شراكة «كسب الرهان»
لم يعد للنبوءات والتكهنات مطرح، بما أن الرئيسين الأسد و شي جين بينغ قد حسما الموقف من الأفق الجديد للعلاقة بين البلدين، باتجاه شراكة إستراتيجية فاعلة بكل معنى الكلمة ودلالاتها.
كنا نتحدث قبل ساعات عن زيارة تاريخيّة، لكننا الآن أمام نتائج قمة مفصليّة وستكون بالغة التأثير في مجريات التاريخ الجديد… ستكون علامة فارقة في علاقات البلدين، وتالياً في مستقبل المنطقة والعالم الذي يشهد صعوداً متسارعاً لقطب جديد يكسر –بل يحطّم– الأحادية المزمنة وردحاً طويلاً من هيمنة بغيضة خلطت «أوراق الكون»، وعبثت بمصائر شعوب وأقاليم متعددة وبعثرت آمالها وطموحاتها في العيش بسلام.
وكانت دقيقة إشارة الرئيس الأسد في كلمته خلال لقاء القمة الذي عقده مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى حساسية الظرف وأهمية الحسم الجريء للمواقف، والتقاط اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد.
كما كان الرئيس الصيني واضحاً بما لا يدع مجالاً للتخمينات والشطح في القراءات، بالإعلان عن إقامة الشراكة الاستراتيجية السورية– الصينية، كحدث مفصلي مهم في تاريخ العلاقات الثنائية.
يبدو أكيداً أن ما بعد قمة الرئيسين ليس كما قبلها، لجهة جرأة المبادرة ومباشرتها، بكل ما تحمله من مضامين بليغة هي ما يجب أن يُحسن قراءته الجميع في هذا العالم، خصوصاً من بالغوا في إذاعة وتوزيع النعيات شرقاً وغرباً بشأن مستقبل سورية، سورية الدولة الوطنيّة، وسورية الجغرافيا، والاقتصاد، والأهمية الاستراتيجية، والأهم السيادة بارتساماتها وإسقاطاتها المتعددة على الأرض.
الصين بلد النظرة الاستراتيجيّة الحاذقة في آفاق المستقبل القريب والبعيد، كما أنه بلد العمق الحضاري الراسخ في التاريخ بقديمه وجديده، لا يفصح ببساطة عن الرغبة في شراكات استراتيجية إلا مع شركاء أقوياء، استراتيجيين برسوخهم وبقوتهم وبزخم الإرادة في الحفاظ على سيادتهم.. وسورية اليوم هي أحد هؤلاء الشركاء الذين سيكونون أحد مرتكزات القطب الصاعد «المخلّص» للعالم من آخر سئمته البشرية وعانت ما عانته منه.
سورية اليوم.. اليوم بالتحديد.. وضعت آخر لمسات «كسب الرهان» مهما علا سعار من تأبطوا بها شراً ومهما سيعلو لاحقاً.. سوريّة الدولة الوطنيّة صاحبة السيادة والرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله.. سيدة الجغرافيا وصاحبة الكلمة الفصل في تقرير مستقبلها ومستقبل الإقليم.