زيارة الرئيس الأسد للصين و مشروعا البحار الخمسة وطريق الحرير
تعدّ القوة الاقتصادية الأساس المادي لكل أنواع القوى الأخرى، ولكن للأسف فإن الاقتصاد السوري يعاني بسبب الإرهاب وسيطرة القوى الاحتلالية على أغلب موارده، ودعت وتدعو الصين بشكل دائم ومستمر إلى طرد القوى الاحتلالية من على الأرض السورية، والاستمرار في مكافحة الإرهاب بما فيه الإرهاب الاقتصادي من (حصار وعقوبات) أحادية الجانب، مفروضة من طرف واحد ومخالفة للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، ووقفت الصين مع سورية ودعمتها في سياستها الداخلية والخارجية واستخدمت حق الاعتراض ( VETO ) أكثر من مرة ضد المشاريع الغربية، وزيارة السيد الرئيس بشار الأسد ستوجد ظروفاً جديدة ونتائج إيجابية وعلى كل المستويات، لكن سأركز على الجانب الاقتصادي وتحديداً حول مشروعي القيادتين السورية والصينية وأعني، مشروع البحار الخمسة (الأبيض المتوسط والأسود والأحمر والخليج العربي وقزوين) الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد سنة 2004 ومشروع طريق الحرير للرئيس الصيني سنة 2013 والذي يضم حالياً أكثر من /90/ دولة، وتحقيق التوءمة بين المشروعين سينعكس إيجاباً على الاقتصاد العالمي ويحوله إلى فضاء متكامل على أساس التناغم والانسجام وليس العداء والإلغاء، وجغرافياً فإن سورية تتوسط المشروعين فهي صلة وصل بين القارات: إفريقيا وآسيا وأوروبا ومركز القارة الأوراسية، وهي صلة وصل لشبكة الطاقة وطرق النقل العالمية، وتنفيذ المشروعين يعني تعزيز التغيرات الاقتصادية العالمية الحالية وإنهاء القطبية الأحادية المرتكزة على المشاريع التقسيمية مثل (الشرق الأوسط الجديد لشيمون بيريز وبرنارد لويس ومشروع الفوضى الخلاقة) وغيرها، وسيعزز الروابط التاريخية بين البلدين، وخاصة أن الصين تؤكد دائماً ضرورة التوجه لتحقيق التنمية المستدامة عن طريق التعاون وتفعيل الاستثمارات (الحامل الحقيقي للتنمية المجتمعية) وهي تملك كل المقومات اللازمة من (اقتصاد متنوع متطور ويد عاملة خبيرة ذات مهارة مرتفعة وتركز على المشاريع الإنتاجية والبنية التحتية وسياسة اقتصادية مالية ونقدية متوازنتين وبرامج إصلاحية إدارية واضحة وواقعية ومؤسساتية مبنية على التعددية السياسية والاقتصادية بدأت بها منذ سنة 1978 واحتياطيات نقدية كبيرة …الخ ) ، وتركز في نهضتها على تعزيز سلسلة القيم المضافة وخاصة في قطاع الزراعة مع تشبيك القطاع مع قطاع الصناعة (التصنيع الزراعي) وتعتمد على التفاعل والانسجام بين عاملي التفوق (الإرادة والإدارة) من خلال حشد وتعبئة الجهود والقوى الوطنية الذاتية والاستفادة من الانفتاح الخارجي المدروس والتأقلم الإيجابي مع الاقتصاد العالمي، وركزت على زيادة الكفاءة الاقتصادية سواء المردودية الزراعية والإنتاجية الصناعية وعائدية الوحدة النقدية المصروفة في قطاع الخدمات معتمدة على نهج (اقتصاد السوق الصيني الاجتماعي) الذي يربط بين مؤشرين اثنين هما (انطلاقة الأسواق وحريتها) و(عدالة الدولة ورعايتها)، ولها تجربتها الناجحة في التأقلم مع المتغيرات الدولية من خلال العلم والتعلم والمراقبة ومراجعة النتائج أي التغذية المرتدة وبناء مناطق اقتصادية متخصصة وتوسعها أفقياً وتكاملها عمودياً على مساحة الأرض الصينية البالغة / 9،6/ ملايين كم2 وساهم هذا في تحسين مستوى المعيشة للصينيين البالغ عددهم حوالي /1،5/ مليار نسمة وكانت الدولة الأولى في عدد السكان ولكن في سنة /2023/ أصبحت الثانية بعد الهند، ويساعدنا في هذا أن الصين وافقت على انضمام سورية إلى طريق الحرير ويمكنها أن تساعدنا في إعادة الإعمار والبناء للمشاريع والمؤسسات التي دمرتها الحرب الإرهابية على سورية منذ تاريخ 15/3/2011 والعمل لتجاوز الإرهاب الاقتصادي على سورية، وهذا سيدعم أيضاً الدعوة الصينية لبناء عالم متعدد الأقطاب وإنهاء القطبية الأحادية والاستفادة من موقع سورية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، الذي تمر عبره أغلب تجارة العالم، فهل تعود الاستثمارات الصينية في سورية إلى ما كانت عليه قبل الحرب وتكون سورية نقطة انطلاق للاقتصاد الصيني، الذي يحقق أكبر معدل نمو اقتصادي في العالم، وهذا يتطلب تفعيل عمل القطاع العام (الحكومي) والقطاع الخاص ومشاركة مجلس الأعمال (السوري – الصيني) وتأمين خط ائتماني يخصص لتغطية الاستثمارات الصينية والتعامل بالعملات الوطنية وفتح مصارف مشتركة وإقامة بيت سوري في الصين وبيت صيني في سورية وتأسيس مناطق حرة مشتركة ومساعدة سورية في الانضمام إلى مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي …الخ.
إن الصين وسورية في خندق واحد في مواجهة المخططات والإجراءات الغربية وقوة كل منهما داعم للآخر، وكل هذا سيدعم ويفعل مشروعي السيدين الرئيسين (البحار الخمس وطريق الحرير) وسيكون ما بعد الزيارة ليس كما قبلها ونتمنى أن ترتقي العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى العلاقات السياسية وهذا كل ما نتمناه ونرجوه والنصر للبلدين.