السفير عطية: الاعتداء الإرهابي على الكلية الحربية في حمص جاء بأوامر من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى
أكد مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي السفير ميلاد عطية، أن الاعتداء الإرهابي على الكلية الحربية في حمص ما كان ليحصل لولا أوامر وتوجيهات الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من دول غربية، ما تزال تقدم الدعم والتمويل والتسليح والتدريب، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية للإرهابيين الموجودين على الأراضي السورية، مشيراً إلى أن هذا النهج الغربي شجع أولئك الإرهابيين على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق المواطنين السوريين.
وأوضح عطية في بيان اليوم خلال افتتاح الدورة الـ 104 للمجلس التنفيذي للمنظمة التي بدأت أعمالها أمس وتستمر أربعة أيام، أن الأمانة الفنية لمنظمة الحظر تتجاهل بوصفها منظمة دولية، كل التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وتلك التي تقدمها اللجان والفرق المتخصصة إلى مجلس الأمن، والتي تؤكد جميعها أن المجموعات المدرجة على قوائم مجلس الأمن ككيانات إرهابية، مثل تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” تمكنت من امتلاك أسلحة متطورة، ومنظومات جوية استخدمها الإرهابيون في مناسبات متعددة بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، وكانت تنظم استخدام الأسلحة الكيميائية وتشجع عليها، وتقوم بتصنيع وإنتاج صواريخ وقذائف هاون كيميائية، إضافة إلى تطوير واختبار وتسليح ونشر مجموعة من العوامل الكيميائية، مشيراً إلى أن أوضح مثال على ذلك، ما قامت به المجموعات الإرهابية قبل أسبوع من استهداف إحدى الكليات العسكرية في سورية، بطائرات مسيرة، أثناء حفل تخرج الطلاب الضباط فيها، والذي راح ضحيته مئات المواطنين الأبرياء بين شهيد وجريح، معظمهم نساء وأطفال.
وأكد عطية أن هذه الجريمة الإرهابية البشعة الجبانة ما كان لها أن تحصل لولا أوامر وتوجيهات الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من دول غربية ما تزال تقدم كل أشكال الدعم والتمويل والتسليح والتدريب، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية للإرهابيين الموجودين على الأراضي السورية، والتغطية على جرائمهم، وأن هذا النهج الغربي شجع أولئك الإرهابيين على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق المواطنين السوريين، بما في ذلك الاستمرار بالتحضير لاستخدام مواد سامة كأسلحة، لاتهام الدول السورية بها، محذراً من إمكانية تحميل الإرهابيين لتلك الطائرات المسيرة المتطورة بأسلحة كيميائية، وبالتالي، فإن خطر امتلاك واستخدام الإرهابيين لأسلحة كيميائية يهدد الأبرياء في مناطق أخرى من العالم.
وبين عطية أن سورية انضمت إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في الـ 14 من تشرين الأول عام 2013، انطلاقا من إيمانها الراسخ بضرورة التخلص من أحد أخطر أنواع أسلحة الدمار الشامل، وكان قراراً سيادياً سورياً خالصاً، ولرفضها القاطع استخدام الأسلحة الكيميائية لأسباب أخلاقية وإنسانية، ولذلك بذلت قصارى جهدها وعملت بكل جد والتزام ومصداقية وشفافية على تنفيذ كل ما يترتب عليها من التزامات بموجب عملية الانضمام هذه، خلال وقت قياسي، رغم الجداول الزمنية الصارمة التي فرضتها المنظمة والأوضاع الصعبة للغاية، التي مرت بها سورية نتيجة الحرب التي فرضت عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من دول غربية ومجموعات إرهابية.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أنه طوال السنوات العشر المنصرمة، أنجزت سورية كل ما هو مطلوب منها، وتعاونت بشكل كامل مع الأمانة الفنية للمنظمة وفرقها، وتم تدمير مخزون سورية من السلاح الكيميائي بالكامل، وهذا ثابت في تقارير الأمانة الفنية والمدير العام للمنظمة، التي تؤكد أنه تم تدمير جميع المواد الكيميائية التي أعلنت عنها سورية والتي رحلت من أراضيها عام 2014، كما تحققت الأمانة الفنية من تدمير جميع مرافق إنتاج الأسلحة الكيميائية التي أعلنت عنها سورية.
وبين عطية أن سورية واجهت حملة غير مسبوقة تاريخيا من التشكيك والاتهامات الباطلة بعدم التعاون مع المنظمة وأمانتها الفنية، وتحولت منظمة الحظر فيما يخص ملف الكيميائي في سورية، من منظمة فنية لها أهداف سامية إلى أداة في لعبة جيوسياسية تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها، حيث ابتعدت المنظمة عن المهنية والأهداف التي أنشئت من أجلها، وتعيش حالياً انقساماً غير مسبوق يهدد مستقبلها.
ولفت عطية إلى أن سلوك تلك الدول يتناقض بشكل صارخ مع نصوص الاتفاقية، ومع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويندرج هذا النهج الغربي المدمر في إطار توظيف المنظمة وما تبقى من الجوانب الفنية في “ملف الكيميائي” لخدمة أغراضها السياسية العدائية ضد سورية، واستخدام هذا الملف كوسيلة للتدخل العسكري وتبرير العدوان المتكرر على الأراضي السورية، وتبرير أي عدوان تخطط له الدول الغربية ضد سورية مستقبلاً، حيث عانت المنظمة منذ عام 2018 من انحراف خطير في عملها، نتيجة محاولات الدول الغربية فرض قرارات تخالف ما تنص عليه الاتفاقية، ما
أدى إلى حالة من الاستقطاب والانقسامات الحادة لم تشهدها من قبل.
