صحيفة “فلسطين”: الالتزام بالتفاهمات أو العودة للتصعيد
شهدت الأيام والساعات الأخيرة مباحثات مكوكية أجراها الوسطاء، في محاولة لاحتواء التصعيد المتدحرج في غزة، ومنع انزلاق الأوضاع باتجاه جولة جديدة من القتال، فقد أسهمت الوساطة العربية والأممية، في الجهود الأخيرة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
وقالت صحيفة “فلسطين” في مقال نُشر اليوم: هذه الوساطة نقلت خلالها مطالب وشروط المقاومة التي (فُرضت تحت الضغط) وأفضت إلى رضوخ الاحتلال وتعهده بالالتزام أمام الوسطاء بتنفيذ هذه الشروط.
وأشارت الصحيفة إلى أن شروط المقاومة كانت تتضمن تحسين واقع الحياة في قطاع غزة، ووقف العدوان في الضفة والقدس، فبعد أن كان الاحتلال يرفض الاستجابة للتحذيرات، رضخ تماماً لمطالب وشروط المقاومة، مشيرة إلى أنه بعد أن استأنف الشباب الثائر الفعاليات على السياج الأمني الفاصل مع قطاع غزة، ونجحوا في إرباك جنود الاحتلال والمستوطنين، وقد تنوعت المواجهات وتضمنت “إشعال الإطارات، وتخريب السياج، والدخول للأراضي المحتلة، وحرق المواقع والدشم العسكرية، وتفجير بعض البوابات بالمفرقعات البسيطة، وإطلاق البالونات الحارقة، وأخيراً إطلاق النيران من المسدسات باتجاه جنود الاحتلال”.
وبيّنت الصحيفة في مقالها أن الاحتلال بدوره كان يتابع ما يجري وينظر بخطورة بالغة للأمر، لكنه راهن على قمع هؤلاء الشباب، واعتقد أن إطلاق النار على المتظاهرين، واستخدام قنابل الغاز، وقصف الأراضي الفارغة، واستهداف مراصد المقاومة، يمكن أن يؤدي لردع قطاع غزة وإرباك المقاومة، وإرهاب الشباب الثائر ودفعهم لإيقاف الفعاليات، أو حتى خفض حدة هذه الفعاليات، لكنه تفاجأ بأن الأحداث تتدحرج لنحو خطير، وذلك بعدما اندلعت الحرائق في الغلاف، وبعد أن تعرض جنوده لإطلاق نار مباشر، وبعد أن تم تفجير بوابات رئيسية في السياج الأمني مع غزة، وقد رفع الشباب الثائر مستوى التهديد وتوعدوا باستخدام أدوات وأسلحة جديدة.
وأضاف مقال الصحيفة الذي كتبه الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري: هذا بدوره خلق تحدياً أمنياً جديداً في جبهة الجنوب في وقت خطر جداً وبالغ الحساسية وفي ظرف سياسي وأمني صعب للغاية يمر به الكيان، مؤكداً أنه من جانب يعيش أزمات سياسية متلاحقة لم يفلح في تجاوزها على الرغم من كل المحاولات التي ألقت بظلالها على أداء حكومة الاحتلال وعلى علاقة الأحزاب السياسية معها، وكذلك على العلاقة مع الشارع الذي لم يتوقف لحظة عن مهاجمة هذه الحكومة، وفي المقدمة منها رئيس وزراء الاحتلال، فالأزمة السياسية تأتي في وقت أمني صعب نتيجة تطور أداء المقاومة في الضفة الغربية والقدس، وفشل المؤسسة الأمنية في وضع حل جذري لموجة العمليات القاسية التي ضربت وتضرب الأهداف الإسرائيلية، وخلّفت عشرات القتلى والمصابين في صفوف جنود الاحتلال والمستوطنين، ليس هذا فحسب، حسب الصحيفة، فالعدو يعيش حالة رعب خشية من اندلاع مواجهة كبيرة في جبهة الشمال.
وذكرت الصحيفة أنه إلى جانب المسار الحالي الذي يحاول خلاله رئيس وزراء العدو تحقيق اختراقات جديدة في (ملف التطبيع)، فقد جاء تسخين الأوضاع في غلاف قطاع غزة في وقت مناسب واستراتيجي بالنسبة للمقاومة التي اختارت التوقيت بعناية واستطاعت الضغط أو الضرب على الجروح وهي في حالة نزيف؛ كي يصرخ العدو ويرضخ وتكون الاستجابة أسرع، وهذا ما حصل، إذ لم يجد العدو أي خيارات سوى الاستجابة الفورية للمطالب والشروط التي نُقلت عبر الوسطاء.
وختمت الصحيفة، قد يتساءل البعض: ما الضامن لالتزام الاحتلال بهذه التفاهمات؟ مشيرة إلى أن هذا تساؤل منطقي، إذ إن المقاومة تضع في مقدمة الحسابات إمكانية تهرب الاحتلال من تنفيذ الالتزامات والعودة للمراوغة والمماطلة مجدداً، لذلك فإن رسالة المقاومة كانت واضحة مع الوسطاء، بأن أي إخلال من الاحتلال بهذه الالتزامات التي تعهد بتنفيذها أمام الوسطاء يعني العودة مجدداً للتصعيد، وسيتحمل الاحتلال عواقب ذلك، والرسالة وصلت إليه من خلال الوسطاء والكرة الآن في ملعبه، إما الالتزام بما تعهد به، وإما الاستعداد لأيام صعبة للغاية على السياج الأمني الفاصل مع غزة، ولا ضمانات لبقاء هذه الفعاليات بشكلها الحالي، وربما تتدحرج الأحداث لمشهد مختلف وبالغ الخطورة يدفع فيه الاحتلال أثماناً مضاعفة.