آمال اقتصادية لما بعد زيارة السيد الرئيس

توجّت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين الصديقة بتوقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين سورية والصين خلال لقاء القمة بين السيدين الرئيسين الدكتور بشار الأسد و شين جين بينغ في الصين، وكم نحن بأمس الحاجة إلى دراسة وتحليل التجربة الصينية الرائدة على مستوى العالم، وتتزاحم الأسئلة الاقتصادية حول الأسرار الكامنة وراء تطور الصين، وناتجها الإجمالي الذي ارتفع من /1،3/ تريليون دولار سنة /2001 /، سنة انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية WTO إلى أكثر من /18/ تريليون دولار سنة /2022، وتبوأت المركز الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة الامريكية التي بلغت قيمة ناتجها حوالي /25/ تريليون دولار، ولكن لو تمّ احتساب قيمة الناتج بمؤشر (أسعار المستهلك الداخلية) وهو المؤشر الأكثر دلالة وتعبيراً عن معدل النمو الاقتصادي فإنّ قيمة الناتج الصيني سيكون أكثر من قيمة الناتج الأمريكي، ومن جهة أخرى  تجاوزت  قيمة الناتج الإجمالي الصيني قيمة الناتج الإجمالي للدول الست/ 6/  من مجموعة الدول السبع /7/ الصناعية، أيّ كل دول المجموعة ما عدا أمريكا، حيث كانت قيمة الناتج الإجمالي للدول الست الصناعية وبتريليونات الدولارات لسنة /2022/ وحسب تقرير صندوق النقد الدولي لسنة /2023 / حوالي / 16،4/ تريليون دولار وهي وحسب التسلسل  [اليابان / 4،3/ – ألمانيا /4،1/ – المملكة المتحدة /3،2/ – فرنسا /2،8/ – كندا /2،2/  إيطاليا/2/ ] ؟،  كما بلغت صادرات الصين أكثر من /3،6/ تريليونات دولار وزادت عن مستورداتها بمقدار /878/ مليار دولار لسنة /2022/، علماً أنّ أغلب مستورداتها هي من الوقود الإحفوري، وهنا لست بصدد دراسة المعجزة الصينية الاقتصادية، وخاصة أنّ تجربتها الاقتصادية وبرنامج إصلاحها الإداري أعطى نتائج أكثر إيجابية مما كنا ندعوها (النمور الآسيوية الأربع) في القرن الماضي وهي

[ كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ ] وكذلك النمور التسع في نهاية القرن الماضي بعد انضمام كل من [ماليزيا وإندونيسيا والفلبين] إلى النمور الأربع السابقة، وبلغت الأرقام ليتبين لنا وجود  بصمة صينية اقتصادية على الاقتصاد العالمي، وهنا نرجو أن نستفيد من هذا بعد توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين بلدنا والصين، وأن نلتقط أطراف الفرصة المتاحة، وبالتالي سيتركز السؤال الاقتصادي الأساسي حول من أين سنبدأ؟، وهنا اقترح ما يلي وبشكل يتناسب مع واقع الاقتصاد السوري الذي تراجع كثيراً بسبب الحرب الإرهابية والإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار مخالفين للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وتستمر القوى الشيطانية الاحتلالية في تمديد معاناة الشعب السوري وتراجع مستوى معيشته وزيادة الاختناقات الاقتصادية في اقتصادنا، ولتجاوز هذه الحالات فإني أتقدم بالآمال الاقتصادية التالية لتنفيذ جوهر  الاتفاقية الإستراتيجية وهي كما يلي:

1- الانطلاق من رؤية اقتصادية على مستوى ( الاقتصاد الكلي macroeconomic) كما  فعلت الصين، وجوهرها الاعتماد على الذات وتحقيق الانسجام والتناغم بين

( الإدارة والإرادة ) والتوجه لزيادة سلسلة ( القيم المضافة )، وسبيلنا لذلك الاعتماد على  موارد أرضنا وكفاءة استغلالها وتحقيق التشبيك بين طرفي قطاع الإنتاج

( الزراعة والصناعة ) من خلال الاستغلال الأمثل لما يُدعى ( م7 أو M7  ) وهي [ الإدارة Management – المواد Material – المعامل manufactory – العمال   men and women- الأسواق market- الأسلوب method- الأموال money]  وأن تعمل هذه العناصر السبعة بشكل يضمن زيادة الكفاءة لكل منها ويتكامل مع العنصر الاخر وبما يضمن زيادة الكفاءة الاقتصادية.

