عن عاصي وشمس والباشا في مسلسل «الزند»… ثَغَراتٌ هائلة في النّص

تشرين-لبنى شاكر:
نَعود إلى حيث كنّا دائماً في الدراما؛ النّص…، ويبدو أن خللاً ما في العمل الأكثر إثارةً للجدل هذا الموسم «الزند ذئب العاصي» للكاتب عمر أبو سعدة والمخرج سامر البرقاوي، مَنشؤه النص، نقطة العلام الأولى في المُنتج الدرامي، والتي يُصر البعض من المتابعين على التعاطي معها كوثيقةٍ تاريخية، في حين إن ما شاهدناه حتى اليوم ليس إلّا حكايةً مُفترضة، حيكت تفاصيلها في زمانٍ ومكانٍ مُحددين ومعروفين، لكنها ليست أبداً مرجعيةً موثوقةً لهما، وكما قلنا باستمرار عن أعمال البيئة الشامية، من أراد معرفة التاريخ فليبحث عن مصادر حقيقية، وليشاهد الدراما ليتسلى وربما ليُدرك كيف يُمكن اللعب على أجزاءٍ مما كان واقعاً يوماً ما، وإحالته إلى واقعٍ مُتخيّل.
في «الزند» تفقد الأحداث سيرورتها المنطقية، تبعاً لما مهّدت له في البداية، لِتصبح أقرب للمشاهد المُنفصلة منها إلى الوقائع المُتتابعة بناءً على أسبابٍ واضحة، من ذلك ما تابعناه في حلقاتٍ من العمل، فعاصي مثلاً يقتل المختار أمام زوجته، لكننا لا نشاهد أي نتائج لهذا الفعل، رغم أن الأول يعيش في الضيعة ذاتها، لكن لا أحد يسأل عن غيابه، كذلك الباشا في لقاءٍ مباشر مع عاصي، دونما فهمٍ للكيفية التي حدث بها اللقاء، وعاصي في مكانٍ ما في الجبل.. ناءٍ وبعيد حسبما يتردد على لسان الشخصيات، لكن الجميع يصل إليه ببساطة وسرعة غير مفهومة، ومن ثم تأتي مشاهد سرقة بنكٍ للسلطنة العثمانية، بأسلوبٍ فكاهي، يخلو من الإقناع تماماً إن لم نقل إنه غير قابلٍ للتصديق، ولا سيما بمقارنته مع أشكال التضييق والترهيب التي يجري الكلام عنها من دون انقطاع، فكيف تكون سرقة بنكٍ في وضح النهار بهذه السذاجة؟!.
قبل عدة حلقات، استهجن البعض كم الشتائم في العمل، وعدّها إساءةً مقصودة لكون العمل يُشير إلى مناطق بعينها، هؤلاء أيضاً احتسبوا له ما سموه «دور المرأة السورية بعيداً عن عقلية الحريم والمنقبة التي تغسل رجلي زوجها وتناديه سيدي»، وفي الحالتين تناقضٌ ما، تُنافي كلتاهما التعاطي المنطقي مع العمل الفني، بوصفه مادةً ترفيهية رغم ما تنطوي عليه من دلالاتٍ ورسائل، صيغت لتخدم فكرتي الجذب والتشويق قبل أي شيء، لا تُمثل إطلاقاً فترةً تاريخية بقدر ما تستقي منها وتستند إليها، وإلا لكانت وثائق يُبنى عليها ويُعتد بها كما ذكرنا بدايةً، أو على الأقل لكان بالإمكان مُطالبة صُنّاع المسلسلات بوضع قائمةٍ بالوثائق والحجج والمرجعيات التي عادوا إليها، قبل أن يفتروا على التاريخ، ويُلصقوا إهاناتٍ بالنساء، صار صعباً جداً إقناع المُشاهد بأنها مُبالغات، جزئيات لا عموميات، وفي تاريخنا ما يُثبت ذلك، يُمكنه على الأقل أن يقرأ كتاباً ما في هذا الشأن، وفي السياق ذاته أيضاً، كيف يُعقل أن تحكي شمس علناً مشاعرها تجاه عاصي، وهي امرأةٌ متزوجة، وكيف نُصدّق أن فتاةً في منطقة ريفية كالتي يُظهرها العمل هربت من بيت أهلها ليلاً، لتمضي ليلةً في بيت الباشا، ولماذا يطلب الباشا أصلاً من فتاةٍ مُلاقاتها في خرابةٍ ما، إذا كان قادراً على الإتيان بأي فتاةٍ يُريد؟، كل هذه أسئلة بلا إجابات، ثمة ثغرات هائلة في النص.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
المقداد: العدوان الإسرائيلي على غزة أسقط شعارات الغرب ومزاعمه وكشف نفاقه وافتقاره للقيم الإنسانية أعمال تنتيج مواد شهادة التعليم الأساسي لا تزال مستمرة والإعلان عن موعد إصدار النتائج قبل 48 ساعة 1200 فيلم وسيناريو تقدّم للمشاركة في مهرجان كوثر الدولي السينمائي في إيران "الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية