عودة دا سيلفا إلى الحكم في البرازيل نجاح جديد في مناهضة الهيمنة الأمريكية

عاد الرئيس البرازيلي السابق واليساري العنيد، لويس ايناسيو لولا داسيلفا ٧٧ عاماً، مجدداً إلى سدة الرئاسة، بفارق ضئيل عن منافسه الرئيس المنتهية ولايته، جافيير بولسونارو، مرشح أقصى اليمين.
50.9 %من الأصوات، مقابل 49,1% كانت الفيصل في الجولة الثانية من الانتخابات، التي حملت سابقة تاريخية لبولسونارو الذي أصبح أول رئيس برازيلي يخسر انتخابات ولايته الثانية، وقد تكون سابقة أيضاً، لكونها حملت دا سليفا إلى قصر الرئاسة بعد سجن وتهم وظلم.
تهم ملفقة بالفساد لهذا الرئيس الذي لم يخفِ يوماً ماضيه الكادح، وتوجهاته اليسارية، وبموجب ذلك أوصل 218 مليون مواطن برازيلي إلى مرتبة متقدمة اقتصادياً ومن بين عشرة اقتصاديات كبيرة في العالم.
الرجل الذي نشأ في أسرة فقيرة متواضعة، وأصبح يدعى «السياسي الأكثر شعبية»، عاد ليدهش العالم مرة أخرى.
فبعد أقل من ثلاث سنوات على إطلاق سراحه من السجن الذي دخله بتلفيق تهمة الفساد، تم انتخاب دا سيلفا رئيساً للبرازيل للمرة الثالثة.
الرئيس دا سيلفا نموذج للقيادي المنسجم مع نفسه، عاد إلى الحكم، بقوة مشروعه النهضوي اليساري الإنساني المتوازن، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه سابقاً، بعد أن رفض تعديل الدستور ليحكم لدورة ثالثة، فتم اتهامه بالفساد وسجن، رغم أنه جعل من البرازيل سادس قوة اقتصادية عالمية.
بنجاحه مجدداً، تكتمل دائرة سقوط الحديقة الخلفية للولايات المتحدة في أمريكا الجنوبية، بعودة الدولة الأكبر لحكم اليسار.
دا سيلفا كان صرح قبل أيام عن عزمه بناءَ علاقات متينة مع كل من الصين وروسيا، ودول المنطقة من دون أي ذكر للكيان الصهيوني، بالمقابل فإن منافسه بولسينارو الخاسر كان أعلن صراحة تأييده للكيان الصهيوني ورفعت زوجته اللافتات التي تحمل عنوان حملتها الانتخابية من هذا المنحى لمناصرة زوجها.
لقد حث دا سليفا البرازيليين على الوحدة بعد حملة انتخابية محتدمة، وتعهد بالعمل على محاربة الفقر، وأضاف في تلميح عن منافسه «اليوم نقول للعالم إن البرازيل قد عادت، إنها أكبر من أن يتم نفيها إلى هذا الدور المحزن كدولة منبوذة عالمياً»، لكن في صميم خطابه كان هناك وعد بالتصدي للجوع، الذي يتزايد في البرازيل ويؤثر على أكثر من 33 مليون شخص، وكان مفتاح شعبيته خلال فترتي رئاسته السابقتين هو انتشال ملايين البرازيليين من براثن الفقر.
لكن في اقتصاد ما بعد جائحة كورونا، لن يكون توفير الموارد المالية اللازمة لإعادة تكرار هذا العمل الفذ مهمة سهلة، خاصة إذا عرقله كونغرس معارض.
لكن ما تعيشه البرازيل اليوم يحتم على الجميع الالتفاف مجدداً حول الرئيس الذي خبروه والذي يعود الفضل في نجاحه الانتخابي الجديد -إلى حد كبير- للذكريات الجميلة التي يمتلكها البرازيليون عن السنوات التي كان فيها دا سيلفا رئيساً، والتي تتناقض تماماً مع الأزمات القاسية التي تلت فترة حكمه.
خلال فترة حكمه شهدت البرازيل نهضة اقتصادية مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الخام، وقد خرج ملايين الناس من الفقر وارتقوا إلى الطبقة الوسطى عن طريق ضخ الحكومة لمليارات الدولارات في البرامج الاجتماعية، للقضاء على التفاوت الطبقي الشديد الذي كان سائداً في البلاد عبر التاريخ.
يقول جون فرينش، أستاذ التاريخ في جامعة ديوك في الولايات المتحدة ومؤلف سيرة لولا دا سيلفا: «دا سيلفا ظاهرة سياسية وانتخابية مثيرة ينبغي أن يدرسها العالم ويهتم بها اهتماما بالغاً»، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن النجاح مجدداً، لم يأت من فراغ، والكل يذكر كيف قام دا سيلفا برفع الحد الأدنى من الأجور فوق معدل التضخم بدرجة كبيرة، ووسع البرامج الاجتماعية التي كانت تنفذها الدولة لتشمل الطبقات الأكثر حرماناً وفقراً في البلاد عبر برنامج المنح العائلية الذي استفاد منه نحو 44 مليون شخص ما ساهم في تعزيز شعبيته في أوساط الفقراء والمهمشين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
المنجد يبحث مع فارغاس يوسا علاقات التعاون في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك السفير علي أحمد: «لجنة التحقيق المعنية بسورية» منفصلة عن الواقع.. ومزاعم الحرص على حقوق الإنسان لا يمكن أن تتسق مع استمرار الاستغلال الفاضح لقضايا نبيلة لتهديد مصائر شعوب بأكملها قانون إعلام جديد يلبي طموحات الإعلاميين في سورية... وزير الإعلام يعلن من اللاذقية أفقاً رحباً للشراكات البناءة السفير آلا: تعزيز الدعم الدولي لبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار في سورية لتأمين عودة النازحين الخامنئي يدعو إلى المشاركة الواسعة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية الصين تجدد مطالبة الولايات المتحدة بوقف نهب موارد سورية وإنهاء وجودها العسكري فيها «ناتو» والعناوين المستترة في قمته المقبلة.. ظل ترامب يُخيم.. غزة ولبنان يتقدمان.. وأوكرانيا حاضر غائب الصحة العالمية: تأثير سلبي يشمل فرص التعليم والعمل..العزلة الاجتماعية تزيد خطر الوفاة 32% "التجارة الداخلية" تشكّل  لجنة لإعادة دراسة تكاليف المواد والسلع الأساسية على أرض الواقع مجموعة سفن حربية روسية تصل إلى سواحل فنزويلا في مهمة سلام