تعديّات سافرة على «أرخص موجود و أعزّ مفقود».. الآبار العشوائية المخالفة ظاهرة أخطر مما يظن السّاهون عن الرقابة!!

تشرين – وليد الزعبي:
طالت منظومةَ قطاع مياه الشرب في محافظة درعا خلال سنوات الحرب على سورية أضرارٌ كبيرة، حيث تعرضت معظم محطات الضخ والآبار لأضرار متفاوتة وخرج عدد ليس بقليل منها من الخدمة، ما خفض حصة الفرد من مياه الشرب، فيما استفحل حفر الآبار الزراعية العشوائية المخالفة وتسبب بجفاف عدد من ينابيع مياه الشرب، توازياً مع تعديات ضعاف النفوس على خطوط الدفع الرئيسة لري المزروعات، وهذا ما خلّف معاناة كبيرة لدى السكان من جراء صعوبة تأمين احتياجاتهم.

وفود بمطالب لا تنقطع

يتوافد الأهالي إلى مقر المحافظة وكذلك إلى مؤسسة المياه محملين بمطالب تعزيز مصادر مياه الشرب لتأمين الحدّ المقبول من احتياجاتهم لها، وخلال لقاءات “تشرين” مع عدد منهم أشاروا إلى معاناتهم مع تأمين مياه الشرب، حيث إنها تأتي وفق دور تقنين طويل أحياناً ولا تكفي، وهذا ما يدفعهم لتأمين قسم منها عبر الصهاريج الجوالة، وهو أمر لا يمكن استمرار احتماله لكون تلك الصهاريج تبيع المياه بقيم باهظة جداً لا قدرة لمعظم الأسر على تحملها وقد تكون غير آمنة، حيث وصل سعر المتر المكعب منها إلى عشرة آلاف ليرة وهو مرشح للزيادة مع قلة المحروقات اللازمة لتشغيل آليات تلك الصهاريج ومضخاتها وارتفاع سعرها المهول في السوق السوداء، علماً أن متر الماء لا يكفي في أحسن الأحوال ومع الترشيد الشديد في الاستهلاك ثلاثة أيام.

تعزيز المصادر والتحول للتشغيل بالطاقة الشمسية لا يحتمل التأجيل

وذكروا أن بعض الآبار تجف، ما يستدعي حفر غيرها، وبعضها الآخر ينخفض منسوب مياهها الجوفية وتحتاج حفراً لعمق أكثر، كذلك فإن حال الكهرباء مع التقنين الشديد والانقطاعات المتكررة وضعف شدة التيار تتسبب في سوء عملية الضخ وانخفاض أدائها بشكل لا يؤمن حاجة جميع السكان من المياه، ما يتطلب تعميم تركيب منظومة الطاقة الشمسية لضمان استمرارية الضخ خلال ساعات النهار.
وتحدث أهالٍ من بعض مدن وبلدات المحافظة عن استعدادهم لاستمرار التعاون في مجال دعم عملية تأهيل وتعزيز مصادر مياه الشرب، سواءً لجهة حفر آبار أو تقديم منظومات طاقة شمسية، وذلك في إطار إدراكهم ضرورة التشاركية وتحمل المسؤولية مع الجهات ذات العلاقة، لكون ذلك يصب في مصلحة تحسين واقع الخدمة المقدمة إليهم.
أضرار كبيرة
بشأن واقع الأضرار التي لحقت بقطاع مياه الشرب في محافظة درعا خلال سنوات الحرب على سورية، أوضح المهندس أسامة القادري معاون مدير عام مؤسسة المياه في درعا أن أغلب محطات الضخ الرئيسة لجهة التجهيزات الفنية والميكانيكية والكهربائية تضررت وخرجت من الخدمة، كما تضرر عدد كبير من الآبار وخرج من الخدمة أيضاً، كذلك لاقت شبكات مياه الشرب وخطوط الجر الرئيسة (قطع وإكسسوارات وقساطل وغرف تفتيش)، إضافةً للأبنية الإدارية والمستودعات الرئيسة والخزانات ومنظومة التوصيلات الكهربائية (قواطع توتر متوسط- محولات- أبراج وأعمدة) أضراراً متفاوتة.
الاستجابة قائمة

