السُّوريُون.. عُيُونُهُم تَرنُو إِلَى المُستَقبَلِ
من الجميل والرائع أن تعيش في بلد قوي متماسك، بلد عانى ويلات حربٍ لا مثيل لها في التاريخ, بلد صمد وحقق انتصارات وبقي صامداً.. حرب وحصار وخنق اقتصادي فرضته قوى الشر والعدوان، إلا أن إيمانه كان كبيراً، وقناعته أن لا سبيل إلا المحافظة على كل ذرة تراب من تراب الوطن.. صحيح أن أغلبية أبنائه لا يتنعمون بكل عوامل الحياة ومستلزمات العيش، لكن تولّد في صدورهم حب الصمود والقدرة على التعامل مع الصعاب ومواجهة التحديات والطوارئ.
حدثان كانا الأبرز خلال الأيام القليلة الماضية سجلا نصرين جديدين في سجل الانتصارات لبلد قاوم ولا يزال يقاوم، فإذا كان الحدث الأول مهماً بمعنوياته ومدلولاته على الصعيد الدولي والثقافي, فإن الثاني لا يقلّ أهمية عن الأول بمضامينه تجاه مدينة حلب عاصمة الاقتصاد السوري، حلب التي نفضت غبار الإرهاب بعد ما عانت من براثنه وويلاته طويلاً، جاء الحدث الأول ليسجل نصراً جدياً لحلب أمّ القدود الحلبية وتسجيلها على قوائم اليونيسكو، بعد جهود جبارة من الأمانة السورية للتنمية والجهات المعنية في المحافظة على التراث السوري، وإبرازه وعدم المساس به، وترافق هذا النصر مع الدعم الحكومي الذي لم يبخل على حلب من دون غيرها من المحافظات السورية بالاهتمام والمتابعة وبث شعاع الحياة من جديد في كل مرفق طاله التخريب والدمار، جاءت الحكومة بمناسبة النصر, وما المشروعات التي دخلت حيز الإنشاء والتدشين وحجم الاعتمادات إلا مواصلة لمسيرة إحياء المدينة بكل جزئياتها، لتعود قاطرةً النمو والإنتاج.
صحيح أن المناسبات السعيدة في وطننا قليلة، فالهمّ المعيشي ثقيل على الشريحة العظمى, لكن بعض الأحداث كان لها شعور بالفخر والتباهي، بأننا أبناء هذا الوطن دون سواه, فرغم الجراح هناك انتصارات وشهادات تعطى بقوة الإيمان والحقوق لأبناء هذا البلد ومكتسباتهم، التي حاول كثيرون إضاعتها وسرقتها.. وقفز الفرح من قلوب الكثيرين، وكانت عيونهم تنضح أملاً وتفاؤلاً بالغد المشرق.. وما هذه المحطات المهمة إلا مجال آخر نستلهم منه كل معاني الإصرار والتحدي التي جسدها قائد الوطن على أرض الواقع وعلى كل الصعد, فلا رهان بعد اليوم سوى على إعادة توظيف إمكانات البلاد، فلا مستحيل مع العمل الجاد والرغبة في التغيير بهمة الجميع.
لندرك جيداً الجهود التي بذلتها الدولة والقيادة في حماية الوطن، وقد آتت ثمارها اليانعة، وأنقذت البلاد من مصير مجهول، وها هي اليوم تتابع مسيرة النماء لإعادة البناء من جديد, وإعادة توجيه الاقتصاد وفق تطلعات المواطن، ولم تتوقف برامج الإصلاح وخطط التطوير، وذلك للإيمان المطلق بأن سورية ستبقى دولة عصية وقوية بمكانتها المعروفة للجميع.