“ثروة” تتبخّر مع غليان أسعار مستلزمات إنعاشها…خسارات متكررة ومواطنون يفقدون مصادر أرزاقهم؟!!
تشرين – باسمة اسماعيل:
عزف بعض مربي الأبقار في اللاذقية عن تربيتها، فيما أبقى البعض الآخر على العجول فقط لسد احتياجات معيشه، وتحدث عدد من المربين ل ” تشرين” عن الوضع السيئ الذي لحق بالثروة الحيوانية وبهم لأنها مصدر معيشتهم، مؤكدين أنه إذا بقيت الأمور على ما هي عليه من ارتفاع أسعار الأعلاف والمحروقات وعدم تناسب أسعار الحليب ومشتقاته مع التكاليف، سيطرأ تراجع كبير في عدد رؤوس الأبقار وقد تصل لعدم تربيتها إلا للحاجة الأسرية فقط، فليس هناك أحد يعمل ليخسر، وفي كل يوم نتكبد خسائر بسبب ارتفاع الأسعار المضطرد.
المتوقع زيادة خمسة آلاف رأس خلال عام
لم تعد تجدي نفعاً
أحد المربين، وهو لسان حال أغلب مربي المحافظة، بين أن لديه مزرعة أبقار فيها رؤوس عدة أسسها منذ عشر سنوات، كانت الأمور تسير بشكل جيد، لكن منذ عام ٢٠٢٠ بدأت الأمور تسوء رويداً رويداً بدءاً من إصابة القطيع بداء الكتيل الذي تجاوزناه بفضل جهود الجهات المعنية، وصولاً حالياً إلى غلاء تكاليف الإنتاج من أعلاف ومحروقات وتسويق، ومنذ نهاية العام الماضي الأمور في أسوء حالاتها.
وفي السياق نفسه، أكد مربٍّ آخر أن عملية تربية الأبقار لم تعد تجدي نفعاً، فقد أصبحت مكلفة جداً والأرباح ضئيلة ومغامرة كبيرة، فإذا نفق رأس واحد لن يستطيع المربي تعويض خسارته، لذلك نتجه لبيع إناث التربية والأبقار الحلوب ونبقي على العجول فهي أسرع بالربح وأقل تكلفة بالنسبة للإناث، ونتمنى من الجهات المعنية النظر في أسعار العلف وأسعار الحليب ومشتقاته وأسعار المحروقات.
زيادة حدة التناقص
رئيس دائرة الصحة الحيوانية في زراعة اللاذقية الدكتور أحمد ليلا أوضح ل “تشرين” أن أعداد القطيع شهدت تحسناً وزاد الإقبال على تربية الأبقار، وأصبح هناك توجه لنظام المزارع في مناطق المحافظة بدلاً من التربية الفردية في الأعوام السابقة، بسبب الجهود المبذولة من قبل وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في مجال تطوير قطاع الأبقار، بتقديم خدمات كتسهيلات المصارف الزراعية، وتعديل التشريعات والقوانين الخاصة بمنح الرخص للتربية، بالإضافة للرعاية الصحية وخدمات التربية، إلا أنه خلال العام الأخير لاحظنا تراجعا نسبيا في العدد الإجمالي للقطيع، وخاصة خلال النصف الأخير من العام الماضي، حيث زادت حدة التناقص في قطيع الأبقار الحلوب وإناث التربية البكاكير والعجلات، وأصبح التوجه نحو عجول التسمين فقط، والتي شكلت جانباً كبيراً من عدد القطيع، بالإضافة لعدم وضوح التراجع الكبير في العدد الإجمالي للقطيع، لأنه وبشكل يومي هناك استقدام للعجول من المحافظات المجاورة بغرض تسمينها.
تعثر وخسارات تفوق قدرة المربين على التحمل
تراجع نسبي
وبيُن ليلا أن هناك تراجعا نسبيا في إجمالي أعداد قطيع الأبقار، بعدما كان في عام ٢٠٢٢ في مرحلة التطور ، مستنداً على جدول التحصينات الوقائية، ففي عام ٢٠١٨ كان هناك (٣٠٨٦٩) رأساً، في ٢٠١٩ (٣١٤٠٠) راس، في ٢٠٢٠ (٣٢٣٥٠) رأساً، في ٢٠٢١ (٣٥٤٠٠) رأس، في بداية ٢٠٢٢ (٣٣٤٢٦) وفي منتصف ٢٠٢٢ ( ٣٢٩٣٨) وفي النصف الثاني لعام ٢٠٢٢ ( ٢٩٣٣٥) رأساً، أي تراجع بما يقارب خمسة آلاف رأس.
تعثر في التسويق وغلاء التكاليف
وعزا ليلا هذا التراجع لعدة أسباب أهمها انعدام الريعية الاقتصادية لعملية تربية الأبقار الحلوب وتكبد المربين خسائر كبيرة، وارتفاع تكاليف عملية التربية من تغذية ورعاية ومحروقات وأدوية، وارتفاع أسعار الأعلاف وعدم توفرها بالكميات المطلوبة، وهي التي تشكل ٧٠ % من التكاليف، والتعثر في تسويق الحليب وعدم تناسب سعر المنتج مع تكلفة الإنتاج، الخسارة اليومية للمربين بسبب العوامل السابقة وبأرقام كبيرة تفوق قدرة تحملهم، وخروجهم من العمل، وسعي المربين للتخلص من الأبقار ذات الإنتاجية الضعيفة والمتوسطة، ومن البكاكير والعجلات للتخفيف من الخسائر وبأسعار بخسة جداً.
المقنن العلفي المدعوم لا يغطي 15% من احتياجات الرأس الواحد
استنزاف الرؤوس
وفي سياق أسباب تراجع القطيع، أشار ليلا إلى عمليات التهريب التي تجري بشكل مستمر وتستنزف القطيع، وعمليات الذبح الجائر وبشكل غير مشروع لإناث الأبقار والأغنام، وانخفاض كمية المقنن العلفي المدعوم الممنوح لمربي الأبقار، حيث لا تغطي ١٠ – ١٥ % من احتياج الرأس الواحد.
وأكد ليلا أن الوضع الصحي للقطيع جيد ولا توجد جوائح أو أوبئة أو أمراض تؤثر على نمو القطيع.