انتهى فصل الصيف ولم تنتهِ معه مشكلة المياه ومعاناة عدد كبير من أهالي محافظة اللاذقية ريفاً ومدينة منها والتي انهكتهم مادياً ونفسياً، حيث واقع المياه هذا العام أسوأ بكثير من الأعوام السابقة، حسبما ذكر أغلب مَن التقتهم ” تشرين” الذين قالوا إنه رغم الاشكاليات والاختناقات التي كانت تحدث في الأعوام السابقة إلا أن الوضع كان أفضل، فالانقطاع الطويل للمياه في الريف والذي يصل في بعض القرى لمدة خمسة عشر يوماً يجبرهم على شراء المياه من الصهاريج وتكبد أعباء مادية باهظة.
وطلب أهالي قرى كثيرة في ريف المحافظة الذين يعانون منذ أكثر من ثلاثين عاماً، من “تشرين” إيصال كلامهم هذا على الرغم من تكراره كل عام فلعله يلقى آذاناً مصغية لدى الجهات المعنية، وقالوا قرى الريف البعيدة عطشى، وسنذكر بعض آراء أهالي القرى على سبيل الذكر لا الحصر لأن عدد قرى أرياف جبلة والقرداحة والحفة واللاذقية التي لا تكتفي من المياه كثيرة لا يمكن تعدادها كلها، فقد قال بعض أهالي في قرى كل من حلبكو وقرن حلية وفرشات ونينتي وبشيلي وحبيت والبودي والعرقوب، القرندح، عين الحيات، الدليبات، شديتي، الحارة، جبلايا، عين التينة وكفرية، بيت الشكوحي: مللنا من هذا الوضع، الناس أرهقت مادياً ونفسياً من تعبئة المياه من الصهاريج بسبب الانقطاعات الطويلة، فكل ثلاثة أيام نشتري صهريج مياه سعة خمسة براميل ما بين ١٥ – ٢٠ ألفاً، فالوضع المادي حالياً للأغلبية لا يتحمل أعباء إضافية، ناهيك بتوترنا وانقضاء يومنا ونحن نتصل عدة مرات حتى يرد، وعندما يرد يبدأ موشحه أنه مشغول بتأمين المحروقات وغلاء المازوت ليبرر ارتفاع سعر الصهريج.
وتساءل الأهالي: متى ستنتهي معاناة الريف ولماذا لا يستثمروا مياه نبع السن بدلاً من ذهابها للبحر؟ مضيفين: ليس السبب هو شح الأمطار كما يقولون، إذ لم تشح الأمطار سوى خلال العامين الماضيين بعد سنين من الأمطار الغزيرة، فأين كان المعنيون عبر حقب متتالية وماذا فعلوا عندما كانت المياه تذهب للبحر، وما نفع خلية الأزمة الآن التي شكلت في المحافظة، وأين مشروعاتهم وخططهم التي يجب أن تتناسب مع التزايد السكاني والعمراني وحل مشكلة الكهرباء التي لها دور كبير في ضخ المياه أم إن الأفكار لا تأتي حتى تقع المشكلة ليبدؤوا بالحل ووقتها لا تنفع الحلول؟.
ما سبق هو حال القرى البعيدة، وإن كان وضع المدن (اللاذقية- جبلة – القرادحة- الحفة) جيداً إلا أن هناك اختناقات حدثت في بعض الأحياء حلّ بعضها والبعض الآخر لم يحل، فعلى سبيل المثال مشكلة الدعتور وبسنادا حلت بعد إعفاء محطة ضخ بسنادا من التقنين الكهربائي، لكن بعض حارات الأحياء الأخرى كالرمل الجنوبي والصليبة وغيرهما لم تحل، وقال عدداً من سكان اللاذقية: إن مشكلة الكهرباء لها دور كبير في وصول المياه للطوابق العالية، فهناك كثر لا يستفيدون من مجيء المياه ،إذ ساعة لا تكفي لتستفيد كل الأبنية التي تم ضخ المياه لها، أو تصل ضعيفة، ففي بعض الحارات بسبب قدم الخطوط واكتظاظها وصول المياه مع هذا التقنين الكهربائي يجعل البعض لا يستفيد بشكل جيد.
