التحكيمُ المونديالي ثقافةٌ تشاركيّة
لا شك في أن وجود العنصر الأنثوي بصيغة حكم دولي لمباريات خاصة بكرة القدم للرجال، وضمن تظاهرة رياضية عالمية كمونديال قطر /2022/الحالي لبطولة كأس العالم، يعدّ تحولاً جديداً في تطور نظام تحكيم البطولات واللقاءات العالمية لهذه اللعبة وضرورة الاستفادة من أي خبرة أو إمكانية فنية متوافرة على المستوى المطلوب من دون التمييز بين الرجال والنساء ، وتعدّ هذه الظاهرة مستحدثة ولها مدلولاتها المنطقية والعملية والرياضية لأن العلم والمعرفة والخبرات الرياضية ليست حكراً على الرجال فقط من دون غيرهم، بل توجد سيدات يتمتعن بهذه الخبرات ويستطعن المنافسة فيها ووجود الحكمة الفرنسية ( ستيفاني فرابار ) ضمن طواقم التحكيم في مونديال قطر وبصفتها حكمة ساحة أساسية هو ترجمة حقيقية وواقعية لهذا التحول الجديد ، وطبعاً هذا الموقع التحكيمي المهم الذي وصلت إليه ( فرابار) ليس بمحض المصادفة أو من دون مقومات رياضية وعلمية عالية تملكها وتؤهلها لبلوغه، وإنما هو طريق طويل شقته باجتهادها ومثابرتها وثقتها بنفسها من خلال المتابعة والاهتمام لمنافسة الحكام الرجال في هذا المضمار ، والحكمة ( فرابار ) ليست الوحيدة التي وقع عليها الاختيار من الاتحاد الدولي ( الفيفا ) ولكنها من أصل /36 / حكماً تم اختيارهم للمشاركة في هذا المونديال وإنما هناك غيرها من الحكام النساء كالرواندية ( سليمة موكا نسانغا ) واليابانية ( يوشيمي ياماشيتا ) كحكام ساحة، وهناك أيضاً الحكمات المساعدات كالبرازيلية ( نويزا باك ) والمكسيكية ( كارين دياس ميدينا ) والأمريكية ( كاثرين نيسيبت) من طواقم التحكيم الموجودة، فانتبهوا أيها الحكام الرجال لكرة القدم، هناك واقع تحكيمي قادم عنوانه المشاركة الفعالة لنصفكم الآخر في قيادة المباريات ، وبهذا ينتهي تاريخ الاستفراد والسيطرة الذكورية التامة على هذه المهنة الرياضية، وسيبدأ التاريخ الرياضي بتسجيل أسماء الحكمات بجوار أسمائكم الند للند ، ولن تعودوا تصولون وتجولون وحدكم في الملاعب، ولم تعد بطاقاتكم التحذيرية بجميع ألوانها ضد اللاعبين هي بأمر قبضاتكم فقط تظهرونها متى شئتم وتخفونها إن أردتم ، وإنما هناك قبضات ناعمة أخرى يمكنها أن تنجز هذه المهمة اعتماداً على القوانين والأنظمة التحكيمية ، نتمنى أن تكون حياة هذه الحكمة ومسيرتها الناجحة ومثيلاتها من الحكمات مثالاً يحتذى به لحكماتنا وحافزاً إضافياً لبذل الكثير من الجهود والدراسة والتأهيل للوصول إلى منصات وبوابات الدخول إلى دائرة الاهتمام الرياضي العالمي وتحقيق الطموح المطلوب الذي نسعى إليه جميعاً بتطوير رياضتنا بألعابها وإدارييها وفنييها وحكامها وصولاً إلى غدنا المنشود بازدهار بلدنا الحبيب سورية .