كونغرس المسرح العالمي ومهرجان للمونودراما في الفجيرة

تشرين-زيد قطريب:
معركة غير متكافئة يخوضها المسرح العالمي، في مواجهة فنون بصرية متطورة ومدعّمة بالتقنيات التكنولوجية وإمكانية التفاعل المباشر من قبل الجمهور، لكن خيارات أبي الفنون تبدو كثيرة، فهو لن يتوانى عن تحديث الأساليب وابتكار الأدوات التي ترفع حظوظه في المواجهات الحاصلة والمتوقعة لاحقاً. في هذا الإطار تأتي أهمية انعقاد «الكونغرس العالمي السادس والثلاثين للهيئة الدولية للمسرح»في إمارة الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة التي اشتهرت بمهرجاناتها المسرحية الدولية وفي مقدمتها مهرجان المونودراما الذي يستضيف الفرق العالمية والنقاد والممثلين من كل مناطق العالم. وقد تفرّدت الفجيرة بكونها أول مدينة عربية تحتضن هذا اللقاء العالمي بعد أن كان الكونغرس قد عقد اجتماعاته الخمسة والثلاثين السابقة في بلدان أجنبية تشهد حركة مسرحية نشطة، وتالياً فإن انعقاده في هذه المدينة العربية اعتراف بدورها في احتضان الحركة المسرحية وهي المعروفة برعايتها للكثير من الجوائز التحفيزية والمسابقات والنقاشات المختصة بالمسرح.
يرافق انعقاد الكونغرس مهرجان للمونودراما يقدم عروضاً من معظم دول العالم، وتتبع العروض ندوات نقدية مباشرة لأصحاب الاختصاص والجمهور مع فريق العمل المسرحي، يطرحون فيها مباشرة نجاحات كل عمل وعثراته وإمكانات التطوير فيه. كما يرافق الفعاليات التي تبدأ في السابع عشر من شباط الجاري، وتستمر حتى الرابع والعشرين منه، ورشات عمل وندوات وحوارات مع مخرجين عالميين وممثلين وفنيين، يشرحون رؤيتهم لحال المسرح وكيفية تطويره والحفاظ على دوره في بناء الشخصية الثقافية وممارسة دوره في الوعي.
رغم وجود أقدم المسارح في المنطقة العربية، فإن المؤرخين يغبنون العرب عندما يقدمون عليهم اليونان والرومان في بناء الإرث المسرحي العالمي، ولاسيما أن المنطقة العربية التي شهدت أقدم القصص والأساطير وفي مقدمتها جلجامش وأسطورة التكوين والخلق والطوفان، لم يسعفها اكتمال التنقيبات الأثرية على مساحات شاسعة من أراضيها، والتي يتوقع أن تكشف الكثير من الخبايا الفنية المفاجئة إلى درجة تغيير التاريخ المسرحي بشكل عام.
انعقاد الكونغرس العالمي للمسرح السادس والثلاثين للهيئة الدولية للمسرح، إنجاز عربي يحسب لإمارة الفجيرة، وهو ناتج عن توجه مؤسساتي اشتهرت به هذه المدينة التي تتفرد اليوم بوضع البصمة العربية على هذا اللقاء العالمي المهم الذي قال عنه صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، إنه مناسبة لتقديم الشخصية الثقافية العربية أمام الثقافات الأخرى، ومشاهدة أحدث العروض التي يبدع فيها المخرجون والممثلون بشكل لا يقل أهمية عما أنجزته التجارب العالمية.
من ورشات العمل المهمة التي ستشهدها الفعاليات، ورشة «تحرير المشاعر» «الدراماثرابي» وهو علم جديد يقدم للمرة الأولى في العالم العربي، وكذلك ورشة «العمل الجسدي على خشبة المسرح». أما على صعيد الندوات فتعقد ندوة تناقش تحديات مهرجان الفجيرة للمونودراما خلال عشرين عاماً من تاريخه، يتحدث فيها محمد سعيد الضنحاني مدير الديوان الأميري بالفجيرة، ومحمد سيف الأفخم، رئيس الهيئة الدولية للمسرح، وعبد الله راشد. كما تقام بالتوازي ورشات عمل تركز على لغة الجسد في المسرح والرقص والتمثيل الصامت «فن المايم» بإشراف المدربين: سيرجي نيكولاي من فرنسا، وغلاديس أغولهاس من جنوب افريقيا، وآيفان استيغنيف من روسيا وخورخي ماسكارينهاس من البرازيل.
الفعاليات الغنية التي سترافق انعقاد الكونغرس العالمي السادس والثلاثين للهيئة الدولية للمسرح ومهرجان المونودراما، بقدر ما تشكل مناسبة للاطلاع على أحدث العروض المسرحية في العالم، فإنها ستخرج بمحصلة وجملة توصيات تتعلق بحال المسرح العالمي وأسلوب دعمه والحفاظ على مكانته بين الفنون.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار