بين مزاعم الإنتاج وكواليس المضاربة… استفسارات وظنون حول إقبال الصناعيين السوريين على استجرار القروض المصرفية…

تشرين – دانيه الدوس:
ازدادت نسبة الإقبال على القروض من قبل الصناعيين هذا العام عن العام الماضي بنسبة 58.8%، حسب إحصائيات أحد المصارف، والسبب الذي فسره المصرف وجود الخبرة فيه، ومدة القرض التي قد تصل إلى 10 سنوات، واتباع سياسة احتساب الفائدة المتناقصة على القروض الممنوحة، وتمويل مشاريع التأسيس من بداية المشروع وحتى نهايته، هذه الأسباب طبعاً من وجهة نظر المصرف، ولكن ما السبب الحقيقي في إقبال الصناعيين على القروض، وأين يوظف الصناعيون تلك القروض التي يحصلون عليها، وهل استخدمت في الإنتاج أم في المضاربة على الليرة السورية؟
للإنشاء وشراء المواد الأولية
عضو إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أكد لجوء أعداد كبيرة من الصناعيين للاقتراض من المصرف، فبعضهم من يستخدمه في إنشاء مصنعه، ومنهم من يستخدمه لشراء التجهيزات والآلات ومنهم من يصرفه لشراء لوازم العمل والمواد الأولية اللازمة له، وبعضهم من يأخذ القرض بهدف كل تلك الأشياء.

أهل القطاع الخاص يؤكدون أنه للإنتاج.. وخبير يؤكد أنه للمضاربة ويحذر من التضخم الجامح

وبين الحلاق الفرق ما بين الاقتراض والمشاركة بالمشروع فكلاهما له إيجابياته وسلبياته، أما الأول فتسديد القرض مع الحالة الواجبة عليه أمر لابد منه، وأما المشاركة فلا تحقق عبئاً على أصحاب المشروع لأنه في حال حصل ربح يتم تقاسم الأرباح، وإذا لم يكن هناك أرباح فلا يتم التقاسم، لكن أغلب الصناعيين لا يلجؤون إلا للقرض، فالشراكة غير محبذة عندهم فهي تفترض وجود معلم ولا أحد يدخل في مشروع إلا ويكون متفائلاً بنسبة ربح لا تقل عن 30% .
ورأى الحلاق أن لجوء الصناعي إلى سحب قرض في هذه الفترة الاستثنائية مفيد، إذا كان الهدف منه تشغيل المعمل وشراء المواد الأولية من أجل التصنيع، وليس بهدف إنشاء مصنع وخاصة أن البنوك أصبحت ترتب على المودعين فائدة عالية من الممكن أن تصل إلى 27% حسب خطورة المشروع فهذه الفائدة يمكن أن تشكل عبئاً على الصناعي.
وكشف الحلاق عن وجود بعض الصناعيين الذين يقومون بالمراهنة على انخفاض العملة الوطنية فيقومون بسحب قروض لتشغيل أموال البنك بدلاً من أموالهم الخاصة يستطيعون من خلال تغير قيمة العملة تسديد قيمة القرض والفائدة من دون المساس بأموالهم الخاصة.
لغايات استثمارية
ولم يذهب الصناعي محمد الصباغ لأبعد من ذلك الرأي، فقد أكد أن بعض الصناعيين يلجؤون إلى سحب القروض من البنوك لإعادة ترميم منشآتهم وإعادتها إلى الإقلاع والإنتاج وإعادة تطوير وتأهيل المنشآت، وجزء منهم يلجأ الى القروض من أجل تطوير خط الإنتاج لديهم وتحفيزه بما يوازي التطور الذي حصل وردف منشآتهم بالمواد الأولية حتى يحافظوا على منتجاتهم ويكونوا قادرين على التصدير بسبب عدم وجود المواد الأولية التي أعاقها القرار 1070 وارتفاع تكاليف الشحن بسبب العقوبات المفروضة .
وأشار الصباغ الى أن هناك من يتخوف من الصناعيين من أخذ القروض من البنوك الخاصة والحكومية بسبب الظروف والضغوط التي تمارس من الخارج وارتفاع تكاليف الإنتاج التي تحصل على المنتج السوري، الأمر الذي يعوق تصريفه ما يجعله عاجزاً عن سداد القرض، ويضطر لبيع منشأته في المزاد العلني لعدم قدرته على تحقيق عائدات تسمح له بتسديد القرض.

للمضاربة لا للصناعة
الخبير الاقتصادي جورج خزام أكد أن البعض من الصناعيين كانوا يحصلون على القروض ليس بغرض التوسع الصناعي وإنما بغرض شراء الدولار وتسديد القرض عندما ينخفض سعر الصرف وذلك لتحقيق أرباح سريعة من دون تشغيل أموالهم الخاصة التي هي بالأساس مدخرات بالدولار والذهب.
وتابع: إن تقييم القرض والقسط بالليرة السورية يجعل البنك يقع بالخسائر مع ارتفاع سعر الصرف، بحيث يصبح القسط الممنوح بمثابة خسائر برسم التحصيل وهكذا فإن البنك يفقد قدرته على إعادة إقراض الأموال التي تم تحصيلها بعد ارتفاع سعر الصرف بسبب تراجع قوتها الشرائية، مشيراً إلى أن الصناعيين ليسوا بحاجة إلى قروض من أجل التوسع الصناعي وإنما بحاجة لإعطاء الأمان لرأس المال الذي تم ادخاره بالدولار والذهب.
تقييم جديد
ويرى خزام أنه يجب أن يكون تقييم القرض الممنوح بالدولار بتاريخ التسليم والدفع للمقترض بالليرة السورية وتكون عملة القسط الشهري المدفوعة للبنك هي الدولار وهكذا لن يكون هنالك أي جدوى من تشغيل أموال القروض الصناعية بالمضاربة على الليرة السورية، مشيراً إلى أن دخول المصرف المانح للقرض الذي تم تقييمه بالدولار كشريك برأس المال الافتتاحي بحصة مدفوعة نقداً ولو كانت بنسبة 2%، إضافة إلى مبلغ القرض المدفوع هو أحد الحلول العملية لمتابعة حركة تلك الأموال والتأكد من أنه لم يتم استخدامها بشراء الذهب والدولار بل تم تشغيلها بزيادة الإنتاج وتشغيل العاطلين عن العمل من أجل تحريك العجلة الاقتصادية وتحقيق الأهداف الحقيقية للقروض الصناعية الممنوحة.
تحرّي
بقي أن نقول أن البنوك تستوفي ضماناتها، وتحفظ حقوقها باسترداد الأموال وفق لائحة ضوابط محكمة، إلا أن النيات وغايات القروض غير الظاهرة فهذا عائد للمقترض وليس للبنك، وهناك من يقترح أن تقوم لجان متخصصة من مصرف سورية المركزي بالاستعلام عن الإضافات التشغيلية التي حققها القرض في المنشآت، أي على الأرض وليس في حسابات ” الفوركس”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار