قرار بيع الحطب يثير الجدل في اللاذقية.. مواطنون يشتكون النوع والسعر.. وتحذيرات من «سوق سوداء»
تشرين- صفاء إسماعيل:
في غياب المازوت، يشهد سوق الحطب رواجاً كبيراً ولاسيما في القرى الجبلية التي لا ينفع مع البرد هناك سوى مدفأة حطب تكون قادرة على نشر الدفء على مساحة كبيرة، ما يعزز منافسة الحطب لغيره من وسائل التدفئة هو وفرته أمام غياب منافسيه، بالرغم من ارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق، حيث يتراوح سعر طن الحطب بين 700 إلى مليون ليرة حسب النوع والجودة.
بالرغم من قرار وزارة الزراعة القاضي ببيع كل عائلة طناً من الحطب بسعر 500 ألف ليرة لمرة واحدة، إلّا أن الأسعار الكاوية لا يبدو أنها ستتأثر بالقرار، بحجة أن مديرية الزراعة ستبيع المواطنين حطب الصنوبر، وهو النوع الذي لا يرغبه المواطنون كثيراً لأنه سريع الاشتعال، ولا يضمن لهم التوفير الذي بات الجميع يسعى وراءه في ظل غلاء المعيشة.
أسعار كاوية
منذ سنوات، يتربّع الحطب على عرش التدفئة في القرى الجبلية، ويقصي المازوت عنها، لأن الحطب قادر على تدفئة مساحات كبيرة يعجز المازوت عن تدفئتها، ناهيك بأن صدارته تعززت خلال السنوات الأخيرة بعد ارتفاع سعر المازوت وتخصيص كل عائلة بـ200 ليتر ثم 100 ليتر ثم 50 ليتراً، حتى إن معظم أهالي اللاذقية لم يحصلوا هذا العام على أي مخصصات على وقع أزمة نقص المشتقات النفطية الراهنة، حيث بلغت نسبة توزيع المازوت في اللاذقية وريفها 47% فقط.
معظم سكان المدن غير معنيين بالقرار لعدم إمكانية تشغيل مدفأة الحطب في الأبنية السكنية
عدد من أهالي القرى الجبلية اشتكوا لـ”تشرين” من الارتفاع الجنوني في أسعار الحطب، فطن الحطب يتراوح بين 600 إلى مليون ليرة حسب النوع، والطن لا يكفي أسبوعين إذا كان الجو بارداً. ناهيك باستخدام مدفأة الحطب أيضاً في الطبخ وتسخين الماء ما يوفر على الأسر استخدام الغاز المنزلي حتى لو كان هذا التوفير شيئاً بسيطاً، على حدّ وصفهم.
وفي السياق أكد الأهالي أن شراء طن الحطب من مديرية الزراعة بسعر 500 ألف ليرة يوفّر عليهم الكثير، لكن الطن لا يكفي شهراً واحداً فقط، في حال قننّوا في ساعات تشغيل المدفأة، ناهيك بأنه من المعروف عن حطب الصنوبر أنه يشتعل بسرعة ويحترق بالسرعة نفسها، ولذلك فانه ليس مرغوباً كثيراً من المواطنين.
ماذا عن سكان المدن.. يا حطب؟
في المقابل، أكد مواطنون يقطنون مدينة اللاذقية أنهم لا يجدون أنفسهم معنيين بقرار وزارة الزراعة، لأن معظم سكان المدن لا يستطيعون استخدام مدفأة الحطب، مستدركين: إلّا إذا قمنا ببيع الطن الذي نحصل عليه لعائلات تقطن في الأرياف وتستخدم الحطب، وشراء المازوت بدلاً منه.
وأشار المواطنون إلى أن أصحاب الدخل المحدود الذين يسعون وراء الدفء من أين لهم 500 ألف لشراء طن الحطب مضيفين: ليس أمامنا سوى أن نتقدم بطلب للحصول على قرض!.
سوق الحطب “شغّال”
أبو سامي تاجر حطب في ريف جبلة لديه قائمة بأسعار الحطب التي تتفاوت حسب النوع والجودة، يؤكد لـ”تشرين” أن قرار وزارة الزراعة لن يؤثر في بيع الحطب لدى التجار الحاصلين على تراخيص، مستنداً في ذلك إلى أن مديرية الزراعة ستبيع للمواطنين الراغبين بالشراء، حطب الصنوبر فقط، وهو نوع غير مرغوب لأنه لا يدوم طويلاً مقارنة بغيره من الحطب المتوفر لدينا، مدللاً بالطلب الكبير على الزيتون والسرو والكينا والليمون لأنها تدوم وقتاً أطول.
