حول النص التلفزيوني!!

‏عندما سُئلِتْ مخرجة دراما تلفزيونية, إن كانت هناك (مشكلة نص) في الدراما التلفزيونية السورية, أجابت بكثير من الارتياح: «النص مو مشكلة، منجيب أي فكرة, وبنخلي كاتب أو مجموعة كتاب؛ بيكتبوه» المصيبة أن محاورتَها في اللقاء التلفزيوني هذا لم تناقشها فيما قالت, بل راحت تجاملها وتسترسل معها، وكأن ما تقوله حقيقة يؤسس عليها, ويُعمل بها, «النص مو مشكلة ».
‏ولأنني أولاً كاتب دراما تلفزيونية, ولأنني عملت وأعمل في صناعتها ومتابعتها, ولأنني منحاز إلى هذا الجنس الثقافي الأكثر انتشاراً وشعبية وتأثيراً, أعرف أهمية النص كأساس يبني عليه الإخراج والتمثيل, النص هو ما يلهم المخرج رؤيته الإخراجية, وما يشحن الممثل بطاقة تخرج إبداعه في الأداء . والأهم أن النص عبر كل ذلك هو صانع للمحتوى الثقافي الذي يرسخ لدى المشاهد المحتوى الثقافي الذي يحترم ويحافظ ويصون دور هذا الفن في تحفيز روح المتلقي على التمسك بقيم الخير والحب والحق والجمال, وفي تطوير وارتقاء الضمير الإنساني الوطني الحضاري, واعتماد هذه القيمة للنص التلفزيوني كأساس للإنتاج الدرامي التلفزيوني, هو ما صنع النجاح والتطور والارتقاء في التجارب الدرامية العالمية, التي يزداد تأثيرها في العالم, وربما يكون العيب عندنا ليس في النصوص, بل في طريقة المخرج والمنتج وكثير من الممثلين في التعامل مع أهمية النص, حيث بات النص مستخدماً مستهاناً به لديهم, يتدخل فيه المنتج عندنا أحياناً كرمى عيون ممثلة مبتدئة يغازلها, وأحياناً للتخفيف من تكاليف هذا المشهد أو ذاك, أو لطرح ما يراه من أفكار حسب ثقافته الأمية غالباً. وكما قالت هذه المخرجة: (بنخلي كاتب أو مجموعة كتاب يكتبوه) صار الكاتب أجيراً لدى المنتج ثم تابعاً للمخرج ثم مستخدماً عند النجم أو النجمة في العمل, الأمر الذي يشكل و شكّل خطراً على هذا الفن وأهميته وتأثيره.
‏طبعاً هناك منتجون مبدعون يعرفون قيمة كلٍّ من النص والإخراج والتمثيل, وإبداعهم الإنتاجي يتجلى في حفظ مكانة وصلاحية كل عنصر من هذه العناصر الإبداعية, في العمل الدرامي, وإن كان هؤلاء المنتجون المبدعون قلة أو نادرين لدينا، فهم أساس ومنطلق نجاح الدراما في لبنان ومصر والغرب والشرق, فهل من جهة عندنا تعالج الخلل.؟ وهل من طريقة لوقف هذا التعامل مع أساس وأصل ومنطلق هذا الفن الدرامي التلفزيوني؟! . لن نستعيد قوة وألق الدراما التلفزيونية السورية، وتأثيرها, ولن نستطيع استثمارها في نشر ثقافتنا ورؤيتنا للعالم والإنسان, حتى نعود إلى أصل العملية, إلى النص عبر احترام مكانته ودوره وقيمته…مع التقدير للأعمال التي حافظ صنّاعُها بإبداعهم على هذه الحقيقة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار