة، ولولا خوف الغرب على مصالحه بما فيها “إسرائيل” لما استحضر قواته الوحشية لقتل المدنيين وخاصة النساء والأطفال، وحرقوا غزة ببشرها وحجرها وشجرها لكن غزة صامدة، ونيرون بل  نيرونات العصر من قادة الدول الغربية الذين توافدوا إلى زيارة الكيان المصطنع لتقديم الدعم للإرهابي ( بنيامين نتنياهو ) الذي أمر بتدمير كل شيء في فلسطين يذكرنا بالدموي القاتل (نيرون) الذي حكم روما بين سنتي ( 54و68 ) ميلادي، وأمر بحرقها، وقال عنه الشاعر الكبير ( محمود درويش ) في قصيدته [ نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل! وحبوب سنبلة تجفّ ستملأ الوادي سنابل]، فوديان وجبال غزة امتلأت  بالشهداء، وأصبح الشهيد عنوان غزة وكما قال شاعرنا أيضاً [ إن سألوك عن فلسطين قل لهم: بها شهيد يسعفه شهيد يصوّره شهيد يودعه شهيد يصلي عليه شهيد]، العدوان الإسرائيلي حرك ضمائر شرفاء العالم فهل نتحرك نحن العرب لنخرج من الإدانات (رغم أهميتها)  إلى الإجراءات وفي مقدمتها توقيف التطبيع وقطع العلاقات الاقتصادية مع هذا الكيان وداعميه، وخاصة أن عتاة الصهاينة وصفوا العرب بأوصاف مهينة ووصل بهم الأمر إلى أن العربي الأفضل هو العربي الميت كما قال الصهيوني (الحاخام عباديا يوسف) وقال أكثر من هذا وزير الحرب الصهيوني ( يوأف غالانت )  بأنه يجب أن يفرض حصاراً كاملاً على غزة من قطع للكهرباء والماء والطعام والأدوية والوقود وغيرها وتدمير للبيوت والأحياء السكنية وقال وعلى مرأى ومسمع من العالم

[ نحن نقاتل حيوانات ونتصرف وفقاً لذلك] فأين أنتم يا نيرونات العصر ؟ !

“إسرائيل” دمرت 200 ألف وحدة سكنية بغزة في 20 يوماً، وشبه المقاومون الذين يدافعون عن وطنهم بأنهم من ( داعش ) ومعروف أن أمريكا وما يدعى الجامعة

( الإسلامية ) في تل أبيب هم الذين أوجدوا “داعش” وقيادة “داعش” لتدمير الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وقد عبر عن هذا بشكل واضح وصريح الرئيس الأمريكي السابق المرشح الجمهوري ( دونالد ترامب ) في حواره مع وزيرة الخارجية الأمريكية المرشحة الديمقراطية ( هيلاري كلينتون ) خلال الحملة الانتخابية التي فاز بها ترامب، كما قام الكيان الصهيوني سنة /1956/ بوضع خطة لتهويد الإسلام والمسيحية من خلال تأسيس ( جامعة تل أبيب الإسلامية ) وتخرج منها عتاة الإرهابيين الدواعش ويعطونهم أسماء عربية مثل

( أبو حفص الليبي – أبو بكر البغدادي – أبو عمر الشامي – أبو علي المغربي ..

إلخ ] وقد أكد هذا الكثير من مراكز الأبحاث والمفكرين العرب والأجانب ؟، فهل نقوم ومن باب (أضعف الإيمان) بوقفة عربية على الأقل لقطع العلاقات الاقتصادية مع قاتلي الأطفال العرب والذين قالوا بالعرب ما لم يقله ( مالك في الخمر ) ، وبداية ذلك تطبيق قرار جامعة الدول العربية بمقاطعة هذا الكيان الذي وجد بحكم القوة وليس بحكم القانون، ونطبق قرار الجامعة العربية سنة /1955/ ، وهنا أسأل بل أتساءل كيف يمكننا أن نفهم أنه وحسب التصريحات الصهيونية بأن العرب استوردوا أكثر من /25%/ من الصادرات الإسرائيلية الكلية  البالغة /13/ مليار دولار  لسنة /2022/؟