أما بشأن الإجراءات المتخذة لتلافي تلك الأضرار وتلبية مطالب السكان بتأمين حاجاتهم من مياه الشرب، أشار المهندس القادري إلى أن الاستجابة قائمة للمعالجة وحسب سلم أولويات، حيث تم قطع أشواط متقدمة على صعيد إعادة التأهيل وتعزيز المصادر ولا تزال الجهود مستمرة على هذا الصعيد، حيث إن حجم العمل المطلوب كبير ويتطلب اعتمادات كبيرة، وللتوضيح أكثر؛ قامت المؤسسة بعدة مشاريع لدعم منظومة مياه الشرب في المحافظة، تأتي في مقدمتها خطة الطوارئ لتأمين المياه لمدينة درعا التي تتضمن حفر وتجهيز ٢٤ بئراً وتجميعها في ثلاث محطات ضخ وربطها بشبكة المدينة، وهناك مشروع إرواء مدينة درعا من آبار غزالة المنفذ بالتعاون مع (اليونيسيف) وهو قيد الاستثمار، فيما نفذ أيضاً خط جر باتجاه خزان البلد بطول ٨ كم لإرواء أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيم، ومشروع الثورة بمرحلته الخامسة لتغذية الريف الشمالي للمحافظة، وبناء محطتي ضخ في شعارة ومنكت الحطب وتجهيزهما بالتجهيزات الكهربائية والميكانيكية اللازمة مع استكمال خط الجر، إضافة لمشروع إرواء الصنمين الذي يغذي مدينة الصنمين وبلدة بصير، وتنفيذ محطات ضخ في كل من غصم والحارة، وبناء محطة ضخ في نوى لصالح نوى وتجمعاتها ورفدها بالتجهيزات الميكانيكية والكهربائية اللازمة وهي قيد الاستثمار حالياً، كذلك تأهيل محطات ضخ كل من الطيبة وأم ولد والصافوقية وعين غزال ومحطة الوادي لإرواء نوى وتسيل وعدوان والناصرية والسكرية، ومحطات ضخ النعيمة وتل الجموع لصالح نوى والباسل لصالح درعا وضاحيتها وكحيل/ الثورة لإرواء الجيزة والمسيفرة والكرك وغصم ومعربة وبصرى، ومحطة عين ذكر لإرواء عين ذكر وكويا وعابدين وتسيل وسحم الجولان والشجرة وحيط ومنشية كويا، ومحطات كحيل بصرى والسد بدرعا البلد والسهوة والمطوق والناصرية.

التأهيل مستمر
كما بيّن معاون المدير العام أنه جرى تأهيل خزانات في كل من مدن وبلدات تسيل والفقيع والدلي وطفس وإنخل والشجرة وسحم الجولان ونامر والشيخ مسكين وعتمان، وقيد التعاقد على تأهيل خزانات في بلدات الشيخ سعد ورخم والنعيمة والغارية الغربية، فيما تم بناء خزان عالٍ في منطقة الأرصاد في درعا البلد، كما تم بالتوازي حفر وإكساء آبار في كل من مدن وبلدات بصير وأبو عباءة وغزالة وإزرع ومعبر نصيب وشعارة وتل حمد لصالح نوى، والشيخ مسكين وبصير وكريم الجنوبي والحارة وإنخل وجاسم وكريم الشمالي ورخم ومحجة ونمر ونوى والدلي وأم العوسج وطيسيا والسماقيات وصماد والمتاعية والجويمع وموثبين والشقرانية والسكرية، وقيد التنفيذ حفر وتجهيز آبار في دير البخت وصور وغصم، كما تم تنفيذ شبكات مياه في كل من منشية السبيل والمساكن والحي الجنوبي في مدينة الصنمين وفي حي طريق طفس والمساكن بمدينة درعا، كذلك الأمر في كمونة ورجم الصوان بإزرع، مع تأهيل شبكات مياه في بلدات عتمان وجباب والغارية الغربية، وتنفيذ خطوط جر في مدن وبلدات عدة بأطوال وأقطار متنوعة حسب الحاجة.
التعاون مع المنظمات
هناك أعمال نفذت بالتعاون مع المنظمات الدولية الداعمة لقطاع مياه الشرب في المحافظة منذ عام ٢٠١٨، وهي تتمثل حسب مصادر مديرية التخطيط في مؤسسة مياه درعا بتجهيز محطة ضخ الجويمع وتأهيل مجموعة آبار وتجهيزها بمنظومة الطاقة الشمسية في كل من قرى اللجاة وعلما والصورة والمليحة الغربية وناحتة ونامر وقرفا ورخم ونوى والمسيفرة والسماقيات وإنخل والشيخ مسكين وداعل والغارية الشرقية والكرك، وتجهيز آبار في كل من الغسانية وإنخل والشيخ مسكين بالتجهيزات الميكانيكية والكهربائية اللازمة، وتأهيل مشروع الثورة بمرحلته الرابعة والذي يخدم العجمي وتل أم حوران ونمر، وتنفيذ أعمال كهربائية لزوم المحطة رقم /2/ في الأشعري وإصلاح خط الدفع ضمن المحطة وتجهيز آبار في خربة غزالة والسهوة ومعربة ونوى بالتجهيزات الكهربائية والميكانيكية والفنية، وتأمين مجموعتي ضخ عمودية للمحطة رقم /1/ بالأشعري/ مرحلة أولى، وتجهيز محطة ضخ المطوق مع ثلاث آبار، وكذلك محطة ضخ الباسل مع ثلاث آبار وخطوط الدفع، وتأهيل محطات ضخ الصافوقية وعين غزال و غصم.

