الاقتصاد الأمريكي وسورية و القوقاز؟

تغلف أمريكا أطماعها الاقتصادية بأغلفة سياسية وأمنية وإنسانية كاذبة ،  وحالياً تسعى أمريكا  للتمدد في قلب منطقة ( أوراسيا ) والسيطرة على مواردها الاقتصادية ، ويأتي هذا انطلاقاً من أن من يسيطر على ( أوراسيا ) يسيطر على قلب العالم وبالتالي على  العالم بأكمله ، وهذا يفسر توجه الإدارة الامريكية نحو منطقة ( القوقاز ) بعد أن تمددت في ( آسيا الوسطى وأوكرانيا )، وتريد أمريكا التوسع في هذه المنطقة لفرض إملاءاتها على دول العالم كما عملت في سورية و العراق وليبيا والصومال والسودان وأمريكا اللاتينية وغيرها ، ومن هنا نرى العلاقة العضوية بين مايجري في القوقاز وأوكرانيا وسورية ، إنه بالحقيقة صراع على الموارد الاقتصادية بهدف ضمان السيطرة الأمريكية ، فهل تسمح روسيا والصين وإيران بذلك وهم يعرفون النوايا الأمريكية وحلف الناتو (NATO) وهل يتحقق هذا ولا سيما في ظل تغير المعادلات الدولية، وهل ستسمح روسيا والصين  بالعبث في حديقتهما الخلفية وتحويل القفقاس وأوكرانيا التي تعد البوابة الجنوبية لروسيا على البحر الأسود إلى محمية من محميات الناتو ، ويضاف إلى هذا أن  منطقة  القوقاز أو القفقاز أو القفقاس فإنها تعد من أهم المناطق الاقتصادية في العالم ، وخاصة من الناحية ( الجيوسياسية ) حيث تفصل قارة أوروبا عن آسيا أي إنها في قلب منطقة ( أوراسيا )، وتأتي أهميتها الاقتصادية من أنها تشكل حاجزاً طبيعياً بين شرق أوروبا وغرب آسيا  وتحديداً تمتد من ( بحر قزوين ) و حتى (البحر الأسود ) وتضم الجمهوريات الجنوبية لروسيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان، وهي منطقة سياحية وتقع على تقاطع الطرق التجارية العالمية وتربة زراعية غنية وحاضنة للكثير من المجالات الإنتاجية  وتطل على البحر الأسود وخاصرة أساسية لروسيا وذات أبعاداً أمنية هامة لروسيا ، إضافة إلى كونها محطة هامة في المشروع الصيني العملاق (طريق الحرير ) حيث تشكل  منطقة القوقاز  عقدة وصل بين الصين وروسيا والدول الأوروبية وخاصة من ناحية تقل الطاقة ، كما أنها تشكل هدفاً لأمريكا من ناحية أنها تشكل نقطة ارتكاز لمحاصرة الصين وروسيا وإيران ، ومن هنا تريد أمريكا إرسال رسائل إلى كل من روسيا والصين وإيران على أنها ستتمدد في هذه المنطقة بحجة حماية أمنها  القومي الأمريكي ومن ثم مضايقة النشاط الصيني الاقتصادي ولا سيما الاستثماري والتجاري ، ويساعدها في هذا  تركيا وهي دولة من دول الناتو وتشكل  نقطة متقدمة لهذا الحلف العسكري ، والسيطرة على هذه المنطقة سيؤمن لأمريكا ربط اقتصاد القوقاز بأكملها بالاقتصاد الأمريكي أولاً ومع دول الناتو ثانياً ، وهذا يفسر توجه أمريكا وتركيا ومن وجهة النظر الاقتصادية للتدخل مثلاً  في حرب ( ناغورني كارباخ ) إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا، مستغلة المشاكل في أوكرانيا وميول قادة جورجيا للتوجه نحو الغرب ضد روسيا، وتسعى أمريكا أيضاً من تمددها في هذه المنطقة لممارسة الضغط  ضد روسيا وتواصلها مع سورية والبحر الأبيض المتوسط ذو الأهمية الجيوسياسية  الكبيرة ، ولا تتوقف المشاريع الأمريكية عند هذا بل يسعى المشروع الأمريكي للتمدد على منطقة آسيا الوسطى أيضاً ، وهي المنطقة التي تضمّ كل من (  أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان) و هي /5/دول وتدعى أحياناً  ( الاستانات الخمس ) لأن كل دولة منها تنتهي بكلمة ( ستان ) ، وهذه الدول تحتل موقعاً جغرافياً هاماً علماً أنها  لا تطل على أي من البحار المفتوحة لكن موقعها الجغرافي يجعلها ذات أهمية كبرى وخاصة من ناحية قربها من بحر قزوين ذو الموارد الكثيرة ، وهذه المنطقة تمتد من الصين وحتى بحر قزوين وإيران غرباً ويسكنها أكثر من 60 مليون نسمة، كما أن هذه الدول هي  أعضاء في منظمة ( شنغهاي ) ومعروف أن أمريكا تريد تقليل أهمية هذه المنظمة التي تعد أحد  المنافسين للاقتصاد الأمريكي ، فهل أصبح الصراع على الموارد الاقتصادية هو سمة  الاقتصاد الأمريكي ، ومهما دورت الإدارة الأمريكية الزوايا إلا أن العامل الاقتصادي هو الأهم والذي ينظم تصرفات الإدارة الأمريكية سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية ، فهل نعلنها حرباً ضد المشاريع الأمريكية والناتو قبل فوات الأوان ؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار