«ريان» وأحلام الطفولة!
الطفل ريان، الذي ابتلعته بئر عميقة خلال الأيام الماضية في إحدى المدن في المغرب العربي أدمى قلوبنا حزناً وألماً، وأثار في نفوسنا الشجون، وترك من حولنا نحن العرب تعاطفاً مع حدثه المثير الذي أودى بحياته إلى الموت بعد أن تعبَ كثيراً من وحشة البئر وظلامها الدامس وهو طفل صغير وبرعم من أغصان شجرة الحياة المورقة نحو المستقبل.
تعاطفنا مع الطفل ريان ومع عائلته التي لبست ثياب السواد، ومع أهلنا في المغرب العربي بهذا الحادث الجلل الذي هزّ ضمير الآباء والأمهات حزناً وأسفاً على الحياة البريئة التي زُهقت في بئر مظلمة وعميقة، كان الأجدر بالمسؤولين عن البيئة من أنفاق وأنهار وتعرجات أراضيهم ألا يصل إليها هؤلاء الأطفال الذين لا يفهمون عواقب الأمور في هذه المواقع الخطيرة التي يجب أن تكون بعيدة عن متناول الأطفال أو عليها سقوف آمنة لكيلا ينزلق فيها أي مخلوق يتعرض لخطر الموت.
كان الطفل ريان واحداً من الأطفال الذين كانوا ضحايا العوامل البيئية المثيرة التي لم يتم تأمين مخاطرها، فكان ريان هو الضحية التي لم يحالفها الحظ بالخروج من البئر رغم محاولات المنقذين المتكررة لإنقاذ هذا الطفل البريء الذي فارق الحياة وهو يندب حظه الذي لم ينقذه من الموت، وما نريد أن نقوله هنا إن متابعة الأطفال من اختصاص عائلاتهم «الأب والأم»، فهما المسؤولان عنهم في مرحلة الطفولة، ومن ثم الإشراف على تربيتهم وعدم تركهم في متاهات لا يعرف هؤلاء الأطفال عقباها، كما أن الدولة، أي دولة، من واجبها رعاية الطفولة، وعدم ترك منشآت البيئة ومشروعات التنمية وتعرجات الطرق من دون متابعة، فليس الطفل ريان هو ضحية «البئر المفتوحة»، بل هناك حوادث جمّة تحدث كل يوم في دول عديدة مثيلة لحادثة الطفل ريان، فبراءة الطفولة واحدة في كل زمان ومكان في المشرق العربي أو مغربه.
لـ«ريان» الرحمة، هو وردة قطفت من حديقة الأطفال العرب، حزنّا لحزن أهله وذويه وشعبه في المغرب العربي، وحبست أنفاسنا ثم انبلج الانحباس ليعلن عن «عرس للطفولة العربية» وكان «ريان» الرمز الحي الميت الذي أوجع قلوبنا ما بين الشام والمغرب العربي.