مساهمات المجتمع المحلي تثلج الصدور وتعميمها من الضرورات

المجتمع المحلي يساهم
للمجتمع المحلي بصماته في تنفيذ جملة من الأعمال المهمة لتحسين واقع مياه الشرب، والتي تتمثل وفق ما ذكره معاون مدير عام المؤسسة بحفر الآبار في كل من مدن وبلدات الحراك وناحتة وخربة غزالة والغارية الغربية والغارية الشرقية وصيدا ونصيب وأم ولد والمسيفرة والقنية وطفس وبصرى ومعربة والمزيريب وجاسم ونمر وإنخل والجيزة، وتجهيز آبار بمنظومة الطاقة الشمسية في كل من مدن وبلدات المتاعية وخبب والعالية وناحتة والحريك والمليحة الغربية والكتيبة والغارية الشرقية.

احتياجات
بالرغم من الأعمال الكبيرة المنفذة، هناك احتياجات أخرى تلزم لإعادة تأهيل وتطوير منظومة مياه الشرب في المحافظة، و تتجلى حسب مصادر المؤسسة بضرورة تنفيذ خط تغذية كهربائية لمحطة ضخ تل الجموع لإرواء مدينة نوى وريفها، وخط مماثل لمحطة ضخ المطوق لصالح مدينة جاسم، وتأهيل وتجهيز ٢٠٠ بئر بمنظومة الطاقة الشمسية في كافة مناطق المحافظة، وتأهيل وتجهيز محطات مشروع الأشعري بمراحله كلها مع تأهيل خطوط دفع ومجموعة من الخزانات ذات السعات المختلفة وشبكة مياه درعا البلد، وتأمين قساطل بولي إيتلين مختلفة الأقطار مع متمماتها وتجهيزات كهربائية وميكانيكية وفنية (مجموعات ضخ غاطسة وأفقية وعمودية وكابلات وقطع كهربائية) لزوم مشاريع المؤسسة.

أكثر من ٣ آلاف بئر مخالفة في درعا

صعوبات
يواجه عمل المؤسسة صعوبات عدة، حيث ذكر المهندس القادري أنها تتمثل بعدم توفر المحولات الكافية لدى شركة كهرباء درعا لتشغيل المشاريع، وتراجع غزارة الينابيع الرئيسة والآبار في المحافظة بسبب الحفر العشوائي وزيادة عدد الآبار المخالفة، حيث بلغت أكثر من ٣ آلاف بئر مخالفة، والتعديات الواقعة على منظومة مياه الشرب، ولاسيما الشبكات وخطوط الدفع لري المزروعات وصعوبة ضبطها من المؤسسة، وغلاء المواد اللازمة لتأهيل المشاريع والمحطات والآبار التابعة للمؤسسة، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وعدم وصوله بشكل منتظم إلى المشاريع والمحطات الرئيسة ما يتسبب بأعطال ترهق المؤسسة، إضافةً للنقص في الآليات الثقيلة (باكر– رافعة- صهاريج) وغلاء أسعار قطع غيار الآليات والنقص الكبير في عدد من العاملين المقدر بحوالي٦٠٠ عامل.
هل نأخذ بالمقترحات؟
أمام ما تقدم ينبغي السعي الدائم لتعزيز مصادر مياه الشرب وذلك عن طريق حفر الآبار وتشغيلها، والمهم أيضاً ضبط الآبار المخالفة وردعها بالتعاون مع المجتمع المحلي والجهات المختصة ورفع التعديات عن خطوط دفع وجر مياه الشرب، وزيادة وتيرة الانتقال بتشغيل آبار مياه الشرب إلى الطاقة الشمسية لضمان استمرارية الضخ بما يلبي ويغطي حاجات جميع السكان بالحدود المقبولة، وضبط حالات سوء توزيع المياه على الأحياء إن وجدت، والحدّ من الهدر الحاصل لصالح ري الأشجار والمحاصيل الزراعية على اختلافها، والعمل على تشجيع مبادرات المجتمع المحلي بالمساهمة في تنفيذ بعض الأعمال التي تحسن من واقع مياه الشرب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار