بغير تذكير وتأنيث؟

هذه هي الحال اليوم، وهذا هو الواقع في مجتمع ذكوري نصف رجاله عناترة.. كانت (أم صالح) غاضبة وتشعر بالعجز واليأس أمام المطبخ الذي انكسر «المجلى» فيه، ويحتاج إلى ترميم.. لقد طلبت من زوجها على مدار أشهر طويلة إصلاح «المجلى» حتى لا ينكسر لكنه كان يلجأ إلى ترميم بسيط.. حتى وقع «المجلى» أرضاً وانكسر الرخام .
قد تحدث مثل هذه الأمور في كثير من المنازل، ويتم ترميم «المجلى» أو تبديله وتنتهي المشكلة.. لكن هذه المرة كان شراء لوح من الرخام بدل المكسور هو بداية المشكلة.. من يتصور أن تكلفة إصلاح ثلاثة أمتار من الرخام تصل إلى حوالي مليوني ليرة، ناهيك بتكلفة تركيبها التي طلب العامل البلاط أجرة يوم أكثر من راتب سنة .. أي حوالي مليون ليرة .
لقد باتت أسعار مواد البناء وإلإكساء كالخيال.. لا تصدق أذناك ما يقوله لسان البائع أو العامل.. وليس الرابط واضحاً، أي هل ترتبط برفع أسعار المشتقات أو بداية العام الدراسي أو زلزال المغرب.. الأمر بات كمن يهذي..؟!
هل تصدق مثلاً أن تكلفة الإكساء أصبحت أكبر من التكلفة الإنشائية للبناء؟ وكيف وهذه الارتفاعات بخّرت الأحلام بإعادة بناء البيوت التي تضررت بسبب الحرب أو الزلزال، وبات الناس يضربون كفاً بكف وما زاد الطين بلة أن مؤسسة الإسكان باتت تسلم البيوت المكتتب عليها بربع كسوة أو أقل؟ وكيف يؤمّن المدخرون إكساء وتمديدات من كهرباء ومياه وأبواب وشبابيك وسيراميك وبيّاضات للحمامات وغير ذلك .
وتكاد (أم صالح) تقفز من بين السطور لتصرخ بأعلى صوتها ماذا أفعل.. أسعار متر السيراميك ما بين 83 ألفاً للنخب الرابع و103 آلاف للنخب الأول و93 ألفاً للنخب الثالث؟ كذلك أسعار الغرانيت تراوحت بين 350 ألفاً للمحلي و600 ألف للمستورد، أما بالنسبة للرخام فالأسعار تراوحت بين 175 ألفاً لمتر الرخام المصيافي و280 ألفاً للبدروسي، والتركي المستورد بشهادة منشأ يوناني بـ 400 ألف ليرة للمتر، أما بقية الأنواع فكانت 120 ألفاً لمتر البازلت و170 ألفاً لحجر التلبيس ومتر البلاط العادي حوالي 60 ألفاً للمتر حسب البحصة ونوع الإسمنت ( أسود أو أبيض ).
هل تأخذ (أم صالح) قرضاً مثلاً لتصلح مطبخها وتدفع الأقساط لعشر سنوات من لقمة عيشها وعيش عيالها لاسيما أن الراتب الذي تتقاضاه لا يتجاوز مئتي ألف ليرة سورية، أي لا يكاد يغني أو يسمن من جوع.. هل تبيع البيت؟! بعد أن صارت أسعار العقارات بمئات الملايين.. هل تتحمل أن تغسل الصحون في “الطشت” وتنقل المياه من هنا إلى هناك؟ وفي خضم هذه الزوبعة.. (أبو صالح) طاش عقله ولبه وما إن تفتح (أم صالح) فمها حتى يصرخ ويرعد هل لدي مطبعة نقود.. اذا لم يعجبك الحال ارجعي إلى بيت أهلك.. ريثما تصلح الأحوال وأحصل على المال وأعيد إعمار «المجلى» ولو بعد حين .. وتنظر إليه (أم صالح) تلك النظرات الغاضبة وتسأله: هل هذا أفضل ما لديك؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار