الاقتصاد الأمريكي بين مطرقة الدين العام وسندان التحولات!!

العالم كله مشغول بتداعيات رفع (سقف الدين العام أو ما يعرف بحد الدين العام)، ويتقاذف كل من الحزبين الديمقراطي، وشعاره الحمار، والجمهوري، وشعاره الفيل، التهم حول أسباب زيادة الدين العام وكيفية علاجه، حيث تجاوز الدين الأمريكي الحد المسموح به وخاصة بعد أن تم رفعه بمقدار /2،5/ تريليون دولار في شهر كانون الأول سنة /2023/ ليتجاوز حالياً /31،4/ تريليون دولار وبما يعادل /125%/ من قيمة الناتج المحلي الأمريكي GDP، وهذا أكثر من الحد الذي سمح به الكونغرس الأمريكي والسبب هو زيادة النفقات عن الإيرادات، ويتضمن هذا الدين كلاً من (الدين الداخلي من ديون المواطنين والحيازات الحكومية الداخلية للصناديق الحكومية مثل صندوق التقاعد والضمان وغيرها إضافة إلى الديون الخارجية وخاصة للصين واليابان وبريطانيا)، وتطالب إدارة ( جون بايدن ) برفع سقف الدين دون أي قيود لكن السيد رئيس الكونغرس ( كيفن مكارثي ) من الحزب الجمهوري ومعه الكثير من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين، رفضوا ذلك وطالبوا بتخفيض النفقات في الموازنة الأمريكية بمقدار /1،5/ تريليون دولار، وبرأي الرئيس الأمريكي جون بايدن فإن عدم رفع سقف الدين سيحدث تعثراً وسينزلق اقتصاد البلاد إلى الركود، وستتأثر سمعة واشنطن الدولية بشكل كبير، وأضاف: إذا تخلفنا عن سداد ديوننا، فإن العالم بأسره سيواجه المشاكل.

وبرأينا فإن أهم النتائج السلبية التي ستترتب على ذلك كثيرة ومن أهمها نذكر، تفاقم المشاكل الاقتصادية الأمريكية بسبب تراجع عمل الخدمات الحكومية وعدم القدرة على توفير الأموال لمقتضيات الدفاع الأمريكي – عدم سداد متطلبات الضمان الاجتماعي – تخفيض التصنيف الائتماني للمصارف الأمريكية وتراجع الثقة في الديون الأمريكية وسيطرة حالة عدم اليقين وقد خفضت وكالة (ستاندرد آند بورز)  تصنيف المصارف الأمريكية سابقاً من  (AAA+) للبلاد – وهو أعلى مستوى ممكن- إلى  (AA +) وهو مستوى متوسط وسيؤدي إلى تراجع الثقة بالمنظومة المصرفية الأمريكية، مع زيادة تكاليف الاقتراض – التأثير السلبي على سعر الصرف في الأسواق العالمية وتراجع قيمته بين العملات الدولية – الدخول في الركود وتراجع معدل النمو الاقتصادي وانكماش الناتج المحلي الإجمالي وحصول فوضى في السوق المالية والبورصات العالمية، وتراجع الاستثمارات الأمريكية وتوجهها نحو دول أخرى، وزيادة معدل البطالة بسبب فقدان الكثير من الوظائف وبالتالي زيادة بؤر التوتر وفقدان الاستقرار، كذلك تأثر اقتصاديات واحتياطيات العالم النقدية وخاصة المرتبطة مع الدولار الأمريكي والبنك الفيدرالي الأميركي بشكل سلبي وسيقوم المستثمرون ببيع السندات الدولارية، ما ينتج عنه خفض قيمة الدولار وتراجع أسعار الأسهم وزيادة إدمانها على الإرهاب الاقتصادي، من عقوبات وحصار مخالفين للشرعية الدولية كما في بلدنا الغالي سورية، وتعتبر أمريكا هي السبب الأساسي وراء كل معاناة الشعب السوري والمزيد من الدماء السورية ..الخ، وهذا أكده السيد ( ديفيد مالباس ) رئيس البنك الدولي حيث قال:”إن احتمال تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، سيزيد من المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي المتباطئ و ستؤثر سلباً على الجميع”. وأكد هذا الكلام وزير المالية البريطاني (جريمي هانت) حيث قال: “إذا فشلت أمريكا في التوصل إلى اتفاق لرفع سقف ديونها وإذا خرج ناتجها المحلي الإجمالي عن المسار الصحيح فسيكون لذلك عواقب وخيمة للغاية”، وأكدت وزيرة الخزانة الأمريكية (جانيت يلين) أن “واشنطن ستضطر إلى التخلف عن بعض مدفوعاتها، إذا لم يرفع الكونغرس سقف الدين العام”، وبعد هذه الاتهامات نسأل بل نتساءل: ماذا لو حصل هذا في دولة أخرى غير أمريكا التي تدعي أنها أقوى اقتصاد في العالم ؟، وهل السيد ( كيفن مكارثي ) دفع الثمن بإقالته لأنه رفض رفع سقف الدين العام ؟ أم إن تداعيات الحرب ( الروسية الناتوية ) تركت بصمتها على الاقتصاد الأمريكي كما فعلت حرب فيتنام  حيث أقدمت أمريكا بتاريخ 15/8/1971 على أكبر عملية خرق نقدية وهي إلغاء تغطية الدولار بالذهب وإمكانية المبادلة بينهما ( الدولار الذهبي )؟ أم سيقل الدعم الأمريكي المقدم للحكومة الأوكرانية الفاشية ؟!، أم إنها ستلجأ إلى طباعة المزيد من النقود وتشغل آلات الطباعة على مدار /24/ ساعة؟ أم ستقوم بالتلاعب النقدي مثل سك عملات من البلاتين  بقيمة تريليون دولار ووضعها في خزائن الاحتياطي الفدرالي، أو أن تقوم  وزارة الخزانة بإصدار سندات مميزة بتقديم أسعار فائدة أعلى بكثير فيقبل المستثمرون على شرائها، وبذلك يوفرون السيولة النقدية اللازمة للحكومة لسنة 2024؟، أم  تقليص القيمة الاسمية للدين للإفلات من تجاوز السقف؟!، وهذا شكل من أشكال (العملات السامة) التي كتبنا عنها سابقاً باسم (الديون المسمومة) وفي صحيفتنا “تشرين”؟!، أم سيمهد هذا للانقلاب على الديمقراطيين وفوز الجمهوريين؟!

برأينا أن كل هذه الحلول هي حلول جزئية وإذا انتقلنا من الاقتصاد الكلي إلى الجزئي نقول: إنه من الخطورة عندما تؤكد الأدبيات الاقتصادية الأمريكية أن نصيب كل مواطن أميركي من الدين العام يقترب من 95 ألف دولار والعائلة /247/ ألف دولار، والدين العام يبلغ أكثر من 6 أضعاف الإيرادات الفدرالية السنوية.

هذا يؤكد ان أمريكا بدات تدفع ثمن الحرب الروسية- الناتوية والخلافات التجارية مع  الصين وأطماعها الخارجية وأعمالها الإرهابية الدموية كما في سورية وغيرها من الدول الأخرى، ويجب ان تدفع أمريكا الثمن ودوام الحال من المحال..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية الرئيس الأسد يصدر قانوناً يشدد الغرامات والعقوبات على كل أفعال التخريب أو سوء استخدام شبكة الاتصالات وبنيتها