«ألف مبروك» و«عقبال عندكم» رزقت عائلتنا بفردٍ جديد سمّيناه (تيم) تيمناً بوسيم الشاشة وخاطف قلوب العذارى الفنان تيم حسن (عاصي الزند) ومع إعلان نبأ الولادة حجزت له والدته جداراً افتراضياً باسمه، وعللت السبب وراء ذلك بأنه تماشياً مع أدوات العصر بات لزاماً على الأهل فتح حسابٍ افتراضي في بنك المعلومات وأرشفة الصور والذكريات.
أتمتة دخلت يومياتنا من أوسع أبوابها، وصارت متوافرة 24 ساعة في وارد رسائل جهازك الخليوي، تذكرك بقيمة فاتورتك، وبأنك استخدمت بطاقة عملك التأمينية، ويصيبك الغرور من رسالة تخصّ رقمك عن عروض عيادة دكتور تجميل قريب من بيتك، ومن شركة تجارية ترغب بتوظيف عمال وسائقين، هذا إذا ما استثنينا رسائل تحميل النغمات ومقادير الطبخات الشرقية والغربية وموضة الموسم لمشتركي باقات صبايا وخطوط ياهلا شباب.
و«روشتة» الطبيب صارت محفوظةً في إضبارة تخصك على حاسوب طبيبك ومطبوعة بخط واضح وجميل بعيد كل البعد عن الخط الهيروغليفي الذي في العادة يخطُّه الدكتور، وفاتورة حسابك في المشفى الخاص مطبوعة أيضاً ورقياً تشرح بالتفصيل سعر الخدمات المبذولة لنيل رضا المريض الزبون.. من الغرفة للاستشارة الطبية وأجرة العملية والصور الشعاعية ورسوم الرفاهية مذيّلة بعنوان هامشي مفاده (خدمات إضافية) عنوان «يجلط» أهل المريض ومن يدفع الرسوم والتكاليف.. أيعقل أن تكون هذه الخدمات الإضافية لأتمتة اسم مريضنا وذكر اسمه بـ«البنط العريض» في أرشيف مشفى خاص، وكأنه حاصل على دكتوراه فخرية، وليس بمريض قلب وضغط أو عليل من كتل سرطانية!!
أتمتة متواضعة تحرّضك لارتكاب «التأفف» فيما لو استثمرناها ولتشمل كلّ خدمات الدوائر الحكوميّة، فتصير مثلا شهادة السياقة من كوّة واحدة بدلاً من اللفّ والدوران حول المبنى ونوافذه غير النهائية، أو تصير ورقة إخراج القيد والـ«لا حكم عليه» وفواتير الكهرباء والهاتف الثابت والمياه تصلك في البريد الإلكتروني أو ذاتية شؤون العمال في مؤسستك الوظيفية!!
«أتمتة» مشروعٌ يستحق التحقيق على الأقل لاستثماره في إيصال رسائل خدميّة بدل الرسائل الإعلانية والترويج لفنان صاعدٍ وراقصة شرقيّة.