قطاع الأعمال أمام فرصة لـ «تنشئة» كوادره المقبلة.. الطلاب يؤجلون دراساتهم الجامعية تحت وطأة ازدياد المصاريف

تشرين – دينا عبد:
اقترح خبراء أن يتم تكليف المصارف الخاصّة بمنح قروض دراسية للطلاب الجامعيين، كجزء بسيط من محفظتها، وهذا جزء أساسي من تطبيقات مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وكذلك الأمر بالنسبة لشركات التأمين وبقية شركات قطاع الأعمال، لأن الطلبة الجامعيين هم في المحصّلة كوادر مستقبل هذه الشركات.
ومن الممكن أن تعمد البنوك وشركات التأمين وشركات القطاع الصناعي والتجاري والزراعي، إلى اختيار كوادرها من الطلاب و تدريسهم على نفقتها، بعد أن تبرم عقوداً معهم، وبذلك تكون قد لعبت دوراً يخدم المجتمع كما يخدم أعمالها.
مأزق
بالفعل تشكل تكاليف الدراسة الجامعية اليوم كابوساً للطالب وعائلته في ظل ازدياد حالة الفقر وغلاء المعيشة، التي أصبحت عقبة رئيسة تحول دون إكمال الكثير من الطلاب دراستهم الجامعية، ففي معظم الأحوال يفكر الطالب ألف مرة بإيقاف تسجيله تبعاً لظروفه وإمكاناته المادية فما بين التأجيل ووقف الدراسة لكثير من الطلاب يضطر عدد منهم لتأجيل فصل دراسي وأحياناً سنة كاملة بسبب عدم قدرتهم على تحمل مصاريف الدراسة، وهناك من ينتظر الفصل الدراسي الثاني عسى ولعل أن تكون الحال أفضل.

من الممكن أن تعمد البنوك وشركات التأمين وشركات القطاع الصناعي والتجاري والزراعي

إلى اختيار كوادرها من الطلاب و تدريسهم على نفقتها، بعد أن تبرم عقوداً معهم وبذلك تكون قد لعبت دوراً يخدم المجتمع كما يخدم أعمالها

«تشرين» استطلعت آراء بعض الطلاب الذين اضطروا لتأجيل دراستهم ومنهم يوسف الطالب في كلية الهندسة الكهربائية الذي بين أنه اضطر لتأجيل دراسته لعدم قدرته على تحمل المصاريف التي ازدادت أضعافاً مضاعفة وتالياً حتى لو اضطر لسحب قرض طلابي فإن ذلك لن يساعده بسبب تدني القروض من جهة، ومن جهة ثانية هو مضطر لتأمين عمل كي يسدد القرض في حال قرر سحبه؛ لذلك كان قرار يوسف تأجيل دراسته فصلاً دراسياً حتى يتمكن من الحصول على فرصة عمل مريحة إلى جانب دراسته تساعده على إكمال دراسته، فهو، حسب قوله، لا يستطيع الاعتماد على أهله في المصروف فهم بالكاد يصرفون على المنزل.
بدورها ربى طالبة جامعية (قسم اللغة العربية) تؤكد أن الطلاب الذين يؤجلون دراستهم ليس إلا بسبب ازدياد المصروف، فهي مثلاً لا تستطيع أن تطلب من أهلها مصروفها وتحب الاعتماد على نفسها لذلك قامت بتأجيل دراستها سنة كاملة وهي الآن تعطي دروساً خصوصية من أجل إعالة نفسها وأهلها وإكمال دراستها، موضحة أن التكاليف الجامعية ودراسة فرع مكلف تفرض في بعض الأحيان على الطلاب دراسة تخصصات لا يرغبون فيها نظراً لعدم قدرتهم على تحمل رسوم التخصصات التي تناسب ميولهم وتطلعاتهم، وبالتالي تخرّج الجامعة آلاف الطلاب بتخصصات لا يحتاجها سوق العمل.
تشتت

الخبير الاقتصادي فاخر القربي بيّن أن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بسورية منذ عام ٢٠١١ لم تستثن قطاع التعليم الذي ناله نصيب كبير من انعكاساتها السلبية، فمع ازدياد نسبة الفقر لم يعد بمقدور عدد كبير من الأهالي تسجيل أولادهم ولا حتى في الجامعات الرسمية منها، فحتى تكلفة نقل أبنائهم تحتاج إلى ميزانية ليس باستطاعتهم تأمينها، لاسيما مع ارتفاع أسعار المحروقات التي وصلت إلى حدود خيالية، عدا المستلزمات الدراسية من قرطاسية وغيرها، والحاجات اللوجستية (كهرباء وإنترنت) وهذا التسرب الجامعي له آثار سلبية على مستوى التطوير المجتمعي “الشباب هم القوة الإنتاجية للإبداع والابتكار..

الأزمة الاقتصادية التي عصفت بسورية منذ عام ٢٠١١ لم تستثنِ قطاع التعليم الذي ناله نصيب كبير من انعكاساتها السلبية

هم من يواكبون تطورات العصر ويضيفون إليها “من ملك الشباب ملك المستقبل “، لكن للأسف شبابنا اليوم ضائعون، وهو ما ينعكس سلباً على مستوى كل الوطن، لكون الحركة الاقتصادية تتعثر والمستويات التعليمية تتدهور»، مبيناً أن ما يعيشه الشباب في هذه المرحلة يؤثر في مستوياتهم النفسية والفكرية والاجتماعية، فكثيرون منهم يلجؤون للأسف لبدائل سيئة وغير سليمة كنوع من الاستسلام وردة فعل على الضغوط، كالمخدرات، والسرقات مقابل المال والعنف والقتل وهذا الأمر ينعكس على الأمن الاجتماعي كما التنمية المجتمعية، فكان دائماً حلم شبابنا الالتحاق بركب من سبقوهم في بناء الوطن وتقديم الخدمات للمواطن.

مطلوب خطّة إسعافية نستطيع من خلالها تعويض فاقد التعليم الجامعي لدى شبابنا

وبناء جيل يحمل شهادات جامعية نستطيع من خلاله بناء وطن يحمل أبناؤه فكراً بطابع ثقافي واجتماعي وأخلاقي

لكن لم يكن متوقعاً لدى الكثير من طلبتنا انتزاع حقهم في التعلم الجامعي وتحقيق طموحهم وبناء مستقبلهم نتيجة انتقالهم للعمل إلى جانب دراستهم وربما في معظم الأحيان ترك الدراسة من أجل العمل نتيجة وقوع الطالب في أغلب الأحيان بين طرفي كماشة الدوام الطويل من جهة واحتياجاته الجامعية غير المحدودة وخصوصاً في الفروع ذات الطابع العلمي العملي من جهة ثانية.
قلق
ومادامت الفئات الشابة المتعلمة تهاجر، ومن على مقاعد الدراسة تتسرب من التعليم، وبالتالي لا تتثقف للوصول إلى وعي في التفكير وفي العلاقات، فلن نؤسس لبناء مجتمع ووطن أفضل في المستقبل، هذا يضعنا أمام مسؤوليات وطنية تتلخص بخطة إسعافية نستطيع من خلالها تعويض فاقد التعليم الجامعي لدى شبابنا وبناء جيل يحمل شهادات جامعية نستطيع من خلاله بناء وطن يحمل أبناؤه فكراً بطابع ثقافي واجتماعي وأخلاقي.
وفيما يخص التأثيرات الاجتماعية بيّن د. جهاد ذياب الناقولا رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب الثانية في السويداء أن الفرد يتأثر سلباً في حال انقطع عن دراسته الجامعية فتتغير أهدافه وأولوياته وتصبح الأولوية للعمل حتى يتمكن من إعالة نفسه وإخوته في حال كان الابن الأكبر في أسرته.
لذا لابدّ من حراك تكافلي لإنقاذ الموقف، لأن شبابنا هم الركيزة الأساسية في مستقبل البلاد على مختلف المسارات والقطاعات.

المقترحات 
وفيما يخص المقترحات بيّن الخبير الاقتصادي فاخر القربي بأن منح القروض الإنتاجية بتسهيلات يستطيع الطالب من خلالها خلق فرصة عمل تنعكس اقتصادياً وذاتياً واجتماعياً وتكون هذه القروض مدتها فترة دراسته الجامعية كحد أقصى
وإيجاد صيغة قانونية بين وزارة التعليم العالي ووزارة المالية لتقديم منحة مالية ولو لمرة في العام من أجل تغطية نفقاته الأساسية
تعزيز الدور الاجتماعي للمؤسسات والجهات التي تعمل في المجال الإنساني لتقديم الدعم للطلاب في الجامعات
تحفيز رجال الأعمال على تقديمهم منحاً مالية للطلاب وتغطيتهم بعض المنح الدراسية الجامعية
وتشجيع رجال الأعمال على تبني مشروعات ريادة الأعمال الإنتاجية التي يقوم بها الطلاب في الجامعات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ اللجنة القضائية العليا للانتخابات تعلن في مؤتمر صحفي نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية لتاريخه.. بعض الفلاحين لم يقبضوا ثمن محصول القمح في منطقة الغاب!.. والمصرف يبيّن: الفلاحون يأملون إعفاءهم من ديونهم السابقة المنازل الخشبية " تريند" فيسبوكي يبحث عن بوّابة للنفاذ إلى البيئة السورية..حلّ رشيق لأزمة السكن بانتظار الدراسة الجادّة رغم أن الموسم ليس معاوماً .. "زراعة اللاذقية" تقدّر إنتاج الزيتون بنحو 48 ألف طن