أخوكم أبو عذاب!!

في أواخر العام ١٧٩٠ هاجر أبو عذاب الطرطوسي الى البلاد الجديدة التي تمّ اكتشافها حديثاً.. ركب صديقنا القارب متنقلاً بين ميناء وآخر وقارب وآخر، تتقاذفه الأمواج، وكاد يهلك مع كل الموجودين على ظهر القارب.. وذات مرة خطر على باله أن يكتب قصاصة ورق ويلفها بخصلة من شعره، ثمّ وضعها في زجاجة وأحكم إغلاقها ورماها في البحر يقيناً منه أن كائناً ما سيجدها ويوصل ما فيها الى أهله، وبقي باله مشغولاً على أهله، وهو في البلاد الجديدة إلى أن وافته المنية.
ذات يوم علقت صنارة الصياد في فم فيل ضخم، وعندما شاهد الصياد أن الفيل يترنح يميناً ويساراً والزعانف والذيل يميلان أيضا وكأنه في نزهة بحرية يقترب جسمه فيها من سطح البحر، وتالياً أشعة الشمس الدافئة التي أيقظت لديه الميل الى الهدوء، خاصة بعد خروجه من قاع البحر البارد .
بدوره الصياد بدأ يسارع في التجذيف، ويحث الخطا خوفاً من هدوء الحوت الذي اعتقد انه استسلم لصنارة الصياد .
الحوت غير مبال، والصياد خائف من انتفاضة الحوت بشكل مفاجئ، وتالياً قد يبتلع الصياد والقارب والمجاذيف.. بقيا كذلك الى أن وجد الحوت نفسه غارقاً في رمال الشاطئ، والصياد يجلس في مواجهته، وهو يعبّ نفساً عميقاً من لفافة تبغ تم لفها بعناية تمهيداً للاحتفال بصيد غير مألوف .
أغمض الصياد عينيه، وتخيل ذلك الحوت الذي تحدث عنه الروائي الراحل حنا مينة كيف كان ( ساطور ) الصياد يقطع زعانف وذيل الحوت ويبقر بطنه ليس بحثاً عن مواد ثمينة ابتلعها الحوت من خلال تجواله في قاع البحار والمحيطات.. فقد يجد زجاجة فيها مكاتيب أو خصل شعر مع عناوين قديمة تركها مهاجرون منذ ما قبل القرن التاسع عشر (في هذا التاريخ و نهاية القرن الثامن عشر) حيث بدأ السوريون يجوبون البحار بحثاً عن الرزق والعيش الكريم ..
تجمهر عدد كبير من الناس وأغلبيتهم من رواد الشاطئ ليشاهدوا للمرة الأولى حوتاً حياً ومن لحم ودم ، ويباركوا شجاعة صياد استطاع اقتياد هذا الحوت من عمق البحر إلى الشط ممرغاً برمل الشاطئ .. علت الأصوات مطالبة بالإسراع بتقطيعه وتوزيع لحمه على الموجودين .
بقر الصياد بطن الحوت تجمدت عيناه وتهدج صوته، اعتقد الناس أنه وجد ذهباً وماساً لكنهم ذهلوا عندما شاهدوا في يد الصياد زجاجة محكمة الإغلاق .. ترك الجميع بقايا الحوت وهرعوا لمعرفة ما هو موجود داخل الزجاجة التي تم كسرها وقراءة ما هو موجود فيها.. قرئت بصوت عال أمام الشهود كوصية ينتظرها أهل أي مرحوم:«من أبو عذاب الطرطوسي الى أهلي في شرق المتوسط.. وصيتي لكم أن تنتبهوا إلى البطاطا والقمح والخضار المحمية والمكشوفة، وهذه خصلات من شعري تثبت أنني سوري بحثت كثيراً وتعبت أيضاً للوصول إلى بر الأمان .. أمنكم الغذائي تحققونه بأيديكم ومن أرضكم، قد يكون الاستيراد وبالاً عليكم .. أنا متّ .. وعليكم السلام .. أخوكم ابو عذاب».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان