وزير التجارة الداخلية للإعلاميين: استبدال الدعم بمبالغ مالية فكرة لم تنضج بعد
لم يفرغ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم ما في جعبته من معلومات حول الكثير من القضايا والإجراءات المتعلقة بعمل وزارته لحماية المستهلك , ولا حتى المتعلقة بقضايا الدعم الذي تقدمه الحكومة للمواد الأساسية , أو حتى مبررات ارتفاع الأسعار بالشكل المطلوب , أمام الإعلاميين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر اليوم في مبنى وزارة الإعلام , ولكنه كان دبلوماسياً في رده على استفسارات وطروحات الإعلاميين , ومقاربته للمستهلك في حديثه وإقراره رفع أسعار الغاز ووصفها بالمؤلمة (لكن محاكاة الواقع تتطلب ذلك) بقصد توفير السيولة لتأمين المطلوب وتخفيض فاتورة استيرادها قدر الإمكان ..
وبالعودة إلى حديث الوزير سالم في بداية المؤتمر فقد أكد على صعوبة المرحلة وخاصة لجهة تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين بسبب الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية من جهة وارتفاع تكاليف الحصول عليها ونقلها من جهة أخرى , إلا أن تدخل الحكومة كان في تأمين المطلوب عبر قنواتها الرسمية ولاسيما «السورية للتجارة» التي تراجع دورها نتيجة بعض الأخطاء الإدارية والإجرائية التي ارتكبتها الإدارة السابقة حيث تم تغييرها لمعالجة الواقع المزري الذي وصلت إليه , ووضع رؤية صحيحة وتبني استراتيجية جديدة تستطيع «السورية للتجارة» من خلالها ممارسة دورها الحقيقي واتساع دائرة تدخلها الإيجابي وتأمين ما يلزم من حاجات المواطنين من أجل تحقيق الأثر المطلوب من هذا التدخل , وخاصة أنها اعتمدت أسلوب الشراء المباشر من المنتجين والاستغناء عن وساطة التجار على تنوعها واختلافها من تخفيض فاتورة الكلف والبيع بأسعار منخفضة عن الأسواق يلمسها المستهلك بصورة مباشرة ..
وهذا الأمر يشكل في مضمونه وشكله ذراعاً قوية وفعالة في السوق , إلى جانب ذراع أخرى لا تقل أهمية عنه تكمن في حماية السوق عن طريق الجهاز الرقابي الذي يمارس أعمال الرقابة ومكافحة أعمال الغش وقمع المخالفات بكل أنواعها وأشكالها، والأهم ضبط الأسعار وتوفير الأمن الغذائي وسحب المواد المنتهية الصلاحية والمخالفة للمواصفات حيث تم ضبط كميات كبيرة في الأسواق وإحالة المخالفين إلى القضاء المختص وفق الأصول القانونية ..
أما فيما يتعلق برغيف الخبز وجودته فقد أكد الوزير سالم سعي الوزارة إلى اتخاذ كل الإجراءات التي تكفل وصول الرغيف بالجودة المطلوبة إلى المستهلكين, معتبراً أن عملية نقله من الأفران عن طريق المعتمدين لم تكن صحيحة وتؤثر بصورة سلبية في جودة الرغيف , وهناك قرار سينفذ قريباً يتعلق بكيفية تأمين المادة , مع تأكيده على مجموعة مشكلات مازالت الوزارة تعانيها أهمها تأمين الدقيق التمويني ومشكلة المطاحن العامة وتراجع طاقاتها الإنتاجية بسبب خروج العديد منها بسبب الاعتداءات الإرهابية وتخريبها لهذا المكون الصناعي الهام , إلى جانب ضعف الصيانات الدورية خلال السنوات الماضية ..
لكن اليوم هناك ورشة عمل كبيرة في جميع المطاحن العامة من أجل أعمال الصيانة وإعادة التأهيل بقصد زيادة الطاقات الإنتاجية وعودتها إلى سابق عهدها وزيادتها قدر الإمكان .
أما فيما يتعلق بمادة الغاز والقرار الأخير في رفع أسعاره فقد أكد الوزير سالم أن القرار مدروس من قبل الحكومة , وأنه جاء بطلب من وزارة النفط وموافقة اللجنة الاقتصادية , وبالتالي نحن جميعاً نتبنى هذا القرار رغم قساوته وألمه على الجميع , لكن لابدّ منه من أجل تأمين فاتورة الاستيراد, علماً أنه رغم رفع سعره الأخير فإن الحكومة مازالت تدعم المادة بمبلغ 80 مليار ليرة ومقدرة لأربعة ملايين أسطوانة.
وأوضح أن الارتفاع السعري للغاز ليس لدينا فقط بل عالمي حيث رفعت العديد من الدول أسعارها لتجنب أزمة نقص إنتاج المادة , إلى جانب الإجراءات الاقتصادية الظالمة على بلدنا والتي تحد من قدرتنا على تأمين المادة بالصورة المطلوبة , وأمر آخر يتعلق بارتفاع تكاليف النقل عالمياً والتي تعد سابقة لم يشهدها العالم سابقاً نتيجة ظروف “كورونا” وغيرها..
ونفى الوزير سالم كل الشائعات المتعلقة بتخلي الحكومة عن الدعم وقال ليس لدى الحكومة أي خطة أو قرار أو نية في رفع تدريجي للدعم , وإنما هناك عملية استبعاد للفئات التي لا تستحق الدعم كالتجار والفئات الميسورة من المجتمع وتصويب هذا الدعم نحو الفئات التي تستحقه , وبالتالي الحكومة ستبقى داعمة لكل من يستحق الدعم , ولن تقبل حرمان أي فرد من دعم يستحقه بما فيها الحالات الخاصة والتي تبحث فيها الحكومة للوصول إلى إجراءات تسمح بوصول الدعم لها..
أما فيما يتعلق برده على أسئلة الإعلاميين فقد كانت محددة ودبلوماسية وخاصة فيما يتعلق بارتفاع الأسعار معتبراً أن ارتفاع أسعار الغاز مرتبط بالكميات المتوافرة في السوق , موضحاً أن الفئات التي تحاول الحكومة استبعادها من مسألة الدعم في مقدمتها التجار , والمساهمون الكبار والمتوسطون , وكبار المكلفين لدى وزارة المالية والمحامون والأطباء والمحاسبون الذين أمضوا بالخدمة أكثر من عشر سنوات، إلى جانب مدراء المصارف الخاصة , والمساهمين بأنشطة اقتصادية ربحيتها عالية ..
وفي معرض رده على سؤال الإعلاميين عدم مراعاة الحكومة في قراراتها مستويات الدخل فقد أكد الوزير سالم أن الحكومة تأخذ بالحسبان دخل المواطن وانعكاس أي قرار عليه , لكن واقع البلد وصعوبة تأمين المواد والحصار الغربي الاقتصادي الظالم كلها أسباب مؤثرة سلباً وتضاعف فاتورة تأمين أي مادة أساسية..
أما فيما يتعلق بموضوع استبدال الدعم بمبالغ مالية فقد أكد الوزير سالم قناعته بالفكرة وهو من المؤيدين لها منذ زمن لكنها بحاجة إلى مزيد من الإجراءات والدراسات من قبل الجهات المعنية قبل اتخاذ هذه الخطوة , وسنصل إليها يوماً, لكن حالياً هذا الإجراء لم ينضج بعد ..
وتعليقاً على دعم الوزارة لقطاع الدواجن بقصد تخفيض الأسعار فقد أكد سالم دخول «السورية للتجارة » على خط تأمين المواد العلفية لمربي الدواجن وخاصة الأعلاف الناتجة عن صناعة الزيوت و وتأمينها بصورة مستمرة بقصد مساعدة القطاع في تخفيض أسعاره وتسويق المنتجات عبر الصالات والمراكز التابعة لها في كل المحافظات..
عدسة : طارق الحسنية