«مسرّات» الذكية..!
بينما كانت تعيش طقوس «الزميتة» بكل تفاصيلها من «طقطقة» الأسنان ورجفان الأبدان بعد انتهاء حصة عائلتها من الـ50 ليتراً من مازوت التدفئة في عزّ اشتداد موجة الصقيع والبرد، جاء زوجها مبتهج السريرة مختالاً كأنه حقق إنجازاً عظيماً لم يسبق له أحد، وما هي إلا دقائق قليلة حتى سرت العدوى وعلت أصوات الفرح والمسرّات أرجاء البيت، فرسالة تعبئة الـ50 ليتراً من الدفعة الثانية جاءت في التوقيت الصحيح بعد أيام قليلة من الإعلان عن توزيعها وعجز الزوج عن تأمين مازوت للتدفئة بأسعار “رحمانية” بعيداً عن تجار السوق السوداء وأفعالهم الناقصة.
فرحة “صديقتنا” المعروفة بتفاؤلها المعهود، بوصول رسالة تعبئة مازوت التدفئة، تشابه حال أغلب المواطنين، الذين ينتظرون رسائل البطاقة “الذكية”، التي تبشرهم بالتوجه لاستلامهم حصصهم من المواد المدعومة وتحديداً الغاز والمازوت، لدرجة بات يعدّها البعض “الهدية” وخاصة إذا جاءت في وقت حرج أو غير متوقع، من دون تفحص الرسائل أو برنامج “وين” عشرات المرات باليوم، وربما عدّها البعض دليلاً على الحظ السعيد، الذي لا يكون من نصيب من تتأخر رسائل مستحقاته، لكن هذه الفرحة المفاجئة قد تتحول إلى نكبة عند بعض محدودي الدخل والفقراء ولو لفترة وجيزة إن جاءت هذه الرسائل والجيب فارغ، فتبدأ عمليات الاستدانة والاقتراض، إذ لم تكن هناك قروش بيضاء مخبأة لمثل هذه الأيام ، ورغم ذلك يمنع أن تكون هذه الحالة “الداقرة” سبباً لتعكير صفو نيل بعض الدفء منعاً لمرور “الزمهرير” إلى الأجساد .
نيل بعض “المسرّات” وسط زحمة الضغوط المعيشية والظروف الاقتصادية الصعبة وحدها كفيلة بإدخال الفرح والتفاؤل إلى البيوت والقلوب، كحال صديقتنا، التي تصر رغم كل المطبات على التفاؤل بوجود الرسائل الذكية أو دونها، خاصة أن الأكثر مرارة قد عَبر، وحتماً سيكون هناك فرج قريب يرضي المواطنين كلهم .