المناقصات لا ترمم التجهيزات
تحتاج الجهات العامة بين الحين والآخر إلى تجهيزات ومعدات مختلفة حسب طبيعة عمل كل منها، وذلك استجابة لتوسعها بافتتاح أقسام جديدة أو استبدال المتهالك لديها وكثرة أعطاله وعدم جدوى إصلاحه.
عادة ما تسلك تلك الجهات طريق إعلان المناقصات التي يليها تقدم متعهدين من القطاع الخاص بعروض لتأمين مثل تلك التجهيزات، ومن المفترض رسو المناقصة على أقل عرض سعري مقدم، لكن المشكلة أن إجراءات معظم تلك المناقصات تتطلب وقتاً طويلاً ما بين الإعلان وتقديم العروض وفضها وتصديق العقود، وخلالها تتبدل الأسعار مرتفعة بشكل متسارع وأكثر من مرة، الأمر الذي يجعل مصير معظم تلك المناقصات الفشل ولأكثر من مرة، وذلك لعدم تقدم عارضين إليها بالأساس خوفاً من الخسارة بسبب الارتفاعات المتسارعة والجنونية للأسعار، حتى لو تقدم أحدهم ورست عليه المناقصة قد ينسحب منها تاركاً التأمينات التي دفعها مقدماً، لأنها مهما بلغت سيكون فقدانها أقل بكثير من الخسارة لو بقي ملتزماً بالمناقصة نتيجة تفاقم الأسعار.
الحال تقاس على بعض فروع المصارف وخاصة منها فرع المصرف التجاري في درعا، حيث يعاني نقصاً كبيراً في التجهيزات وخاصةً عدادات النقود والطابعات، والموجود لديه منها متهالك كثير الأعطال وإصلاحه مكلف ومتكرر لا يجدي نفعاً، ومسوغات عدم استقدام أي عدادات وطابعات جديدة هو فشل المناقصات التي تعلنها الإدارة المركزية لتلك الغاية، علماً أن حجم عمل هذا المصرف كبير جداً و التريث بحل المشكلة هو لعدم توفر تلك التجهيزات الحيوية لعمله ما يتسبب بتعثر إنجاز معاملات الزبائن.
إن التمسك بالمناقصات في ظل عدم استقرار الأسعار وتفاقمها المستمر، يعني استمرار تعثر تأمين المستلزمات الحيوية لأداء عمل الكثير من الجهات العامة، ولتلافي ذلك مع تحييد منافع ضعاف النفوس المشبوهة من وراء بعض المناقصات، ينبغي تعديل بعض مواد قانون العقود رقم 50 لعام 2004 لتكون هناك مرونة بإيجاد مخارج مقبولة لجهة شراء التجهيزات سواء أكانت مصرفية أو طبية أو مخبرية وغيرها، لأنه لا يعقل استمرار بطء أو شلل العمل في بعض الجهات بسبب عدم توفر تلك المستلزمات بمسوغ تكرار فشل المناقصات.
في إطار الحلول يمكن للمؤسسة السورية للتجارة أو غيرها من الجهات العامة ذات الصلة، أن تتصدى لمهمة تأمين مثل تلك الاحتياجات من تجهيزات أو أثاث وغيرهما، بعد رصدها بشكل مسبق لدى الجهات صاحبة الاحتياج، وتقوم بعرضها في بعض منافذها الرئيسة لتكون جاهزة عند الطلب فيبرم العقد معها وتستقدم منها بعيداً عن تبدلات الأسعار وجشع بعض التجار، وتالياً التخلص من إشكالية فشل المناقصات التي أصبحت سمة دارجة عند شراء معظم التجهيزات والمعدات.