جون غراي «أبو شانون» مؤلفٌ ومعالج نفسيٌّ وخبير في العلاقات الأسرية، وهو متزوجٌ وأبٌ لثلاث بنات، عاصر حياة والده ووالدته على حياة عينه، وشارك في مشكلات وأفراح أصهرته مع أخواته البنات، وأكيد كانت عنده صديقاتٌ لطيفات وحسناوات، ولديه علاقات ماقبل الزواج، وخبرته كافية لينجز كتابَ«الرجال من المريخ والنساء من الزهرة».
الكتاب الذي اشتهرعالمياً، وطُبعت منه ملايينُ النسخ في تسعينيات القرن الماضي، فقط لكونه يحكي ألف باء التعامل مع المرأة، ويقدم نصائح في كيفية تطويع قلب الرجل، ومهاداة لخاطره ومزاجه في ذات وقت أنثوي يليق فيه الصلح والتبرير.
هو كتابٌ، أعلم أنه اليوم لا سوق محلية تناسب دروسه وتوجّهاته التي باتت عشية حربٍ وضحى تداعياتها الاقتصادية، عنوانها: مستحيل التحقيق، وطموح غير وارد في أجندة الرجل المرهق والمثقل بهموم و مشكلات الـ ٣٦٦ يوماً من عمره الزمني..!
وآلة حاسبة عصية على فعل الجمع والقسمة لتحقيق وقت صحيح يشد أزر المرأة الصنديدة في الشارع السوري، التي تغيرت خريطة تبديد هرمونات نكدها أو مزاجها على أقل تعبير، فبيت «حماها» صاروا بعيدين مسافة محافظة، وأزمة مواصلات وبنزين وتسعيرة ميكروباص، وحملات المشاحنة والمشاجرة مابين (الكنة والحما) لتفريغ الشحنات السلبية باتت في وارد الطي، فلا لقاء ولا حتى تلفونات معاتبة لسوء تغطية في الشبكة وقلة الرصيد، وأكيد زمن التسوق وعزائم الفطور والغداء وأركيلة الكافيهات ولّى وعبر، وحتى الكوافير ودلال الصالونات ومخرجات لوك جديد يثلج صدرالصبايا، ويرفع الأدرينالين، ويحقق شيئاً من الرضا والسلام الداخلي، ماعاد مقدوراً عليه، والصبغة والكريمات تحتاج أذونات استيراد وسعرها يتناسب طرداً مع قيمة الليرة وروح الأشرار من مصدرين وموردين وحلاقين تجار.
لذلك… ماعليكم في أيام كهذه إلا السكوت والإنصات ومراعاة تقلبات المزاج لدى امرأة في زمن الحرب.. جون غراي وأمثاله، أجبن من أن يذكروا استثنائيتها في كتاب.