عارف النكدي

تبوأ المرحوم والطيب الذكر الأستاذ عارف النكدي منصب محافظ السويداء بعد جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن وحصول سورية على استقلالها عام 1945.
وكانت الفترة التي كلّف فيها المرحوم النكدي بمنصبه بين عامي 1947- 1949.
المرحوم النكدي سليل عائلة لبنانية من الشوف متميزة بأدبها وأخلاقها وعلمها.
وكان اختياره موفقاً لهذا المنصب في واحدة من الفترات الحساسة للوطن عامة وجبل العرب خاصة، حيث تم الجلاء وتم تحقيق الوحدة السورية آنذاك بعد أن جزّأ المستعمر الفرنسي الوطن إلى دويلات طائفية، ناهيك بالفقر المدقع والعوز الذي كان حالّاً بالوطن عامة ومحافظة السويداء خاصة، حيث كان المهاجرون معدودين آنذاك ويتركز اقتصاد الجبل على إنتاج العنب والتين وحفنة قليلة من الحبوب.
وكانت العادة أن يفد أهالي المحافظة، مدينةً ونواحي وقرى، إلى مبنى المحافظة لتهنئة الضيف بالمنصب الجديد، ويقوم أثناءها الكرام المقتدرون اقتصادياً بدعوة «عطوفة المحافظ» إلى وليمة غداء أو غيرها.
وما إن وفَد الوافد الأول لمقابلة المحافظ الجديد ودعوته حتى بادره المحافظ بالسؤال: كم ذبيحة ستذبح إكراماً لي؟ ففوجئ صاحب الدعوة بالسؤال مجيباً بعصبية: أنا أقدّم كرامتي وما يليق بكرامتك، فتابع المحافظ: أعرف ذلك، ولكن أرجو أن تجيب عن سؤالي، فقال صاحب الدعوة: سأذبح إكراماً لك ثلاثة عشر خروفاً، وعلى الفور أجرى المحافظ وصاحب الدعوة عملية حسابية بسيطة فكانت نتائجها أن الدعوة تكلّف إحدى وتسعين ليرة سورية آنذاك، فمدّ المحافظ يده طالباً المبلغ وفوجئ صاحب الدعوة بالطلب، وبعد نقاش بسيط سلّم صاحب الدعوة المحافظ مئة ليرة سورية آنذاك، وتكررت المسألة مع كل من أراد دعوة «عطوفة المحافظ» الذي جمع المبالغ واشترى بها قطعة أرض شمال شرق السويداء ووضع الحجر الأساس لبيت اليتيم.
وزار المحافظ كلّ من دعاه مكتفياً بشرب فنجان قهوة مرّة وتسليم الداعين نسخة عن تبرعاتهم التي بنى بها آنذاك بيت اليتيم.
مبادرة فردية قام بها الطيب الذكر المرحوم الأستاذ عارف النكدي آنذاك تستحق الدراسة والتمحيص من كل مسؤول ذي نية حسنة وما أكثرهم في وطننا ليبادر المسؤولون الشرفاء ويساهموا في إعادة إعمار وترميم مشاريع حيوية يحتاجها المواطن والمجتمع، والمشوار يبدأ بخطوة مدروسة، والله ولي التوفيق لأصحاب الآراء السديدة والنيات الحسنة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار