«أردناه حاضراً ينطق كل يوم».. فكانت “تشرين”
«تشرين» في حلّة إلكترونية، جديدة متجددة.. مواكبة ومستمرة، وحاضرة في سعي دؤوب– كعهدها- لتكون ما أمكن لها أن تكون، صوت المواطن، في همّه المعيشي وفي معاناته اليومية التي تعمقت واتسعت بفعل ما تعيشه سورية من حرب إره*اب*ية ومن حصار وعقوبات غربية جائرة ظالمة.. ولتكون أيضاً صوت سورية كدولة، وصورتها الوطنية، القومية، العربية.. هكذا كانت «تشرين» في التأسيس وفي المسيرة، وما زالت.
لا يُمكن أن يَرد ذكرُ صحيفة “تشرين” إلا ويَرد معها ذكرُ حرب تشرين التحريرية حيث حققت سورية أعظم الانتصارات على العدو الإسرائيلي في عام 1973.. في معظم الأزمنة وإذا ما أرادت الدول تخليد عظمائها أو أحداثها التاريخية المُشرّفة، فهي تعمد إلى إطلاقها كأسماء على شوارع أو صروح علمية أو ثقافية أو عمرانية، أو تحتفي بها كمناسبات وأعياد وطنية مرة واحدة في كل عام.. أما سورية فقد اختارت أن يكون الانتصار في حرب تشرين التحريرية حاضراً ينطق كل يوم، فكانت صحيفة “تشرين” التي صدر عددها الأول في الثاني من تشرين الأول من عام 1975 أي بعد عامين من الانتصار.. ونطقت صحيفة “تشرين” كل يوم بانتصار تشرين؛ إنجازات وإعمار، تطوير وازدهار، في مسيرة بناء سورية الحديثة داخلياً وعلى مستوى المكانة الإقليمية والعلاقات الدولية.. نطقت «تشرين» كل يوم بانتصار تشرين حتى وهي تتحدث في الشؤون والهموم الداخلية.
أن تكون حرب تشرين التحريرية مُخلدة في صحيفة يومية وأن تتصدر بعناوينها ومضامينها أحاديث السوريين، فهذا بلا شك مصدر إزعاج كبير وقلق شديد لدى العدو الإسرائيلي.. وفي الروايات التي يتداولها السوريون أن تغيير اسم صحيفة “تشرين” أتى ذكره مرات عدة على لسان مسؤولين غربيين.
طبعاً هذه الروايات تبقى روايات فهي غير مُؤكدة ولا مُوثقة، وإذا كان السوريون يتداولونها فهذا يُظهر كم هم فخورون بها، وباسمها وما يمثله من انتصار لهم ولبلدهم.
تفردت صحيفة تشرين باسمها وبخصوصيته في ذاكرة السوريين وتاريخهم، وفي يومياتهم، لتضم بين جناحيها نخبة الكتاب والمؤلفين والمحررين، فإذا ما مررت في أي شارع رأيت الأذرع تتأبطها أو رأيتها مفرودة بين الأيدي، فلا تكاد الساعة تتجاوز العاشرة صباحاً حتى تنفد من الأكشاك ومن أيدي الباعة الجوالين.
لم يتغير هذا الحال، رغم مرور أربعة عقود ونيف، كانت تصدر فيها بالنسخة الورقية (ثم إلى جانب نسخة إلكترونية في العقد الأخير).
يتحدث السوريون ممن يتجاوزون اليوم عقدهم الرابع عن «ريحة تشرين» ويقصدون رائحة الورق والحبر التي تخرج ما إن تمسكها أيديهم، ثم رائحة الأخبار، بحلوها و مرّها.. وإذا ما سألتهم «وهل للأخبار ريحة» يردون بابتسامة واسعة مع رفع الحواجب.. نعم للأخبار «ريحة» يشمها القارئ ويستلطفها، بل يستحبها ولا يرى بُدّاً من أن تكون لزاماً للورق الصحفي.. يتشارك في ذلك مع المحررين ومع مجمل الكادر الذي يعمل ضمن الصحيفة لتخرج كل صباح بـ«الريحة» ذاتها.. وفي المعنى الحقيقي لكل ذلك، أن الصحيفة تخرج بـ«ريحة» عرق وجهد وحب المحررين والعاملين فيها، وهذا ما لا يمكن أن يخطئ القارئ في فهمه، وفي تقدير كل هذا الجهد المبذول لتصل إليه الصحيفة بأفضل صورة.
الآن هل يختلف هذا الحال في النسخة الإلكترونية؟
..ذلك الجيل الأربعيني يقول: نعم بالتأكيد.. إذ تبقى للنسخة الورقية «طلة وهيبة وخصوصية».
.. لكنْ للجيل الحالي رأي مختلف، فهو أكثر معاصرة ومواكبة للتطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم في العقدين الماضيين. ويرى أنه في عصر السرعة والنمو المتسارع في المعارف والتقنيات، فإن الصحف الإلكترونية أنسب وأفضل في التداول وفي القراءة، وحتى في الأرشفة والتوثيق.
وهكذا صدرت صحيفة “تشرين” بنسختين، ورقية وإلكترونية، كما حال كل الصحف السورية (وكما هو حال عموم صحف العالم).
واستمر الحال حتى وصول جائحة كورونا إلى سورية، ففي ظل إجراءات الحظر والإغلاق (التي بدأت في 23 آذار 2020) لمواجهة كورونا، تحولت “تشرين” وكل الصحف السورية إلى اعتماد النسخة الإلكترونية فقط، وما زالت هكذا، مع فارق أنها ظلت تسعى على الدوام لتطوير العمل والأداء، النوعية والجودة، في سبيل أن يكون القارئ على اطلاع دائم بالأحدث والأهم.. ولتبقى مع السوريين في يومياتهم واهتماماتهم وهمومهم المعيشية.
قد يقولون إن الصحف انحسرت كدور ووظيفة مع انتشار الفضائيات ومواكبتها الأسرع والأوسع، صوتاً وصورة.. وهذا صحيح، لكن يبقى لكل وسيلة إعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية خصوصية في الدور والوظيفة، وكل وسيلة إعلامية استطاعت التكيف والتأقلم وتطوير أدواتها لتتكامل مع غيرها، ولتكون الصورة التي تصل إلى القارئ كاملة. صحيفة تشرين، وتبعاً لما سبق، سعت في نسختها الإلكترونية، لتكون الأفضل عاماً بعد عام، لناحية الشكل والمضمون.. ولأن الصورة (التي يمثلها هنا الموقع الإلكتروني الذي يضم الصحيفة) هي أول من يصل القارئ، اهتمت «تشرين» بصورتها الإلكترونية على الدوام، لتكون جاذبة، سهلة الوصول، مريحة بصرياً.. وبالتزامن اهتمت أن يكون المضمون شاملاً، خصوصاً في الشأن الاقتصادي الذي هو في قائمة أبوابها.. إلى جانب الشؤون الثقافية والتحقيقات والرياضة والسياسة.
هذا ما سعت إليه “تشرين” في موقعها الإلكتروني الجديد.. وتأمل أن تكون موفقة في سعيها.