المحبة الزوجية
يقول القديس بولس: (إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة، فقد صرت نحّاساً يطنّ أو صنجاً يرنّ، وإن كانت لي نبوّة وأعلم جميع الأسرار وكل علم، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليس لي محبة، فلست بشيء وإن أطعمت كل أموالي، وإن سلمت جسدي حتى احترق، ولكن ليس لي محبة، فلا انتفع شيئاً.
المحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ ولا تقبّح ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم، بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء، المحبة لا تسقط.
فالصفح إذاً صفة أساسية بالحب الزوجي والحياتي بالجماعة، فالحبّ الحقيقي هو أن أحافظ على هذا الحب وألا أكون أو أصبح حاقداً ناظراً إلى أخطائي وهفواتي وانفعالاتي وأقوالي وأعمالي أولاً، متأملاً بها، مصححاً إياها بشكل يومي، مجاهداً نفسي للتخلص من عادات ورواسب وشوائب أخلاقية ومجتمعية لا تليق بي ولا بالمجتمع الذي أعيش فيه، قارناً ذلك بعدم الاهتمام وتجاوز الأخطاء والهفوات التي يقع فيها الشريك أو الصديق، مبيناً ضرورة معرفتي وتأكدي أنني مخطئ وينقصني الكثير وأنني مزعج في طريقة حياتي وتعاملي مع الآخر، بذلك أستطيع أن أختبر نواقصي، وأصفح عن نفسي وأتصالح معها بعد أن أدرك أخطائي، مدركاً أن هذا الاختبار أو التمرين يساعدني في أن أصفح وأسامح غيري ولا أنسى وجوب رؤية الجميل والإيجابي في حياة وسلوك الشريك،مدركاً أن الشراكة الزوجية عندما تصبح مشحونة مليئة بالمحاسبة تبدأ هذه الحياة الزوجية بالتلاشي.
ولا ننسى أن الصفح هو أن أعرف وأعذر الغير وخاصة الشريك، فالصفح ليس سهلاً ولا يتحقق بين عشية وضحاها، إنما يحتاج إلى تمرين وتدريب حياتي، ففي الصفح روح تضحية وعندما أعيش الصفح والمسامحة تجاه غيري يتشكل لدي رجاء بأن الغير سواء أكان زوجاً أو زوجة أو صديقاً سيسامحني ويغفر لي أخطائي وهفواتي، ذلك يدعوني أن أوسّع صدري وقلبي وأقبل الآخر، فكما أن عندي أخطاء وهفوات توجد لديه مثل هذه الأخطاء والهفوات بطرائق مختلفة، وإذا عشت بهذه الروح المسامحة لغيرها والمحاسبة لذاتها تصبح الحياة جميلة.