«مقابلة مع السيد آدم» ج2 كما ج1 تعوزه القيمة الفكريّة!
تشرين-نضال بشارة:
لايزال «فادي سليم» مخرج وكاتب مسلسل « مقابلة مع السيد آدم»، وبمشاركة الكاتب شادي كيوان في السيناريو والحوار، مصراً في الـ ج2 كما في الـ ج1 على تقديم العميد الذي جسّده الممثل «أكرم الحلبي» أقل خبرة من المحقق «المقدّم ورد / محمد الأحمد»! فهو إن استغرب مستنكراً في الـ ج1 طلب المحقق تحليل الـ DNA لجثة العنصر الأمني الذي قُتلَ «عاصم» الذي جسده كرم الشعراني، فهو في الـ ج2 تحدّث عن أن قضية الدكتور آدم عبد الحق باتت قضية رأي عام، من دون أن نعرف كيف أمست ذلك، فلم يشر إلى أي إعلام تناول ذلك، وهو خلل بنائي في النص الدرامي، إذ لا يمكننا الإشارة إلى مثل هذه القضية، والمسلسل يعرض لجرائم قتل متتالية من قاتل واحد، ولم يشر إلى أن وسيلة إعلامية واحدة قد أشارت إلى تقصير التحقيق الجنائي في الكشف عن القاتل المتسلسل هذا، أو أنها تهتم بما يحدث من جرائم وتكتب باستمرار، ما يجيّش الناس للمطالبة بضرورة الإسراع بإلقاء القبض عليه لتقديمه لعدالة المحكمة.! فعن أي قضية رأي عام يتحدث العميد ؟!
ولايزال هذا الضابط كمسؤول أعلى يستغرب كل ما يقوم به المحقق ورد وكأننا به، لا علاقة له بالمسائل الجنائية، مع أنه من المفترض أن يماحك ويحاجج للوصول إلى القاتل أو لإرشاد المحقق وتوجيهه إلى صواب ما يجب أن يفعل، لا أن يتذمر من كل ما يفعله أو يقوله المحقق ورد، لكن ورغم ذلك يمنحه فسحة زمنية للوصول إلى دليل جديد وخارج العمل الرسمي ! فأي تناقض هذا، ومخالفة لقوانين العمل ؟
القاتل البريء
وكاستعادة لما حدث في الـ ج1 نشير إلى أن ثمة من خطف ابنة الطبيب الشرعي آدم عبد الحق ليضغط عليه ويقتنع بتغيير التقرير الجنائي الخاص بتشريح جثة القتيلة المصرية «سالي/ سلمى جلال» التي كانت تعمل لدى «معتصم البيك/ السدير مسعود» والتي تتوجه أصابع الاتهام نحوه، ولأن الطفلة مريضة ومصابة بمتلازمة داون تحسست من أحد الأدوية التي أعطاها إياها الخاطفون، فماتت بعد أن أخلوا سبيلها وامتثال الأب لطلبهم، ما دفع الأب آدم للانتقام وخطف كل من تورط بذلك واحتجزهم في قبوٍ تابع لمنزله، بعد أن أوهم الجميع بقتله لهم، لكن ثمة من علم بذلك فقتلهم حقيقة، والتصقت التهمة بآدم الذي عليه أن يقدم دليل براءته، وهي مجريات الـ ج 2. وفي ظل ما حصل تظل المسؤولية على المحقق ورد الذي لم يفطن إلى تحليل الدم الموجود في منزل «عاصم» أول الضحايا، لكان تأكد من عدم المطابقة بين زمرة الدم والزمرة الموجودة في ذاتيته، أن لا عملية قتل حدثت له، ما يفرض عليهم اتجاهاً آخر في التحقيق، لأنهم كانوا سيعلنون عدم وفاته وتالياً سيعطي ذلك آدم أماناً وتحفيزاً لعدم ارتكابه خطوات متشابهة، والأهم من ذلك احترام عقل المشاهدين، لا أن نرى المحقق ذكياً تارة، ولا علاقة له بالتحقيق الجنائي أكثر الأوقات!
تعقيم الشخصيّات
وإن كنا قد ذكرنا في مقالٍ سابق عن الـ ج1 أن أغلب شخصياته معقّمة اجتماعياً، لأنها عازبة، ما سهّل قتل بعضها وخطف الآخرين، وتالياً تتابعُ أحداث المسلسل، وإن كان من دون أسباب منطقية درامياً، فإننا نلاحظ أن الـ ج2 يسير بالتعقيم ذاته للشخصيات، فلا علاقة لها بأقارب أو أصدقاء بتاتاً، فلم تقم شخصية واحدة بمشوار يخصّها، وقد انحصرت حركتها بسير الأحداث المتصلة ببقية الشخصيات، فلا ندري أين توجد في الواقع شخصيات من دون أقارب أو أصدقاء!. كما أن المسلسل لم يفسر لنا تحت أي بند رضيت شقيقة سالي التي تجسّدها الفنانة المصرية «منّة فضالي » بالبقاء ولأيام عدة في بيت واحد مع الدكتور آدم، لأجل أن تساعده في تغيير ملامحه كلما أراد الخروج من البيت ليواصل رحلة جمع أدلة ضد المغدور والجاني في آن واحد، وهو المتهم الأول بقتل شقيقتها « معتصم / السدير مسعود»، رغم أن لا صلة قربى تجمعها به، فهذا من الطبيعي أن ترفضه أي امرأة. والمسلسل عامة كان يمكن له أن يكون جزءاً واحداً مهما كشف لنا في الجزء الثاني من تجاوز بعض الشركات الخاصة وفسادها، فهو في جزء كبير منه حوارات، والدراما أفعال ومادة بصرية، وليست حوارات يمكن لنا متابعتها من دون أن نرى من يقولها. والأهم من ذلك المسلسل بجزءيه تعوزه القيمة الفكرية التي لم يستطع أن ينسجها حتى الحلقة 17 ، ما يدفع المشاهد إلى النأي عن مشاهدته.