حزامٌ اقتصاديٌّ بــ«سورٍ سياسيٍّ عظيمٍ»
لم يعدْ ثمّةَ وقتٌ للمجاملات في العلاقات الدوليّة؛ فلكلّ كلمةٍ معنى، ولكلّ إيماءةٍ مغزى، في سياق السباق النشط لإعادة ترتيب الأوراق وحسم المواقف والتموضُعات، على خريطة نظامٍ عالميٍّ يفرضُ نفسَه عنوةً بقوّة المصلحة وضغط الاستحقاق.
وكم هي كثيفةٌ المفرداتُ ذات الدلالات في تفاصيل العلاقة السوريّة – الصينيّة، المتراصّة على طول المسافة الفاصلة بين دمشق وبكين، البعيدة جغرافياً واللصيقة مصيرياً في أدبيّات الاصطفافات الجديدة، بكلِّ ما تتطلبُه من جرأةٍ وحسمٍ لم يعد قابلاً للتردّد؛ أولَسنا في زمن التكتّلات الحتميّة واستحالة بقاء مفهوم «الجذر الحرّ» في السياسة، و الحالة الهُلامية الرخوة والعائمة في الاقتصاد ؟؟
ولا تبدو مبادرةُ «الحزام والطريق»- على أهمّيتها – أهمَّ ملامح الانضواء المرن للبلدين في تكتّلٍ تُمليه «سطوةُ الجغرافيا»؛ لأن الخلفيّة الأهمّ للمشهد سياسيّة واسعة الطيف؛ وإن كانت بنفحةٍ اقتصاديّة؛ وقد تكونُ من الحكمة قراءةُ كلّ التطوّرات المتسارعة على مستوى العالم وفق هذا المنهج، من منظمة «شنغهاي» إلى «بريكس» إلى «الحزام والطريق»، وهي تكتلاتٌ اقتصاديّةٌ ذاتُ أثرٍ سياسيّ عميقٍ، يطفو على السطح بين حينٍ وآخر، مهما تعدّدت، وتنوّعت زوايا رؤيتها على المستوى الدوليّ.
لكنّ القيمَ المضافة الحقيقيّة تظهر في العلاقات السياسيّة ببعدها الثنائيّ، وهنا لا يمكنُ تجاهلُ التطوّرات الراسخة في العلاقة بين سورية والصين التي تعزّزت إبّان سنوات الحرب على سورية، ومواقف بكين المشهودة في جلسات مجلس الأمن الصاخبة.
اليومَ ثمّةَ ارتقاءٌ جديدٌ تشهدُه علاقةُ البلدين، وتطورٌ لا يمكن وصفُه بأقل من «نوعيّ واستثنائيّ»؛ يُعلن نفسه عبر زيارة الرئيس الأسد إلى الصين، التي يصنّفها معظمُ قارئي مابين السطور بأنها تاريخيّة بامتيازٍ، لجهة خصوصيّة الظرف الإقليميّ والدوليّ، وما سبقها، وما سيليها من حساباتٍ واسعةِ الطيف.
لدى الصين ما تصبو إليه بكلّ تأكيدٍ، فهي بلد النهوض الاستراتيجيِّ اللافت، ولدى سورية ما تفي به؛ كموقعٍ جغرافيٍّ استراتيجيّ مؤثّر في البعدين الاقتصاديّ والسياسيّ، بعد أن فرضت نفسها مرةً جديدةً دولةً كافحت، ونافحت في سبيل سيادتها، وأحرزت هدفها بجدارةٍ.
«الرئيسُ الأسدُ في الصين» عنوانٌ جديدٌ سيتصدّر واجهةَ اهتمامات مقصورات أهل السياسة والاقتصاد، كما الإعلام.
سيحتفي به كثيرون، وبالتأكيد، سيتوّجسُ منه آخرون، من هنااااااا حتى واشنطن، ويبقى المهمّ والأهمّ أن سورية تصافحُ مَنْ تصافحُ بعزيمة المنتصرِ لا بوهنِ المُنكسر، وفي هذه الحيثيّة ينطوي ألفُ حسابٍ وحسابٍ.