وأوضح عطية أن الأمانة الفنية للمنظمة أقرت في مذكرة لها صدرت في الـ 27 من أيلول الماضي بأن سورية زودتها بأكثر من 200 رسالة عن محاولات الإرهابيين التحضير لفبركة حوادث استخدام مواد سامة كأسلحة لاتهام الدولة السورية بها، معرباً عن أسف سورية للتجاهل المتعمد وإهمال كل ما قدمته من معلومات وأدلة عن امتلاك الإرهابيين أسلحة كيميائية، واستخدامهم لها في أكثر من حادثة وقعت بحق المواطنين وعناصر الجيش العربي السوري، بتعليمات من الولايات المتحدة وفرنسا ودول غربية أخرى وتركيا، وفوق كل ذلك، تقول الأمانة الفنية في تقريرها إنه لم تظهر قط مثل هذه الصلة بين محتوى هذه المذكرات السورية وتحقيقات الأمانة.
وأكد عطية مجدداً رفض سورية القاطع لاستخدام الأسلحة الكيميائية من أي جهة كانت، وفي أي زمان أو مكان، وتشديدها أنها لم ولن تستخدم تلك الأسلحة لأنها لا تمتلكها أصلاً، وقد عبرت عن موقفها الواضح، في أكثر من مناسبة، بأنها معنية بوجود فرق تحقيق تتبع لمنظمة الحظر، على أن تكون فرقاً غير متحيزة ونزيهة، وتعمل بمهنية بعيدا عن التسييس، وألا تتحول إلى أداة سياسية لتحقيق أهداف الدول الغربية المعروفة بمواقفها المعادية لسورية منذ عام 2011 حتى الآن، إلا أن الواقع كان عكس ذلك تماماً.
وجدد عطية مطالبة سورية للأمانة الفنية بعدم الانصياع للضغوط التي تمارسها الدول الغربية، وأن تقوم بأداء المهام الموكلة إليها كما تنص الاتفاقية معيدا التذكير بموقفها الثابت من “فريق التحقيق وتحديد الهوية” منقوص الشرعية، الذي أعطي ولاية تخالف نصوص الاتفاقية، الأمر الذي دفع سورية، ودولا أخرى، إلى عدم الاعتراف بشرعية هذا الفريق وعمله، ورفضها أي مخرجات صدرت أو ستصدر عنه مستقبلاً، انطلاقاً من احترامها وتقيدها والتزامها بنصوص اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تحقيق عالمية اتفاقية الحظر يمثل خطوة مهمة جدا في ضمان إقامة نظام عالمي فعال ضد الأسلحة الكيميائية، إلا أن هذا الأمر لن يتحقق من دون إلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى الاتفاقية، ووضع أسلحتها النووية والكيميائية والبيولوجية تحت الرقابة الدولية، مشيراً إلى أن ممارسات الأمانة الفنية مع الدول التي تنضم لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وخاصة في الظروف الراهنة، لا تشجع على تحقيق عالمية الاتفاقية، والمفارقة أنه لا أحد يناقش تهديد “إسرائيل” التي تمتلك السلاح الكيميائي للأمن والسلم في المنطقة والعالم، أما الدول التي تنضم إلى الاتفاقية، مثل سورية، فيتم التعامل معها بطريقة لا تنسجم مع الحد الأدنى من التفهم والإيجابية.
وطالب عطية بوجوب التعاون الدولي لمواجهة القيود غير الشرعية التي فرضتها بعض الدول المعروفة على نقل التكنولوجيا العلمية للأغراض السلمية إلى الدول النامية، وإخضاعها لإجراءات أحادية قسرية غير شرعية ضد دول أخرى، بهدف منعها من تحقيق التنمية الاقتصادية والعلمية لشعوبها، ومنعها من استخدام الكيمياء للأغراض السلمية في مخالفة صريحة لأحكام الاتفاقية وللقانون الدولي، مجدداً رفض سورية القاطع للإجراءات القسرية أحادية الجانب، التي تفرضها الولايات المتحدة ودول غربية عليها في انتهاك صريح وفاضح لأحكام المادة الـ 11 من اتفاقية الحظر ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ومطالبتها تلك الدول، التي تدعي زوراً وبهتاناً حرصها على الشعب السوري، بالتوقف عن هذه السياسة غير الأخلاقية وغير الإنسانية.
ولفت عطية إلى أن بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ما زالت تعمل على إقحام منظمة الحظر الفنية بقضايا جيوسياسية وأمنية ذات طابع إقليمي ودولي، ويبرز ذلك جلياً باستخدام تلك الدول لاجتماعات أجهزة صنع السياسات في المنظمة منصة لتوجيه اتهامات باطلة لروسيا فيما يتصل بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، مؤكداً حق روسيا في الدفاع عن نفسها وحماية أمنها القومي رداً على السياسات الغربية العدوانية، وأن موقف سورية المؤيد للعملية، كان وسيبقى قائماً على اعتبارات ومبادئ سياسية وأخلاقية وقانونية راسخة.
يشار إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تعقد في العام ثلاث دورات للمجلس التنفيذي، حيث عقد المجلس دورته الـ 102 في آذار الماضي، والدورة الـ 103 في تموز، ويستمر المجلس في دورته الحالية حتى الـ 13 من الشهر الجاري، حيث تنعقد هذه الدورة، قبل شهر من انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في دورته الـ 28 التي ستناقش المداولات ومشاريع القرارات التي يتم تقديمها من المجلس التنفيذي الخاصة بعمل المنظمة، وقد شارك في اجتماعات هذه الدورة نائب مندوب سورية الدائم لدى المنظمة السفير الدكتور لؤي العوجي.