خيار داعم للفقراء و«ثروة» للتجّار.. القبّار مصدر دخل للكثير من العائلات في ريفي حمص وحماة
تشرين- نصار الجرف:
“ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” تحت هذه المقولة ، ينضوي تعب وشقاء في سبيل إيجاد لقمة للعيش، وهذا ما يحدث مع الكثير من أفراد وعائلات في ريف سلمية الشرقي، بحثاً عن نبات القبار، أو الشفلح أو الكبر، أو الأصف، كما يسمونه في بلدان أخرى، حيث من المعروف عن نبات القبار بأنه نبتة أو شجيرة برية صغيرة، مقاومة للجفاف، تعيش في المناطق الصحراوية والجبلية، له فوائد طبية وعلاجية كثيرة، غني بالفيتامينات والمعادن، يستخدم في تخفيف الوزن وفرط الدهون، وفي علاج الأمراض الجلدية والسرطانية، وتسكين آلام المفاصل والروماتيزم، وأمراض المعدة، ويستخدم في علاجات (الطب العربي أو الطب البديل)، وغذائياً يستخدم كمخلل، أسعاره عالية ويصدّر إلى الخارج لاستخدامه في الصناعات الدوائية.
وفي قرية عقارب الصافية، شرق سلمية، ينتظر الأهالي فصل الصيف وموعد نضوج ثمار القبار لتبدأ رحلتهم مع التعب وتحمل حر الصيف بحثاً عن ثمار القبار لقطافها وبيعها، بعد أن غدت مصدراً كبيراً للدخل وكنزاً موسمياً.
لم يكن نبات القبار وأهميته معروفاً للجميع من فترة طويلة، ولكنه أصبح كذلك في السنوات الأخيرة، وازداد البحث عنه من قبل الكثيرين، لأنه أصبح مصدر رزق هام وذا مردود
مادي جيد، يسد رمقاً من الاحتياجات المادية وسنداً إلى جانب مدخول العائلة الأساسي، نظراً لأسعاره المرتفعة، حيث وصف بالذهب الأخضر.
في قرية عقارب بمحافظة حماة، يشكل الأهالي فرقاً أو مجموعات عمل أو عائلة منفصلة، ويبدؤون منذ الصباح الباكر رحلتهم اليومية لجني ثمار القبار لبيعه عند العودة، محملين بكثير من التعب والشقاء وتحمل وخزات أشواكه وربما لسع الحشرات أحياناً، إضافة إلى مخاطر أخرى قد يتعرضون لها.
السيدة ميرفت غيبور، تحدثت عن تجربتها مع قطاف ثمار القبار مشيرة إلى أنها منذ ٢٥ عاماً وهي تقوم بقطف ثمار القبار لمعرفتها بأهمية هذه النبتة وفوائدها الصحية والطبية وثمنها المادي، تذهب هي وأفراد عائلتها إلى الأراضي المحيطة بالقرية وأحياناً البعيدة، وتبدأ رحلتهم مع القبار من الشهر الخامس إلى منتصف الثامن، لأن شجرة القبار شجرة متجددة الثمار ومعطاءة، بحيث يجنون كل يوم ما بين ٨-٩ كغ، أما حالياً فانخفضت الكمية من ٣-٤ كلغ يومياً، بسبب ازدياد معرفة الناس به كمصدر رزق، لدرجة أن أصحاب الأراضي باتوا يمنعون من يدخل أراضيهم، من أجل استثمارها بأنفسهم، أو يقاسمون العمال على أجزاء مما يتم جمعه من أراضيهم، إضافة إلى تشكيل فرق أو جماعات من خارج القرية ومن القرى المجاورة، نظراً لانتشار هذه النبتة وبكثرة في أراضينا.
مضيفة: طبعاً معاناتنا شديدة في قطاف القبار، نتيجة وخز الأشواك ولسع الحشرات والزواحف، حيث تكثر الأفاعي تحتها، ناهيك بحر الصيف وشمسه اللاهبة، بعد ذلك نقوم بجمع ما نجني وبيعه لمركز تجميع في القرية، ويوجد أكثر من مركز فيها، وأكثر من مستثمر، بحيث نبيع الكيلو غرام وسطياً بسعر ما بين ٨-١٠ آلاف ليرة، ونحن نستخدم القبار ” كمخلل” في المنزل إضافة إلى بعض العلاجات الطبية وأمراض المفاصل، بعد نقعه بالزيت لمدة شهر أو أكثر ومن ثم تدهن المفاصل بالزيت المنقوع، أيضاً جذور الشجرة يتم الاستفادة منها كـ(لزقة عربية) لآلام الظهر والديسك.
بدورها نجود عباس أكدت أنها بدأت العمل بجني ثمار القبار منذ سنتين فقط، بعد أن علمت بالعائد المادي له، لافتةً إلى أنها تعمل وسطياً ٦ ساعات في اليوم، من الصباح الباكر حتى الظهر، وأحياناً في المساء، وتجني بين ٢-٣ كغ، ثم تبيع ما تقطفه في المركز من دون فرز. مشيرة الى المخاطرة الكبيرة لمن يعمل بقطف القبار نتيجة وجود ألغام تركها الإرهابيون في المنطقة، هذا ناهيك بوجود خوف من لدغ الأفاعي ولسع الحشرات، مضيفة: ورغم ذلك كل التعب والعناء الذي نتكبده في قطاف القبار لا يعادل الثمن الزهيد الذي نتقاضاه، لأن التاجر يستغل تعبنا ويبيعه بأضعاف مضاعفة.
في حين قال صاحب مركز لجمع القبار محمد شاليش: نقوم بشراء ثمار القبار من العمال الذين يقومون بجمعها من البرية، بالكيلو غرام بسعر وسطي ٨-١٠ آلاف ليرة، وبعد تجميعه نقوم بتنقية الثمار من الشوائب (أشواك، عيدان صغيرة، أوراق) يدوياً، ثم نقوم بتخزينه ببراميل بلاستيكية كبيرة مع الماء والملح من أجل المحافظة عليه لتخليله ومن ثم تسليمه للتاجر ضمن محافظة حماة أو المحافظات الأخرى، بحيث يقوم هؤلاء التجار بفرزه حسب حجم الحبة، بواسطة غربال إلكتروني، من النمرة زيرو إلى النمرة ٩، ثم ينقع بماء وملح من أجل تعبئته ببراميل خاصة للتصدير.
الكمية التي يتم جمعها يومياً حوالي ٤٠ طناً، والحصة الأكبر من المرابح تذهب للتجار الكبار، يصدِّرونه ويبيعونه بأسعار كبيرة.