طرحت المشاريع الصغيرة والمتوسطة كخيار استراتيجي أريد توسيع نطاقه إلى فئة الشباب خلال فترة الحرب اللعينة لدعم اقتصادنا المحلي المتعب، المعتمد أساساً على هذا النوع من المشاريع، المعول عليها بدرجة أكبر في تحقيق الإنقاذ المأمول وخاصة عند امتدادها إلى المشاريع الزراعية الأسرية، لكن للأسف ظل دعمها محصوراً في أقبية الاجتماعات والدراسات والتصريحات الإعلامية، وحينما يجدّ الجد توضع “العقدة بالمنشار” المتمثلة بالتمويل، عند طلب ضمانات عديدة لطمأنة قلوب الجهات الممولة وكأن أصحاب المشاريع يملكون ملاءات مالية كبيرة.
هيئة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بتسميتها الجديدة والقديمة فشلت فشلاً ذريعاً في إيجاد آلية واضحة لإقناع المصارف والجهات الممولة الأخرى لدعم هذه المشاريع، التي باتت تحتاج إلى حل جذري ينهي معضلة التمويل، ويشجع الراغبين بتأسيس مشاريع متناهية الصغر وصغيرة على الانطلاق دون تخوف من تعقيدات المصارف وطلباتها الكثيرة، وهذا يفرض اتخاذ جملة خطوات تصدر من جهات عليا كتخفيض الفائدة على القروض، والمرونة في إنجاز معاملات القروض بعيداً عن الروتين القاتل، الذي يجعل المقترض “يكره عمره” لحين انتهائها، مع دفع مبالغ طائلة يفترض صرفها على مشروعه وليس على مجرد معاملة، والأهم تخفيف الضمانات قدر الإمكان، وهنا نسأل لماذا لا تدخل المصارف أو أي جهة مانحة كشريك في هذه المشاريع إن رغب أصحابها، بدل الركون إلى المشاريع الاستهلاكية أو تفضيل مشاريع رجال الأعمال الممتلئين مالياً، مع أنهم أكثر المتخلفين عن السداد ولنا في القروض المتعثرة دليل صارخ، وبذلك تكون المصارف حافظت على أموالها واستثمرتها بمشاريع منتجة وتنموية، بالتعاون مع هيئة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الغائبة كلياً عن الساحة مع أنه كان يتوجب عليها العمل كخلية نحل واستثمار هذه الظروف الصعبة في الترويج لهذه المشاريع وقطف الدعم المطلوب لتوسيع نطاقها في كل المجالات وتحديداً المجال الزراعي والصناعي.
المشاريع الزراعية المتناهية الصغر والصغيرة في الأرياف تحديداً تعد مربط الفرس في تحقيق التنمية الريفية المطلوبة، التي ينعكس خيرها على أهالي الأرياف والمدينة، عند إنشاء مشاريع منتجة تكون مولدة لفرص العمل أو أقله تكفي العائلات زادها، وتمد الأسواق بمنتجات محلية نظيفة أسعارها مقبولة، لذا يؤمل خلال الفترة القادمة منحها الاهتمام الكافي عبر تسهيلات وإعفاءات مشجعة وتأمين البيئة القانونية والإدارية والمالية المناسبة لتأسيس كل قرية أكثر من مشروع، والمساهمة بتسويق وترويج ونقل هذه المنتجات إلى المدن تخفيفاً للأعباء ريثما يحقق أصحاب المشاريع عائدات جيدة تضمن استمرارية مشاريعهم، وصولاً إلى إنتاج قرارات حاسمة تخرج المشاريع الصغيرة والمتوسطة من نفق التأخير والدعم الإعلامي فقط، فاليوم الوقت مهم جداً لتفعيل هذه المشاريع، التي تعطي نتائج وثماراً سريعة حال تقديم الدعم المطلوب.