نافذة واسعة للتهرب الضريبي.. مردودات المبيعات في المنشآت السياحية «حلقة شكّ وريبة».. وخبير ضريبي ينتقد تعليمات هيئة الضرائب؟!!
تشرين– إبراهيم غيبور:
أصدرت الهيئة العامة للضرائب والرسوم مؤخراً، تعليمات بخصوص الربط الإلكتروني وبالتحديد مع المنشآت السياحية تتعلق بالدعاية والإعلان والترويج للمنشآت السياحية، وكذلك مردودات المبيعات، والخدمات لخبراء وشركات الإدارة الإشرافية، إضافة إلى خدمات الإطعام والإقامة للعاملين في المنشأة مجاناً والحسومات والعروض المقدمة للزبائن في منشآت المبيت السياحية خارج المواسم السياحية.
الإدارة الضريبية أكدت في تعليماتها قبول مردودات المبيعات الفعلية لدى المنشأة على أن تحسم من إجمالي رقم عملها الشهري وبما لا يتجاوز الـ1% منه، بحيث تُنظم قائمة بالفواتير المرتجعة وتُرفق بالبيان الضريبي، والمقصود هنا بمردودات المبيعات كل ما يتعلق بطاولات الضيافة والإدارة، وكذلك طلبات الزبائن التي لا يقومون باستلامها ويتم تصدير فواتير بها.
ومع غياب إمكانية فرض أدوات الرقابة اللصيقة على تلك المنشآت ومدى التزامها بتطبيق الربط الإلكتروني، فإن المعطيات التي حصلت عليها «تشرين» تؤكد أن معظم المنشآت السياحية التي أُلزمت بالربط مع الإدارة الضريبية تقدم شهرياً قوائم مذهلة بفواتير مردودات المبيعات، وغالباً ما تتم الموافقة عليها من دون التأكد من صحتها، فصاحب المنشأة ليس من الضرورة أن تكون لديه كل يوم طاولة ضيافة أو طلبات لم يستلمها أصحابها، وربما قد يلجأ البعض منهم إلى تسجيل أكبر نسبة من المبيعات هي نفقات ضيافة وغيرها، حتى وإن حددت الإدارة الضريبية حالات الضيافة بالشاي والقهوة والفواكه وما يماثلها بما لا يتجاوز الصنفين على الطاولة الواحدة وبما لا يتجاوز عدد الزبائن بالفاتورة الواحدة لكل صنف من الأصناف.
وعلى الجانب الآخر، لم تنسَ الإدارة الضريبية في تعليماتها أنه في حال ثبوت عدم صحة الفواتير المرتجعة تُرفض كامل المردودات للشهر الذي ترد فيه الفاتورة المرفوضة، ويُنظم الضبط اللازم على أنها مبيعات مخفية من تاريخ المخالفة، وهنا لابدّ من سؤال الإدارة الضريبية: كيف سيتم التأكد من هذه الحالات، بل وكيف تراقبون صاحب المنشأة المُلزم بالربط الإلكتروني ويقوم بتهريب جزء كبير من الفواتير من دون إدخالها على البرنامج المعتمد، هل ستنتظرون شكوى من مواطن لم يستلم فاتورة، مع العلم أن هناك تبايناً كبيراً بين سعر الخدمة في المنشآت الملزمة بالربط وسعرها في منشأة أخرى تحتال على الربط.
ويبقى أن نشير إلى أن ضبوط مخالفات رسم الإنفاق الاستهلاكي انخفضت بشكل كبير منذ تطبيق الربط الإلكتروني، إذ أصبحت معدودة ولا تُقارن بعددها خلال الفترة التي سبقت إحلال الربط الإلكتروني الذي ينتظر قوننته ضمن التعديلات المنتظرة على بعض القوانين الضريبية.
الخبير الضريبي يحيى علولو، رأى أن إقرار تعليمات كهذه لجميع المنشآت من الناحية العملية ليس فيه إشكالية لجهة العدالة، لأنه ليس معروفاً أي من تلك المنشآت سيستفيد من النسبة وأخرى لن تستفيد، ومن الناحية المحاسبية، فإن مسألة التأكد من مرتجعات المبيعات يجب أن تترك لمراقب الدخل، من دون أن تعمم النسبة المذكورة، إذ يكفي أن تضع الإدارة الضريبية توصية تؤكد فيها أن نسبة ١% من المبيعات الشهرية تدخل في إطار المرتجعات والضيافة، متسائلاً عن الأسس والمعايير التي اعتمدت عليها الإدارة الضريبية في إقرار النسبة المذكورة، لافتاً إلى أن توحيد النسبة بين جميع المنشآت يتيح لها الاستفادة منها، حتى وإن كانت هناك منشآت ليست لديها مرتجعات مبيعات، فهذا يمنحها فرصة الاستفادة من النسبة، وفي المحصلة لا يمكن الحكم على هذه الآلية بأنها صحيحة أو خاطئة ما لم نحيط بالأدوات التي تمتلكها الإدارة الضريبية والمعايير التي اعتمدت عليها في تحديد النسبة المذكورة.
ولم يخفِ علولو أن توحيد النسب هو أمر غير معمول به في دول العالم، ذلك أن كل منشأة لها طبيعة وآلية عمل تختلف عن الأخرى، لذلك كان من الأجدى ألّا يتم تخريج الفواتير على أنها مرتجعات أو ضيافة أو غيرها، إذ يكفي تسجيلها فقط ليتم التأكد منها لاحقاً.
ومن جهتها تحاول الإدارة الضريبية أن تعزز ثقافة الفاتورة والاستهلاك، وربما هذه الطريقة هي سبيلها الوحيد لتعميق ثقافة الشكوى لدى المستهلك، لأن الشكوى هي الطريقة الوحيدة لكشف المنشأة المخالفة، لذلك وبحسب المعطيات التي حصلت عليها “تشرين” من مصادر خاصة في الهيئة فإنه يتم العمل حالياً على برمجة تطبيق الكتروني لتسجيل الشكاوى بشكل مباشر من قبل المستهلكين عبر هواتفهم المحمولة لتعالج فورياً.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيؤدي الربط الشبكي دوره في تحقيق العدالة الضريبية والحدّ من التهرب الضريبي في وقت تغيب فيه أهم مقومات عمل هذه المنظومة وهي الكهرباء..؟