“الأرمن على ضفاف البحر الأسود” في الأسبوع الثقافي الأرمني بجامعة حلب
تشرين- رنا بغدان:
انطلق في رحاب جامعة حلب “الأسبوع الثقافي الأرمني” تحت عنوان “البصمة الأرمنية” الذي يقيمه نادي الشبيبة السورية الثقافي بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية وذلك تحت رعاية أمين فرع جامعة حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي وبركة مطران الأرمن الأرثوذكس لأبرشية حلب وتوابعها وتستمر الفعالية ثلاثة أيام تفتتح بـ”معرض الثقافة الأرمنية”، وتتخللها محاضرة بعنوان “الأرمن على ضفاف البحر الأسود”، ومسرحية “الجذور” التابعة لنادي الشبيبة السورية الثقافي, وأمسية احتفالية مع المطرب “فاهه”.
وفي محاضرته “الأرمن على ضفاف البحر الأسود” تحدث الدكتور سركيس بورنزسيان الكاتب والباحث والمحلل السياسي في الملف التركي عن الحضور الأرمني في “اسطنبول” فقال: إنه حضور موغل في القدم بحكم أن المدينة كانت تعدّ “روما الثانية” لأسباب ثقافية ودينية وسياسية واقتصادية.. وفي عام 1045 بعد سقوط المملكة الأرمنية واحتلال البيزنطيين لعاصمتها “Ani” وهزيمتهم في معركة ملازكيرد 1071 هاجر الأرمن بشكل جماعي باتجاه سواحل البحر الأسود وآسيا الصغرى باتجاه القسطنطينية بحثاً عن الأمان والاستقرار إلى أن سقطت سنة 1453 بيد السلطان محمد الفاتح وعدّ سقوطها نقطة تحول في تاريخ المدينة بشكل عام والحضور الأرمني بشكل خاص وأثبت الأرمن خبراتهم ومهاراتهم في مختلف المجالات وشكلوا جزءاً من نسيج اجتماعي متعدد الأعراق والأديان وسرعان ما بعث السلطان إلى مطران الأرمن في بورصة هوفاكيم للحضور إلى القسطنطينية واعترف به بطريركاً على الأرمن وعلى الرعايا المسيحيين من غير الروم وبذلك تم الاعتراف بالأرمن عام 1461 وتمّ تأسيس البطريركية الأرمنية في اسطنبول واعتبر البطريرك في مصاف كبار علماء الدين المسلمين في الدولة.
وعن دور الأرمن في المجالات الثقافية المسرحية والموسيقية والهندسية وغيرها تحدّث د.بورنزسيان قائلاً: لعب الأرمن دوراً رئيساً في ولادة المسرح التركي المعاصر, ففي عام 1855 قدمت أول مسرحية من إخراج سرابيون حكيميان وقدمت مسرحيات شكسبير, أما في مجال التأليف المسرحي فبرز كل من نيشان بيشيكداشليان, وبيدروس توريان, وهاكوب بارونيان “أبو المسرح الأرمني الساخر” وأشهر مسرحياته “المتسولون المحترمون، أبي صوغوم آغا..”.
وعلى الصعيد الموسيقي ساهموا في الحركة الموسيقية وكانوا أول من شكلوا فرق الكورال وقدموا الألحان بشكل بوليفوني وبرز الموسيقار كوميداس عبر كوراله. والجدير ذكره أن دار أوبرا اسطنبول بنيت من قبل المهندس كيغام كافافيان ومن أشهر الشخصيات الموسيقية المايسترو هوفانيس شيكيجيان والمايسترو خورين ميخانجيان والمؤلف الموسيقي كارو مافيان وغيرهم..
وتابع د.سركيس فقال: وفي مجال الهندسة المعمارية برز المعماري سنان الذي لُقّب بمايكل انجلو الشرق فقد أنشأ العشرات من الأعمال الهندسية أشهرها جامع السليمانية.. أما عائلة باليان فقد نقلوا الحضارة الغربية إلى تركيا ومن أشهر أعمالهم قصر دولما باغشاه, مسجد أورتاكوي, حدائق, ساحات… وغيرهم الكثير من المعماريين. إضافة إلى مساهمة الأرمن على صعيد الحياة السياسية والاقتصادية فقد برز منهم المستشارون والسفراء والوزراء والولاة والفقهاء والكتّاب وعلماء اللسانيات والصحفيون..
كما تحدّث د. بورنزسيان عن الأرمن في الشواطئ الجنوبية الشرقية للبحر الأسود “أرمن هامشن” والتي انتهت إمارتهم عام 1489 بعد انقسامها إلى عدة أقسام.
أما في “القرم” فقد حافظ الأرمن على وجودهم فيه منذ القرون الوسطى, واستمر تدفقهم وهجرتهم عبر القرون اللاحقة من وطنهم في المرتفعات الأرمنية والمدن البيزنطية الأخرى باتجاه القرم عبر الشواطئ القوقازية والشواطئ الأوروبية للبحر الأسود بسبب الظروف السياسة والاقتصادية والاجتماعية السيئة في أرمينيا إثر الحملات السلجوقية والمغولية على آسيا الصغرى, وحسب المصادر التاريخية فقد عمل الأرمن في التجارة بعد استقرارهم في القرم وأسسوا علاقات تجارية هامة مع أوروبا وآسيا ..