وأضاف: كما أن البيع سيكون بطريقة “الدوكمة” بينما الزبون يشتري من التاجر حطباً مقطّعاً يوضع في المدفأة من دون عناء التقطيع، ويضيف: حسب أنواع الحطب يصنف الزبائن، فزبون السنديان خمس نجوم لأن الطن الواحد يباع بما يقارب مليون ليرة، وزبون الزيتون والليمون 4 نجوم لأن الطن الواحد منهما يباع بـحوالي 850 ألف ليرة، وزبون السرو والكينا 3 نجوم لأن الطن الواحد يباع 700 ألف ليرة.
تربّع الحطب على عرش التدفئة في ظل غياب منافسيه.. وقدرته على تدفئة مساحات كبيرة يعجز المازوت عن تدفئتها
وأشار إلى تراجع الطلب على الحطب خاصة بالنسبة للمحافظات الأخرى بسبب أزمة نقص المشتقات النفطية، والارتفاع الكبير في أجور النقل، مشيراً إلى أن زبائنه يأتون إليه لتحميل الحطب من دمشق وريفها ودرعا.
البيع لحطب الصنوبر فقط
قال مدير الزراعة المهندس باسم دوبا لـ”تشرين” إنه وفقاً للقرار رقم 131 تاريخ 28-11-2022 المتضمن بيع الحطب الحراجي، الموجود لدى مراكز التجميع التابعة لدوائر الحراج، إلى المواطنين، فإنه يسمح ببيع طن واحد من الحطب بسعر 500 ألف ليرة، بموجب البطاقة العائلية ولمرة واحدة فقط.
وبيّن دوبا أنه سيتم البدء بعمليات التسجيل والبيع خلال الأيام القليلة القادمة، موضحاً أنه على الراغبين في الحصول على الحطب، الحضور إلى مبنى مديرية الزراعة والتسجيل ضمن النافذة الواحدة، على أن يتم تسليمهم الحطب في مراكز التجميع التابعة لدوائر الحراج في الأماكن الأقرب إليهم.
طن الحطب لا يكفي لتدفئة أسبوعين في القرى الجبلية الباردة
وأوضح دوبا أنه سيتم بيع الحطب نوع صنوبر، بطريقة “الدوكمة” وحسب الأطوال المتوفرة، مؤكداً أن عملية البيع تتم مباشرة بين مديرية الزراعة والمواطنين من دون متعهدين، حيث تقوم فرق التربية والتنمية بعملية القطع ضمن الحراج وفقاً لخطة سنوية، ويتم تجميع الأحطاب الناتجة في مراكز التجميع التابعة لدائرة الحراج.
وأضاف دوبا: رغم الإجراءات المشددة التي تتخذها كوادر الحراج لقمع المخالفات، إلّا أن التعديات موجودة، مبيناً أنه منذ بداية العام ولغاية تاريخه، تم تنظيم 415 ضبطاً حراجياً بمخالفة القطع، 24 ضبط تفحيم، 70 ضبط مصادرة آليات محملة بحاصلات حراجية مهربة.
وإذ أكد دوبا ارتفاع سعر الحطب في الأسواق، فإنه عزا السبب وراء ذلك إلى الطلب الزائد وارتفاع أجور النقل وارتفاع أجور اليد العاملة، بالإضافة لارتفاع الأسعار بالأسواق المحلية بالتوازي مع ازدياد التعديات على الغابات، وبيّن دوبا أنه لا توجد أسعار محددة للحطب وإنما يخضع للعرض والطلب، فكلما زاد الطلب عليه، زاد سعره، ناهيك بأن كل نوع من الحطب له سعر معين.
سوق سوداء للحطب
من جهته، رأى الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف في حديث لـ”تشرين” أن وزارة الزراعة غير قادرة على تأمين الحطب لجميع العائلات السورية، وأن هذا التوجه سيؤدي إلى انعاش السوق السوداء للحطب على غرار المازوت، مدللاً بقيام الموظفين المسؤولين عن التوزيع، بإعطاء الأولوية للأقارب والمعارف، ناهيك بإمكانية قيامهم بجمع البطاقات العائلية.
تنوع الأصناف والأسعار يضمن رواج سوق الحطب رغم تراجع حركة البيع والشراء بسبب أزمة المحروقات
وبرأي يوسف، هذا القرار يؤثر في الغطاء النباتي في سورية عامة واللاذقية خاصة، والآثار البيئية المدمرة الناتجة عن ذلك، ناهيك بأن تسعير طن الحطب بـ500 ألف هو سعر مرتفع بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، وكمية الطن لا تكفي حاجة العائلة لفصل الشتاء وخاصة تلك التي تقطن القرى الجبلية الباردة التي لا يكفيها طن الحطب سوى أسبوعين فقط.
وعن حطب الصنوبر، بيّن يوسف أنه من المعروف عن الصنوبر أنه لا يدوم طويلاً إذ يشتعل لهبه بسرعة كبيرة ويحترق بالسرعة نفسها، مقارنة بغيره من الحطب كالزيتون والمشمش، مدللاً بأن طناً واحداً من حطب الصنوبر يعادل 200 كيلو من حطب الزيتون والمشمش.