كذلك الأمر في مدينة جبلة فمازالت مشكلة بعض الأحياء كحي الفيض وضاحية التضامن وجزء من حي النقعة وغيرهم يعانون، كما قال بعض أهالي هذه الأحياء، على الرغم من عمل مؤسسة المياه على قسم المدينة إلى قسمين شمالي وجنوبي وكل قسم يشرب يوماً لمدة خمس ساعات، إلا ان المشكلة ما زالت قائمة، وطالب البعض بعودة المياه كل يوم، والعمل على معالجة مشكلة الكهرباء مع شركة الكهرباء بدلاً من تقسيم المدينة، فالمشكلة ستحل نوعاً ما عندما تأتي الكهرباء ساعتين عندئذ سيحصل عليها الأغلبية، وتبقى هناك حالات فردية لعدة أسباب نهاية الخط أو البناء قديم أو خط المياه قديم أو ما شابه ذلك.
وقد تواصلت ” تشرين” مع المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في اللاذقية المهندس طارق اسماعيل الذي عزا سبب نقص المياه إلى الحرب على سورية والتزايد السكاني والعمراني الكبير وغير المنتظم، حيث تم إنشاء ضواحٍ سكنية و تجمعات سكانية كبيرة من دون التنسيق مع مؤسسة المياه لبيان كفاية المصدر المائي وملاءمة أقطار شبكات المياه المحيطة والقريبة لهذه التجمعات وخصوصاً بمناطق المخالفات والعشوائيات ( سقوبين ـ جب حسن ـ الدعتور ـ الرمل الجنوبي ـ السكنتوري وغيرها ) إضافة إلى ظروف التقنين الكهربائي الطويل، التي لم تمكن بعض المشتركين في الطوابق العليا من سحب المياه من الشبكة .
وأشار إسماعيل إلى أن المؤسسة قامت بمعالجة العديد والكثير من الاختناقات في المحافظة مدينة وريفاً، إضافة إلى استبدال بعض الشبكات القديمة ومجموعات الضخ القديمة، كما تم رفع التقنين الكهربائي عن العديد من محطات الضخ بالمؤسسة، أما خلية الأزمة فقد قامت بمراقبة وضع مياه الشرب بالمدن الرئيسة والقرى، وتمت معالجة الكثير من حالات نقص المياه باستخدام صهاريج لمياه الشرب تابعة لدوائر الدولة ( الخدمات الفنية ـ الزراعة ـ الموارد المائية ) إضافة لصهاريج المؤسسة .
وبالنسبة للإجراءات والخطط الحالية والمستعجلة لنبع السن وغيرها، بيّن اسماعيل أن المؤسسة تقوم بالتعاون مع مديرية الموارد المائية بتحسين واقع مياه الشرب، حيث تم إعداد دراسة لتنفيذ محطة ضخ جديدة على نبع السن مباشرة لتأمين ما يقارب (70000م3 /باليوم ) إضافية للمحافظة وقد تم تنفيذ خزان سعة 6000م3 على سفح جبل قرفيص وتبقى تنفيذ المحطة وخط الضخ، كما قامت المؤسسة بإعداد دراسة والتعاقد مع شركة روسية لتنفيذ مشروع محطة تصفية سد 16 تشرين لتأمين ما يقارب (80000 م3/باليوم ) لدعم القسم الشمالي من مدينة اللاذقية مع الريف القريب . كمية المياه المتوقع إنتاجها من محطة السن الجديدة ومحطة تصفية سد 16 تشرين ستعود بالفائدة لكل المحافظة مدينة وريفاً بحيث يوزع جزء من حصة المدينة من مياه نبع السن الى بقية أرياف المحافظة وخصوصاً البعيدة منها.
وأشار إسماعيل إلى انه يتم حل معظم المشكلات والحالات الفردية للأبنية ونهايات شبكات المياه ببيان إمكانية زيادة التغذية الكهربائية للمشتركين من قبل شركة الكهرباء ليتمكنوا من سحب المياه من الشبكة، كما تقوم المؤسسة وبشكل سريع بحل كل الاختناقات والانقطاعات في شبكات المياه بالمناطق والأحياء المتأثرة وخاصة ما ورد في شكاوى المواطنين ببعض أحياء مدينتي اللاذقية وجبلة وبعض القرى البعيدة، وقامت المؤسسة أيضاً برفع التقنين الكهربائي عن محطات كثيرة تزيد على ( ست محطات ) خلال عام 2021 إضافة الى ( ثماني محطات ) قريباً.