2- تفعيل عمل (الاقتصاد الجزئي Microeconomics ) من وحدات اقتصادية في القطاعين العام (الحكومي والخاص) وتفعيل عمل (مجلس الأعمال السوري الصيني) سواء على مستوى المشاريع الكبيرة أو المتوسطة والصغيرة، وهنا نشير إلى أنّ المشاريع المتوسطة والصغيرة تسهم بأكثر من /60%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي الصيني وتولّد ملايين فرص العمل، ولديها طريقة اقتصادية خاصة بها وهي ( طريقة النسخ Copy) أي استنساخ أي مشروع ناجح في منطقة ما إلى منطقة أخرى.

3- التنسيق على مستوى السياستين (النقدية والمالية) ولا سيما بعد أن وجّه السيد الرئيس الصيني باستيراد المنتجات الزراعية السورية، والقطاع الزراعي هو عمود اقتصادنا والصادرات الزراعية السورية هي المكوّن الأكبر في الصادرات السورية، وهذا يتطلب الإسراع في توسيع دائرة التعامل النقدي والمالي والتوجه للتعامل بالعملات المحلية (الإيوان والليرة) واستحداث بنوك متخصصة بذلك، وهذا ينسجم مع توجه الصين لتقليل الاعتماد على الدولار، وطبقت ذلك عملياً مع دولة (البرازيل الصديقة) خلال الشهر الماض أي (تصفير التعامل بالدولار) وكذلك مع (روسيا وإيران) وغيرهما.

4- إنّ الخطوات الثلاث السابقة تتطلب تحديد وتجهيز الخرائط الاستثمارية لكل القطاعات من زراعة و وصناعة وخدمات، وأن نبدأ من المشاريع الصينية التي توقفت بسبب الحرب من تاريخ 15/3/2011، وتحديد نسب الإنجاز والبدء باستكمالها، ثم نضع خطط لمشاريع جديدة تتناسب مع مواردنا المتاحة لتحويل المزايا (النسبية المتاحة إلى مزايا تنافسية في السوقين الداخلية والخارجية، وبما يضمن الربحية الوطنية والخاصة.

5- تعزيز التشاركية مع الشركات الصينية (الحكومية والخاصة) والاستفادة من النمط الاقتصادي الصيني (اقتصاد السوق الاجتماعي الصيني) والذي يعتمد على انطلاقة الأسواق وفعاليتها ودور الدولة ومقتضياتها، أي أنّ الصين انطلقت من أنّ علم الاقتصاد هو علم (مهني وليس إيديولوجي)  رغم أهمية الإيديولوجية، ويمكن أن تبدا الخطوة الأولى من تقديم (قرض ائتماني صيني) يخصص لتغطية نفقات المشاريع الإنتاجية الاستثمارية التي سيتمّ تأسيسها اعتماداً على اتفاقية التعاون الاستراتيجي بالبدء بإقامة مناطق اقتصادية صينية سورية مشتركة على الأرض السورية.

6- الإسراع في تفعيل التوجه شرقاً واتخاذ كل الإجراءات للانضمام إلى التكتلات الدولية الشرقية من (منظمة شنغهاي ومجموعة البريكس والاتحاد الأوراسي) والاعتماد على بنوكهم ومصارفهم لتأمين التمويل اللازم  للمشاريع الاستثمارية وبشكل أساسي في قطاع البنية التحتية والزراعة والصناعة والنفط والغاز، وبما يضمن مساهمة الصين في إعادة الإعمار والبناء، وهذا يجب أن يترافق مع دراسة (الجدوى الاقتصادية) لأي مشروع وهذا جوهر عمل السياسة الاقتصادية الصينية والموجه الحقيقي لكل استثماراتها وأساس انطلاقتها داخلياً وخارجياً.

هذه بعض الآمال التي نرى أنها تنطلق من واقع اقتصادنا المرهق من تداعيات الحرب والإرهاب، وتحقق لنا الاستفادة العملية السريعة من العملاق الصيني ومن آلية الإصلاح الإدارية التي اعتمدها الاقتصاد الصيني وعلى مبدأ (الحساب الاقتصادي أي التعبير العملي عن كل خطوة متخذة بالقيمة المضافة المحققة)، وهنا نشير إلى أن كل خطوة من الخطوات الست /6/  السابقة تتضمن الكثير من التفاصيل والتفرعات ….وللحديث بقية..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية الرئيس الأسد يصدر قانوناً يشدد الغرامات والعقوبات على كل أفعال التخريب أو سوء استخدام شبكة الاتصالات وبنيتها