واقتصادياً أتساءل زمن باب ( ربط السبب بالنتيجة أو العلة بالمعلول ) ماذا لو خرجنا كعرب من ضعفنا وتشتتنا وواجهنا عدونا التاريخي على الأقل اقتصادياً فكيف سيكون واقع اقتصاد هذا الكيان الذي يدعي أنه من أكثر اقتصاديات المنطقة تطوراً؟!، ولكن لغة الوقائع والأرقام تؤكد عكس ذلك، وتؤكد المصادر الصهيونية أن الاقتصاد الإسرائيلي حالياً بدأ يعاني من عدوانه الوحشي ومعذرة من الوحوش على ( غزة هاشم )  وأكدت المصادر الصهيونية تراجع الكثير من المؤشرات الاقتصادية حتى الآن  ومنها على سبيل المثال وليس الحصر [ تراجع معدل النمو الاقتصادي من /3،5%/ إلى أقل من /2%/ وارتفاع معدل البطالة لأكثر من /8%/ – تراجع سعر صرف الشيكل الصهيوني بأكثر من /30%/ لأول مرة في تاريخ الكيان  – تراجع قطاع التكنولوجيا الصهيوني بحدود /18%/ وأغلبه ذو طابع أمريكي ويساهم بأكثر من /50%/ من الصادرات الصهيونية بسبب هروب أكبر الشركات التكنولوجية والمستثمرين من الكيان وسحب أكثر من /20%/ من العاملين به إلى جبهات الحرب –  توقف الكثير أو تراجع عمل المؤسسات الاقتصادية الصهيونية بعد سحب نحو /360/ ألف صهيوني إلى جبهات العدوان ما سبب تراجعاً في الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية – أكد الصهيوني وزير المالية ( يؤييل سمو تريش وهو رئيس حزب ( الصهيونية الدينية ) أن خسائر الكيان الصهيوني خلال ثلاثة /3/ أيام بحدود /912 / مليون دولار من [  طلعات الطائرات وثمن صواريخ الباتريوت وتزويد الآليات بالوقود واستهلاك ذخيرة .. إلخ ، أي بمعدل يومي /304/  ملايين دولار وخسائر الأسبوع الأول /1500/ مليون  دولار وخلال الأسابيع الثلاثة من العدوان تجاوزت الخسارة /7000/ مليون دولار    – توقف قطاع السياحة والذي كان يؤمن دخلاً للاقتصاد الصهيوني نحو /6/ مليارات دولار لسنة /2022/  وأعلنت الحكومة الصهيونية عن توقف كل الرحلات وعودة الكثير من السياح مباشرة إلى بلادهم، توقف الكثير من حقول الغاز وخاصة بالقرب من مستوطنة ( عسقلان ) عن العمل حسب شركة ( شيفرون الأمريكية ) وهذا الحقل كان يؤمن نحو /70%/ من الكهرباء والطاقة لإسرائيل وهو ما تسبب فى خسائر جسيمة بمئات المليارات أسبوعياً وأوقفت شركة شيفرون الأميركية تصدير الغاز من البحر الأبيض المتوسط جوار غزة وعبر خط أنابيب الغاز بين مصر وإسرائيل – تراجع البورصة الصهيونية بأكثر من /10%/ – تراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد الإسرائيلي وللمرة الأولى وتحول المؤشرات إلى سلبية من قبل الكثير من وكالات  التصنيف الائتماني العالمية  ومنها ( ستاندرد آند بورز غلوبال” موديز ” فيتش –  خسارة أكثر من /70%/ من الاحتياجات الغذائية التي كانت تنساب من مستوطنات غلاف غزة – إعادة النظر بموازنة سنة /2024/ وتوقعات بزيادة العجز السنوي لأكثر من /6%/ وكان المتوقع /1،3%/  … إلخ ]

فهل يصحو الوجدان العالمي وإذا صحا فإن الكيان الصهيوني سيترنح ويتحول من كلب حراسة للمصالح الصهيوغربية على حساب العرب إلى كلب حراسة هرم عاجز فاشل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار