السِّكَّةُ الصَّحِيحَةُ
كشف حساب حكومي بكل تفاصيله، وضعته السلطة التنفيذية أمام مجلس الشعب، ماذا حصل خلال العام ٢٠٢١، وما التوجهات التي ستركز عليها الحكومة خلال العام الحالي.
لم يختلف كثيراً عن البيانات السابقة، بل جاء شاملاً لما حصل بكل القطاعات من أعمال، ماذا تحقق وبالأرقام، إلا أن حجم التطمينات كان كبيراً، فالعام الجاري وخلال نصفه الثاني سيحمل للسوريين بوادر انفراج على صعد الطاقة والكهرباء، وتحسين دورة الإنتاج الاقتصادي والخدمي، وتحسين ورفع مستوى المعيشة.
بعيداً عن تفاصيل الكشف الحكومي لما حصل والتنبؤ بما تحمله الأيام المقبلة، فالمواطن السوري اليوم بقدر ما يثق بحكومته يتطلع ويأمل بأن تتحقق طموحاته سريعاً، صبر كثيراً وتحمّل حجم الصعاب وحالة الضيق، لكن لابدّ للغمة أن تزول..
حجم آماله زاد مع كل تأكيد رسمي بأن منتصف العام الجاري سيُحدث التغيير، وعلى صعد الطاقة، وتوفر كل الأساسيات، وعودة الإنتاجية بأعلى مستوى لها، ما يوفر تشكيلة واسعة وتعدد الخيارات، الأمر الذي يعزز من تقليل فاتورة الغلاء وتخفيض الأسعار..
يحلم بأن تتحقق توجهات حكومته حول إنهاء أزمة النقل، بدخول حافلات نقل جديدة، ربما تهيئ أرضية تؤمّن له تنقلاً لائقاً بعيداً عن أي استغلال، ويبقى الطموح عندما يطمئن بتحقيق مشروع التوظيف عبر تأمين فرص عمل لجيل الشباب.. ويبقى متطلعاً لأي جهود وإجراءات تصبّ في رفع مستوى معيشته وتحسين القوة الشرائية بعد الذي أصابها من تشوهات وانهيارات، وهذا لا يتم إلا من خلال خطوات ملموسة ومشروعات تحسن دورة الإنتاج الاقتصادي، وتلبية احتياجات الشريحة الأكبر بشكل يتواكب مع دخولها.
كما قلنا، حجم التطمينات كبير، أمام تَرِكة تحديات وضغوط صعبة، فأول ما يجب التركيز عليه وإعطاؤه الأولوية هو الاستمرار، وبقوة، بضرب كل قنوات الفساد، وهنا لا نقلل من إجراءات المتابعة، فلا شك بأن الدولة تسخّر كل أجهزتها الرقابية والأمنية لضبط حالات الفساد والتلاعب بالمال العام، واستغلال المنصب للكسب غير الشرعي، وتسعى من دون هوادة لاستئصال شأفة الفساد حيثما كان، إلا أن دور المجتمع والأشخاص لا يقلّ أهمية هنا كعين رقيب، وعون لأجهزة الدولة في كشف مكامن الفساد، والإبلاغ عن حالات الاستغلال والكسب غير المشروع، وهذا الدور الحيوي يرقى في بعض الحالات من كونه خياراً ليصبح واجباً قانونياً، إذ إن العلم بحالة فساد مكتملة الأركان، وعدم الإبلاغ عنها يرقى إلى وصفه واعتباره واقعة تستّر موجبة الجزاء.
كان حجم المبالغ التي كشفتها الأجهزة الرقابية حسبما جاء في كشف الحكومة بالمليارات في العام الماضي, وهذا يوضح حجم الخطر الذي تمثله هذه الآفة التي لم ينجُ منها مجتمع، فمبالغ بهذا القدر من المحتم أن تؤثر في الاقتصاد بكل مؤشراته، وهذا التأثير سيكون مباشراً من خلال فقدان هذه الأموال بحد ذاتها، وخروجها من القنوات المشروعة للاستفادة منها، وعلى منظومة الاقتصاد ككل، وهي آثار مدمرة لا شك.
إن تضافر كل الجهود في معالجة أي أخطاء, وتجنب أي ثغرات قد يفتح مجالاً للفساد والإهمال، أولوية, ولا يجوز التهاون مع أي حالة فساد أو تلكؤ وإن كانت صغيرة, فعظيم النار من مستصغر الشرر.